الإيديولوجيا كحلقة مركزية في المقاربة العلمية للسينما (2)

الإيديولوجيا كحلقة مركزية في المقاربة العلمية للسينما (2)

خاص: بقلم- د. مالك خوري*

*أ. د. مالك خوري؛ هو باحث وناقد ومنَّظر أكاديمي في الدراسات السينمائية، ويرأس قسم السينما في الجامعة الأميركية في القاهرة.

 

( ج ) – الإيديولوجيا كرافد أساس للقراءة العلمية للسينما

ومع تطورها ضمن سياق تاريخي بدأ في نهاية الألفية الثانية وما زال مستمرًا مع بدايات الألفية الثالثة، فُرض على السينما (شاءت ذلك أم أبت)، أن تضطلع بحيّز أساس من رفد وتكوين معالم البُنية الإيديولوجية للإنسان وبالتالي في تحديد اختياراته الفكرية ضمن مرحلة مفصلية ربما تكون الأكثر خطورة في تاريخ البشرية. فالقرنان اللذان رافقا نشوء السينما وتطورها حتى اليوم شهدا، وما زالا يشهدان، على مرحلة وصلت فيها القوى الطبقية الرأسمالية (في مرحلتها الإمبريالية) إلى التحكم بالعالم من خلال قوى وتقنيات تدميرية (حربية وغير حربية) غير مسبّوقة. وهذا التحكم أصبح يجعل من “الإنسان” رهينة لدى هذه القوى الطبقية التي تُهيّمن على مقدَّراته ومصيّره، والقادرة عمليًا على تدمير البشرية والبيئة التي يقطنها الإنسان مئات مضاعفة من المرات.

توسعت اتجاهات التحليل الإيديولوجي للسينما (كأحد أهم المفاصل النظرية لتطور النظرية السينمائية)، وذلك بالتدريج من التركيز على الاقتصاد السياسي للثقافة ومن ضمنها السينما (مدرسة فرانكفورت كان لها دورٍ مركزي في ظهور وفي تطور هذا الاتجاه)، مرورًا بالتركيز على الموضوع/ القصة والثيمة العامة للفيلم، ثم إلى تحليل النص السينمائي ودراسته في إطار الأشكال الإيديولوجية لتركيبته اللغوية والنصية، ثم مرورًا بدراسة أطر المشاهدة والتلقي وكيفية مسَّاهمتها في بلورة الوقع الاجتماعي للعمل الفني.

فمنذ بدايات تكونها، وحتى يومنا هذا، شهدت السينما على نشوء وتطور توجهات نظرية ركزت بشكلٍ أو بآخر على دورها كفاعل وكمتفاعل إيديولوجي في حياة الإنسان المعاصر. وبالتالي، فإن محاولة فهم أو تقيّيم تطور التنظير السينمائي بمعزل عن استيعاب تفاعله المسَّتمر والمتعدَّد الأشكال مع مفهوم “الإيديولوجيا” لا يفصل فقط بين هذا التنظيّر وواحد من أهم مصادره النظرية تاريخيًا، بل إنه يُعيّق وإلى حدٍ كبير قُدرتنا على استيعاب الخصوصيات المتعلقة بكل من الأطر التي ميّزت التنظير السينمائي في مراحل مختلفة من تاريخه.

وفي صُلب كل هذه الاتجاهات النظرية التي تناولت طبيعة ودور السينما كان هناك موضوع الثقافة في مرحلة الرأسمالية المعاصرة، والسينما كجزء أساس في الواقع الجدلي لهذه الثقافة، وكيف أن القوى المهيمنة في علاقات الإنتاج الاقتصادية، هي التي تحسم في النهاية (overdetermines) المعالم العامة لأشكال إنتاج وتسويق وتلقي السينما. وبالتالي، فإن الطبقة المهيمنة داخل نظام العلاقات الرأسمالية هي التي ترسم في النهاية الأطر والأشكال الأساسية الأكثر نفوذًا في فرض الهيمنة الإيديولوجية العامة للسينما كممارسة ثقافية وكنظام عام فاعل داخل النظام الرأسمالي. من هنا كان وما يزال ترداد مقولة أن فيلمًا، أو مجموعة أفلام لن تغير بحد ذاتها نظامًا سياسيًا أو اقتصاديًا سائدًا.

