شن الحرب ضد ايران رسمت بنفس سيناريو احتلال العراق وليبيا ولكن الرد الإيراني غير قواعد لعبه

شن الحرب ضد ايران رسمت بنفس سيناريو احتلال العراق وليبيا ولكن الرد الإيراني غير قواعد لعبه

في ظل التصعيد المتواصل بين ايران من جهة والولايات المتحدة واسرائيل من جهة اخرى يبرز سؤال محوري يشغل مراكز التفكير وصناع القرار وهو هل يمكن للخيارات العسكرية ان تحقق اليوم ما حققته في العراق وليبيا وهل تستطيع الضربات الجوية او عمليات التدخل المحدودة ان تفضي الى نتائج استراتيجية مشابهة لتلك التي احدثت تغييرا في انظمة الحكم خلال العقود الماضية ام ان ايران حالة مختلفة تماما تقف عندها الحسابات العراق حين تعرض للهجوم العسكري كان نظامه السياسي فاقدا للشرعية داخليا وخارجيا منعزلا عن بيئته العربية والاقليمية محاصرا اقتصاديا وعسكريا لا يملك حلفاء اقوياء ولا ادوات ردع فعالة وكانت المعارضة حينها تستعد للعب دور داخل اللعبة الدولية اما ليبيا فقد كانت تعيش انقساما داخليا ونظاما مبنيا على شعارات فارغة من المضمون مما جعل التدخل الخارجي مدعوما دوليا وقادرا على احداث انهيار سريع ومباشر في مؤسسات الدولة

ايران على العكس من ذلك استطاعت بعد حربها الطويلة مع العراق ان تعيد بناء منظومتها العسكرية والامنية وان تطور صناعاتها الدفاعية بشكل كبير متجاوزة الحصار ومتحاشية نقاط الضعف التي اسقطت غيرها لقد شيدت شبكة تحالفات متينة مع قوى دولية كبرى مثل روسيا والصين كما بنت قدراتها الذاتية اعتمادا على رؤية استراتيجية طويلة المدى اخذت بالحسبان ان المواجهة القادمة لن تكون مع جوار اقليمي بل مع قوى عظمى في ميدان معقد ومتشعب

والمعارضة الايرانية رغم خلافها مع النظام السياسي اعلنت بوضوح انها لن تكون اداة لاي تدخل اجنبي وانها تقف مع الوطن في مواجهة اي خطر خارجي وهذا بحد ذاته اسقط الرهان الغربي على تفجير الداخل الايراني كما حصل في العراق وليبيا الحرب فعليا وقعت لكن بطريقة غير تقليدية فقد شنت واشنطن وتل ابيب عمليات اغتيال وهجمات سيبرانية واستهدافات لمواقع استراتيجية غير ان الرد الايراني جاء محسوبا وحاسما وفي بعض الاحيان مفاجئا وغير متوقع مما احدث ارباكا لدى صناع القرار الاميركي وادى الى اعادة ترتيب الاوراق وتقييم كلفة التصعيد المفتوح الدبلوماسية الايرانية كانت حاضرة بقوة في قلب هذه المواجهة حيث ظهرت مرونة ذكية في ادارة الملفات الكبرى واستطاع دبلوماسيون مثل عراقجي ان يؤثروا على مواقف دولية وان يفتحوا نوافذ تفاهم في وقت كان التصعيد سيد الموقف البيئة الدولية نفسها لم تعد تخدم الطموحات الاميركية كما في السابق فالعالم اليوم منشغل بحرب كبرى في اوكرانيا تهدد امن اوروبا والصين تصعد بثبات كمنافس عالمي والشرق الاوسط نفسه يعاني من تداعيات حرب غزة وتقدم محور المقاومة على اكثر من جبهة الامر الذي يجعل من فكرة تشكيل تحالف دولي ضد ايران امرا صعبا ومليئا بالعقبات الخيارات المتاحة امام واشنطن اليوم باتت محدودة الضغط الاقتصادي فقد الكثير من تأثيره الحصار لم يمنع ايران من تطوير قدراتها العسكرية والسياسية الحلفاء التقليديون في المنطقة يعيشون حالة من التراجع او اعادة التموضع الرهان على انهيار داخلي ثبت فشله والمغامرة بحرب شاملة باتت مغامرة مكلفة بلا نتائج مضمونة الردع الايراني اليوم قائم على اسس متعددة قوة صاروخية متقدمة شبكة حلفاء اقليميين جاهزين للحركة في اي وقت قدرات سيبرانية واعلامية وحضور سياسي في اكثر من عاصمة توازن بين الداخل والخارج ومرونة تكتيكية عالية في ادارة الازمات كل ذلك يجعل من ايران رقما استراتيجيا معقدا في معادلة المنطقة  ان تكرار سيناريو العراق او ليبيا في الحالة الايرانية ليس امرا واردا بل يبدو مستحيلا ضمن المعطيات الحالية فالحرب المفتوحة لا تضمن نتائج سريعة والضربات المحدودة لم تؤت ثمارها والبيئة الدولية تزداد تعقيدا كل يوم لذلك ستظل المواجهة قائمة لكن ضمن حدود مرسومة وخطوط حمراء يدرك الجميع انها متبادلة وقابلة للاشتعال الكامل في اي لحظة اذا ما تم تجاوزه .

أحدث المقالات

أحدث المقالات