والحيز الأكبر من الأهداف المعلنة للتنظيرات السينمائية حتى اليوم ركز على دراسة وتقييم ورسم العلاقة مع ما هو متعلق “بالسينما السائدة”. ومفهوم السينما السائدة ممكن أن نربطه بالشكل العام المهيمن على الصناعة السينمائية بوجهها العام، والذي يعتمد على واحد أو أكثر من أطر الإنتاج، أو التوزيع أو التسويق أو العرض السينمائي، السائدة سواء على المستوى المحلي أو العالمي. فهذه الأطر، وإن كان بعضها قد اتسم في مراحل تاريخية معينة ببعض الاستقلالية النسبية العامة، أو بالقدرة على “التحييّد” النسبي لبعض الأدوات المهيمنة داخل “السينما السائدة”، فهي بمجموعها أو بمفردها، وبشكلٍ أو بآخر، لعبت وما زالت تلعب دورًا رئيسًا في تحديد شكل ومحتوى الفيلم السينمائي والثقافة السينمائية بما يتلاءم مع، أو على الأقل لا يُخالف، المصالح العامة أو الاتجاهات الفنية، الأخلاقية، أو السياسية للطبقة الرأسمالية المهيمنة. وهذا لا يستبّعد تلك المعبّرة عن التوجهات “الليبرالية” داخل هذه الطبقة، والتي ساهمت تاريخيًا في امتصاص التشَّنجات الطبقية والسياسية التي كانت تطبع مراحل الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تعيشها المجتمعات الرأسمالية سواء في دول المركز أو في الأطراف.

بيد أن تفاعل الإيديولوجيا مع السينما والثقافة بشكلٍ عام (وعلى الرغم من خضوعه في النهاية لسيطرة مصالح وتصورات الكتل الاقتصادية والاجتماعية المهيمنة) يتسم أيضًا بتعقيدات وتفصيلات تجعل من الهيمنة الإيديولوجية فيه محطة مفتوحة ومتأثرة دائمًا بتحديات وصراع التناقضات فيما بين الطبقات المهيمنة نفسها، وفيما بين تلك الطبقات وتلك المهيمَن عليها والفئات الاجتماعية الأخرى المهمشة. فواقع كوننا “تابعين” إيديولوجيًا لا يعني أننا غير قادرين على التفاعل المستقل نسبيًا مع واقع الهيمنة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية السائدة.

والتنظير السينمائي استفاد بوضوح من تحليل طبيعة الهيمنة الرأسمالية (Capitalist Hegemony)، خصوصًا ما يتعلق منها بتطوير فهم دور الإيديولوجيا في الصراع الطبقي. فالتطوير النظري للزعيم الشيوعي الإيطالي آنطونيو غرامشي لمفهوم “الهيمنة” كساحة لا تلغي واقع الهيمنة الطبقية لرأس المال ولا تُقصّي تناقض مصالحها الطبقية مع مصالح الطبقات العاملة حتى في إطار هيمنتها الطبقية العامة، كان له دورٌ هامّ في فهم وموضعة الممارسات السياسية والثقافية البديلة أو المغايرة أو المتمايزة طبقيًا عن تلك الهيمنة.

والواقع الجدلي للصراع ضمن أطر الهيمنة الطبقية، عبرت عنه بدورها، وبأشكال مختلفة منذ ستينيات القرن الماضي، ما اصطلح البعض على وصفه بالسينما “البديلة”. والتعبير الأصح علميًا برأيي هو السينما “غير السائدة”، لأنه يصف المحاولة “الواعية” (Conscious) لهذا النوع من العمل أو الممارسة السينمائية لاستبعاد بعض الأدوات السائدة أو المهيمنة في تكوين شكل أو محتوى التواصل السينمائي.

وبالرغم من أن تاريخ السينما شهد ملامح عديدة لبزوغ ممارسات سينمائية مغايرة، سواء على صعيد المضمون أو الأسلوب، والتي استطاعت الصمود في وجه محاولات المنع الصريح أو المحاصرة أو التهميش أو التجاهل، فإن البُنية الإيديولوجية العامة للسينما السائدة بقيت في النهاية قادرة على استيعاب هذه التمايزات، وعلى استعادة المبادرة لإعادة تأكيد هيمنتها العامة في هذا الإطار. كما كان يجري هذا (وما يزال) عبر الاتجاه لمحاولة “تحييّد” أو استيعاب تلك التمايزات السينمائية من داخل نطاق البُنية الإيديولوجية المهيمنة وذلك عبر، أولًا: استيعاب المضامين أو الأفكار “المغايرة” أو “البديلة” في إطار مقولات الديمقراطية البرجوازية التقليدية حول “احترام وتقبل التنوع والرأي الآخر”، والخطاب الليبرالي “المنفتح” للسينما الأميركية والأوروبية في تعاملها مع قضايا المهمشين اجتماعيًا أو المرأة أو البيئة بشكلٍ عام (وكلاهما يُمثّل جوهرًا تنفيسيًا في وجه الفهم الطبقي الثوري البديل لطبيعة بعض تلك التمايزات). وثانيًا: استيعاب المكونات “المغايرة” في الشكل والأسلوب السينمائيين كديناميات “تجديدية” يمكن الاستفادة منها ضمن البُنية المهيمنة للسينما السائدة أو كمكمّل لها (مساهمات أيزنستين، “الواقعية الجديدة”، غودار، أو السينما التجريبية، وغيرها هي أمثلة تاريخية أساسية هنا).

إذًا، فإن أهم مرحلة في تاريخ تطور النظرية السينمائية وانتقالها من التعاطي الأحادي مع محتوى وشكل النص الفيلمي (وفيما بعد بالعلاقة مع الصانع أو المؤلف السينمائي)، بدأت في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. ومنذ تلك الفترة اتجهت تدريجيًا الأبحاث والدراسات السينمائية بعيدًا عن بعض الجذور الأقدم للتنظير السينمائي والتي ركزت على مناحي دراسة اللغة السينمائية، المخرج، أو النوع السينمائي. وشهدت نظريات ومنهجيات دراسة السينما توسعًا تدريجيًا وتراكميًا في قراءتها لطبيعة العلاقة بين العمل السينمائي من ناحية، ومكونات الاقتصاد السياسي للعمل وللصناعة، ومتغيرات التقنية على اختلافها، وديناميات المشاهدة والعرض والتلقي، من ناحية ثانية. كل هذا أتاح المجال أمام ظهور دراسات أكثر تفصيلًا وشمولًا في مقاربة واقع الثقافة السينمائية بأطرها الأوسع، وكذلك في رصد تفاعلاتها مع عدة عوامل اجتماعية وجغرافية وتاريخية وديموغرافية تمثل (وإن بأشكال ومستويات متباينة) حيزًا فاعلًا ضمنها. ومع مساهمة هذه التطورات في رسم أهداف أكثر تحديدًا للجوانب العديدة للممارسة السينمائية، بقي من الواضح أن هذه التعددية كانت في النهاية تُبلور نقاشات أكثر علمية وتُراكم أبعادًا غير مسيوقة وأكثر تعقيدًا لفهمنا الإيديولوجي لكيفية تفاعل السينما مع واقعنا الاجتماعي.

لكن، على الرغم من أن القراءة الإيديولوجية للسينما قد مثلت أحد أهم الأطر التي تم من خلالها تطوير النظرية السينمائية على مدى قرن ونيف من ظهور السينما، فإن هذا التقييم اتسم ضمن مراحل معينة بنزعة “تجزيئية” (Fragmentary) لدى استعماله وتطبيقه على أرض الواقع. فبالرغم من أن معظم المدارس والنماذج البحثية أو الدراسية عن السينما قد استلهمت أو ارتكزت بشكل عام على العلاقة التي تربط بين الإيديولوجيا والسينما، فإن العديد منها ركز اهتمامه على أطر ومكونات منفردة لهذه العلاقة، وباعتبار أن كلًّا منها يُمثّل عاملًا “حاسمًا” ومقرِّرًا لشكل أو أهمية العلاقة الإيديولوجية مع السينما. وبالتالي، فإن ميل العديد من المنظّرين للتعامل مع واحد، أو مع بعض، من هذه العناصر بطريقة تفضيلية أو حصرية عن العناصر الأخرى أدى إلى قصور في فهم العلاقة الجدلية بين هذه المكونات ككل من ناحية، وتأثير تقاطعها الفردي والجماعي على طبيعة السينما كعامل إيديولوجي شديد التعقيد والنفوذ في عالمنا المعاصر، من ناحية أخرى.

على سبيل المثال، حين اتجه منظرو الستينيات والسبعينيات نحو تقيّيم البُنية اللغوية للسينما وتقاطعات ذلك مع نظريات التحليل النفسي وماركس، فهم كانوا يميلون إلى النظر نحو هذا المكون بنفَسٍ يميل إلى الحصرية، مما كان يفسح في المجال أمام وضع هذا القراءة المحددة في تعارض مصطنع (على سبيل المثال لا الحصر) مع تقييم مضمون أو موضوع العمل السينمائي. أي أن المنظّرين البنيويين في حينه ركزوا على البنية اللغوية (وامتداداتها في التلقي النفسي للمشاهدة السينمائية كما توسع كريستيان ميتز في درسها)، ليس كأمثلة أو أطر محددة لأشكال عديدة ومحتملة لعمل الأيديولوجيا في الممارسة السينمائية، بل كتجسيدات حصرية لشكل عمل الأيديولوجيا في هذا الحيز الأساسي من ثقافتنا المعاصرة. وكذا فعل فيما بعد أولئك الذين شددوا على ديموغرافيات العلاقة بين السينما من ناحية، والمشاهد أو المتلقي أو أشكال التقنيات الفنية، أو والاقتصاد السياسي للإعلام والاتصالات، حين رفض بعضهم الأخذ بالاعتبار الأطر اللغوية والنفسية والسياسية للممارسة السينمائية.

بيد أن نماذج قراءة مكونات علمية محددة داخل وحول الممارسة السينمائية (الكلاسيكية منها والأكثر حداثة)، لا تمثل بالضرورة منهجيات منفصلة عن بعضها أو متعارضة فيما بينها، وان كانت تتسم في معظمها بالتركيز على اطر وأهداف محددة لأهداف وأولويات أبحاثها. بل إنها تعبّر موضوعيا في مجموعها عن تراكمات قراءات متقاطعة ومتنوعة وأكثر جدلية لتلك الممارسة.

إن توسع اتجاهات ومحاولات الفهم العلمي للسينما بامتداداتها المتنوعة على مدار أكثر من قرن، شكل أكثر الأطر تماسكا للفهم النظري للسينما كواحدة من أهم ركائز الثقافة الشعبية المعاصرة وأكثرها نفوذا في رسم معالم الثقافة في مرحلة الرأسمالية المعاصرة. ومن ناحية أخرى، وعلى الرغم من محاولة البعض تصوير هذا التوسع كدليل افتراق عن الفهم الأيديولوجي لها، فإن التوسع والتراكم المستمر لمنهجيات قراءة السينما “كممارسة ثقافية” خلال العقود الثلاثة الماضية ساهم في تعميق فهمنا للسينما كمكون حيوي فاعل على مستويات أيديولوجية عديدة ومتشعبة في حياتنا المعاصرة.

وكون هذه النماذج لمكوّنات الفهم العلمي للسينما تمثل أجزاء ضمن وحدة معرفية جدلية، فهي بتطورها المستمر تعيد تأكيد أهمية وأولوية دراسة سوسيولوجيا الثقافة السينمائية باعتبارها مهمة متمايزة عن علم اجتماع يعزل المؤسسات والتكوينات والعلاقات التواصلية بعضَها عن بعض. فضمن الربط المنهجي للتوجهات العلمية في البحث السينمائي نقدم أيضا أساسا لفهم أعمق وأكثر شمولية للسينما كواحدة من أهم الممارسات الثقافية في عصرنا.

لذلك، فإن التوجه العلمي المنفتح على دراسة كافة المكونات المؤثرة والمتأثرة بالسينما كممارسة، تفسح في المجال أمام استيعاب أعمق وأكثر جدلية لطبيعة ولأشكال التفاعل الأيديولوجي (نظريا ومعرفيا) مع هذه الظاهرة الاجتماعية النافذة. ويسهم هكذا توجه على وجه الخصوص في رسم خطوط أكثر وضوحا في تمايزها مع الاتجاهات الأحادية السائدة في البحث والنقد السينمائيين، والتي لا ترى في السينما أكتر من ممارسة ترفيهية أو “كبضاعة استهلاكية” أو “كفن نخبوي”؛ وكلها اتجاهات ساهمت بترسيخ النظر إلى السينما كعامل “محايد” (بنية وفعالية) في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والأيديولوجي في العالم الرأسمالي المعاصر.

في النهاية، فإن السينما هي ممارسة ثقافية أيديولوجية مركبة تولد ضمن لحظات اجتماعية وتاريخية ومكانية محددة، وتصوب (إراديا أو لا إرادياً) باتجاه التواصل مع أطر اجتماعية وتاريخية ومكانية واسعة أو محددة في آن معا. وامتدادا لهذا التواصل الأولي تتفاعل هذه الممارسة بشكل تراكمي مع علاقات وأطر اجتماعية وتاريخية مضاعفة ودائمة التحول.

وبالتالي، فإن أي فيلم يخرج إلى الحياة (أو في أي مرحلة من تكونه) يتحول إلى محور لدمج ومراكمة تفاعلات أيديولوجية متنوعة ودائمة الحركة. وهذا الدمج التراكمي الدائم التحول يشمل ويتخطى الديناميات الأصلية المحدودة لأي عمل سينمائي. وبغض النظر عن نوايا الفيلم وأهدافه، وحتى لو لم تتجاوز تلك الأهداف الرغبة في التعبير عن “رؤية شخصية” أو “خاصة” تجاه موضوع محدد، فإن ديناميات الكتابة والتعبير والشكل والإنتاج والتسويق والتوزيع والعرض والمشاهدة وردود أفعال المشاهدين أو النقاد، على تنوّع مواقعهم وأهوائهم والإرث الأيديولوجي الذي يحملونه، هي التي تضفي في النهاية بمجموعها وبتراكماتها المعقدة، هوية وتفاعلا أيديولوجياً حيا وعميق التنوع في وقعه على ما يقوله، على سبيل المثال، فيلم سينمائي بسيط يتناول قصة العلاقة بين طفل وقطته.

إن الفهم الأكثر تكاملا من الناحية العلمية للسينما وللممارسة السينمائية، إذاً، لا بد وأن يتضمن استيعابا للأطر التاريخية للتشكيلات والمؤسسات والأدوات التي ترفد عمليات إنتاجها وتوزيعها والدعاية لها وأدوات تلقيها وتداولها، وأشكال ارتباطها وتفاعلها ضمن البنية الأيديولوجية للمجتمع و”مساراته” المادية التاريخية بشكل عام. إذ كيف يمكن الفصل اعتباطيا بين التشكيل “الجمالي” لأي فيلم أو مجموعة أفلام أو ثقافات سينمائية، وبين النطاق الأوسع لعمليات التمويل والإنتاج والتوزيع والدعاية في مرحلة تاريخية معينة؟ وكيف يمكن فصل العملية التكوينية للفيلم “كإبداع” عن البنية والبيئة الأيديولوجية التي يقبع ضمنها المبدع (سواء كفرد أو كمجموعة) الذي شرع بهذا المسار المعقد؟

***

( د ) – تطور دور البحث السينمائي وموقع المثقف العضوي الثوري  

على الرغم من أن الكثير من المساهمات النقدية “المغايرة” نجحت في الاستفادة من استعمال تقنيات التواصل الجديدة واستطاعت مشاركة أفكارها وأبحاثها مع أوساط سينيفيلية وسياسية أوسع، فإن المظاهر المعبّرة عن التغيرات النظرية المفصلية في أولويات دراسات وأبحاث السينما على الصعيد الأكاديمي لم تتمكن بعد من أن تحقق أي تغير يذكر في فرز تيار بديل قادر على فرض وجوده وهويته المستقلة إلى جانب الأطر المهيمنة التي تحكم وتحدد خطاب التعاطي مع السينما والأعمال السينمائية في وسائل التواصل الاعلامي والاجتماعي، وحكما ليس ضمن تلك التي تهيمن على الخطاب والممارسات داخل الفعاليات والمؤسسات الرئيسية للثقافة السينمائية (مهرجانات، منصات، ورشات). وبخلاف بعض المتغيرات التفصيلية والمبعثرة ضمن ظروف معينة، بقيت منهجيات التعاطي مع السينما في وسائل التواصل الجماهيري السائدة محصورة، إلى حد بعيد، في التركيز على تقييم ديناميات القصة والثيمة والتصوير والقطع والصوت والتقديم والمؤثرات التقنية وما شابه، وذلك بالإضافة إلى إعادة تدوير مقاربة دور المخرج والنوع السينمائي كأهم عناصر ومرجعيات قراءة العمل السينمائي وتقييمه. وعلى الرغم من أن قوة هيمنة هذه المنهجيات تتمايز آنياً وتبعا لبعض التغييرات والسياقات الوضعية الطارئة من وقت لوقت، لكنها تبقي في النهاية المحور الأكثر تأثيرا على المقاربة الجمعية السائدة للسينما كممارسة ثقافية شعبية معاصرة.

 

كما قلنا سابقا، إن كل عمل فني، بما في ذلك الأعمال السينمائية أو الدرامية، هو ابن اللحظة التاريخية التي يولد ويقارب العالم من خلالها. فلا وجود للعمل السينمائي بمعزل عن الواقع المادي لتلك اللحظة التي يخرج من أحشائها إلى النور ويبدأ من خلالها رحلة تفاعله مع الحيز الاجتماعي الأوسع الذي يحيط به والذي يصبح هو أيضا جزءا عضويا منه. وتستمد هذه اللحظة حياتها وقوتها داخل العمل من خلال محتوى وقضايا ولغة وخطاب ومشاعر يتناولها ذلك العمل بالعلاقة مع أزمنة وأمكنة محددة تشمل، في ما تشمل، أفكاراً هي وليدة لبيئة زمنية ومكانية معينة، أو ظروف إنتاج، أو مساهمات فردية وجماعية، أو أشكال تسويق، أو أطر مشاهدة وتلقٍّ وتفاعل ضمن بيئات تاريخية وجغرافية معينة، مشتركة ومتباينة في آن معاً.

بالتالي، فإن محاولة قراءة أي عمل ثقافي من دون الأخذ بالاعتبار مكونات هذه اللحظة التاريخية وأشكال تفاعلها، يختزل عملية النقد في تحليلات مجتزأة تقدم انطباعات خاصة عن حيثيات العمل، سواء بالنسبة للمضمون أو الشكل أو الأسلوب أو الأداء التمثيلي أو الحرفية أو التقنية وما شابه. مثل هذه التوجهات اعتدنا رؤيتها في الأعمال النقدية لمعظم من اصطلحنا على وصفهم تقليديا “بالنقاد”، ونجدها تهيمن في الصحافة والاعلام ومعظم مواقع السينما العربية والعالمية.

فماذا عن دور الباحث والناقد الثوري (بمعنى المشتبك علميا وسياسيا مع ما هو سائد أيديولوجيا) ضمن هذه المعادلة، وما الذي يحدد مكونات هذا الدور؟ وهل أن عملَ مثل هؤلاء البحاثة والنقاد المعنيين بالتواصل العضوي الأوسع (بمعنى التواصل الذي يطال ويتجاوز حدود الأكاديميا والتخصص) بإمكانه تخطي المعادلة التي تفضي إلى نقض الهيمنة الأيديولوجية في القراءة “الشعبية” للسينما؟ بالطبع لا. فنحن نبقى في النهاية “تابعين” ومكونات عضوية لهذا “الكل” المفعم بطبيعته بالتناقضات الثانوية والمركزية. وهذا محكوم في النهاية بالتغيرات الأوسع في البنية الطبقية العامة للاقتصاد والمجتمع.

وهل يعني هذا، إذاً، أنه من غير الممكن التعاطي مع السينما (كما غيرها من مواضيع البحث الاجتماعية والاقتصادية) بما يفضي إلى استنتاجات معرفية “علمية” تجاهها، ومشاركة ذلك على مستوى شعبي واسع بما يعنيه هذا من مقارعة مباشرة مع خطاب الأيديولوجيا السائدة في ما يتعلق بالسينما وما تمثله اليوم؟ أيضا لا.

إن العمل لفتح بعض الآفاق المستقلة نسبيا لحركتنا ولتقييمنا لواقع الهيمنة الأيديولوجية يغتني ويتطور مع النضوج الدائم لقدرتنا على رصد وتمييز ما هو أقل أو أكثر تأثرا بإفرازات الشحن الأيديولوجي السائد. وفقط ضمن هذا السياق يصبح الحديث عن النظرة أو التقييم “الموضوعي” لأي ظاهرة اجتماعية تاريخية (بالمعنى العلمي للتعبير وليس بمعنى “الحيادية”) ممكنًا.

وبغض النظر عن ارتهاننا العام أيديولوجياً بواقع البنى الطبقية المهيمنة على وسائل وعلاقات الإنتاج الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وكذلك بما يصفه الفيلسوف الماركسي الفرنسي لوي آلتوسير “بجهاز الدولة الأيديولوجي”، فإن أشكال تعاطينا مع الأيديولوجيا المهيمنة ودرجة “تناغمنا” معها تتباين وتتبلور تبعا لعوامل عديدة منها الفردي ومنها الجماعي. ومن بين هذه التباينات تلك التي تحدد شكل ومحتوى رؤيتنا وتقييمنا وكيفية تعاملنا مع هذه الهيمنة. وبالتالي، فإن الاستقلالية الفكرية النسبية لتعاملنا مع هذه الهيمنة تكمن في قدرتنا على التمايز النسبي مع واقعنا “كتابع” (فسجين الرأي، مثلا، يبقى مستقلا نسبيا في فكره وذلك على الرغم من الهيمنة المادية الأشمل للسجان فوق جسده ومصيره).

إن مهمة الناقد أو الباحث السينمائي الثوري لا تكمن في تقديم تقرير “محايد”) كما يزعم العديد من “النقاد” أو الباحثين (عمّا نتابعه على شاشات السينما ونرصده في واقع الثقافة السينمائية حولنا. فالتوجهات التي تزعم “الحياد” تجعل الناقد في كثير من الأحيان يصبح أسيرا للسرد القصصي لحكايات الأفلام و/أو المشاركة الانطباعية لمشاعره تجاه شكل وأسلوب الأعمال التي يتناولها، وعلى مستوى أوسع، تجاه مايحدث ضمن الأوساط السينمائية. وهذا يكرس من ناحية هيمنة القراءات السينمائية التقليدية “الانتقائية”) بمعنى غير المنهجية (ويسهم من ناحية أخرى في تهميش إضافي لدور القارئ والمشاهد العادي أو المهتم الجدي بالسينما. بدوره، يكرس هذا حصر القارئ /المشاهد في موقعه الأيديولوجي كمتلقٍّ “تابع” (Subject)، عوضا عن أن يكون متفاعلا مع ما يحصل في هذا الحيز الثقافي الفائق الأهمية في حياتنا المعاصرة.

وأخذاً بالاعتبار أن تفاعلنا ودخولنا الوضعي إلى عالم السينما يلونه ويحدد شكله حجم عمق تأثرنا بكل الأثقال الأيديولوجية التي ترافق مسيرات حيواتنا، فإن الأساس في أي ممارسة نقدية أو بحثية علمية ثورية في السينما لا بد وأن يساهم بشكل أو بآخر في التعزيز النسبي لقدرتنا كما لقدرة المشاهد على تقصي وفرز مكونات الهيمنة الأيديولوجية للطبقة السائدة في الممارسة السينمائية بكافة أشكالها وبمعانيها الأوسع )إنتاج، تمويل، لغة، توزيع، دعاية، إعادة تدوير، تلقٍّ). وبالإضافة إلى   أن الممارسة النقدية والبحثية غير المحايدة تعزز من القدرة على فهم واستيعاب المكونات والمفاعيل الأيديولوجية للعمل السينمائي، تعزز هذه الممارسة أيضا عملية الإضاءة على مكامن وأطر إبداعية محتملة أو جديدة ولممارسات سينمائية فكرية وسياسية بديلة و”مستقلة” نسبيا عن ديناميات الهيمنة الأيديولوجية للطبقات الرأسمالية الحاكمة … وكما يشهد تاريخ السينما نفسه (وامتدادا، تاريخ الدراسات والنقد السينمائي)، فعلى كل مفرق تطور مفصلي كانت تكمن محاولة لدفع السينما وعلاقتنا بها باتجاهات جديدة ونحو أفق غير مسبوق. وكانت تعبر عن هذه الحالات محاولاتٌ لسينمائيين ثوريين (سواء كجهد واعٍ أو غير واعٍ)، لفرز أو لإبداع تعابير أكثر استقلالية (نسبيا) عما هو سائد سينمائيا، سواء على مستوى المضمون، الأسلوب والشكل، الصناعة، التسويق، أو على صعيد التعامل مع تحديات التقنية والتلقي والمشاهدة.

وكما نعلم، فمن ضمن مثل هذا الحيز الابداعي المبني على تلمس أطر خارجة عن هذه الهيمنة الأيديولوجية (في الشكل والمضمون وديناميات المشاهدة) والمشتبكة معها، تمكن سينمائيون مثل آيزنستاين، فيرتوف، رينوار، آيفينز، ويلز، دي سيكا، غودار، فيسكونتي، كوراساوا، بونويل، بازوليني، برتولوتشي، سولاناس، كوبولا وعشرات غيرهم (كل بطريقته الخاصة وضمن خصوصية اهتماماته) من تطوير معالم إبداع جديدة للسينما على مدى تاريخها. ومن خلال هذه الآفاق الإبداعية التي كانت تتفتح وتتفاعل أو تطرح بشكل أو بآخر خرقا لأحد مظاهر ومسلمات ما هو سائد أيديولوجيا (فكريا، أخلاقيا، بنية وأسلوبا، إنتاجا، أو تلقّيا)، استطاع هؤلاء وغيرهم المساهمة في توسيع قدرات وآفاق السينما على التفاعل مع الانسان ليس بمحدودية واقع سلبية “تبعيته” الايديولوجية العامة، ولكن أيضا كمتفاعل وفاعل إيجابي (بنسب متفاوتة) ضمن جدلية الصراع التي تطبع هذه التبعية.

إن تهميش التاريخ والأيديولوجيا في القراءات النقدية الصحافية والإعلامية السائدة، جرى ويجري في مقابل التوسع الواضح والمستمر في اتجاهات التحليل الأيديولوجي في أوساط البحث السينمائي الأكثر جدية، وضمنه الأبحاث الأكاديمية. وأخذا بالاعتبار أن رؤيتنا وتفاعلنا مع عالم الأفلام لا مناص من أن يلونها واقعُ تأثّرنا بالأثقال الأيديولوجية السائدة التي ترفد مسيرات حيواتنا وتفاعلنا مع المحيط الثقافي الذي نعيش ضمنه، فإن أي ممارسة نقدية علمية جدية تجاه السينما لا بد لها أن تسهم بشكل أو بآخر في تعزيز القدرة النسبية للمتابع، بما في ذلك المتابع غير المتخصص، على تقصي إفرازات الهيمنة الطبقية السائدة داخل الممارسة السينمائية )إنتاج، تمويل، تقنيات، توزيع، دعاية، إعادة تدوير، تلقي …(، وامتدادا لذلك عبر تجليات تلك الهيمنة وأشكالها الأيديولوجية.

هذا التوجه يؤسس لأرضية أقوى لدراسة المكونات التفصيلية للممارسة السينمائية ليس كبدائل لبعضها البعض، بل باعتبارها امتدادات للبنية الأوسع للتفاعل الثقافي والأيديولوجي لواقعنا المعاصر. فما نطرحه لجهة واقع الوحدة النظرية الجدلية لمكونات البحث العلمي لا تفرض تناقضا منهجيا مع الفصل البحثي المؤقت لمواضيع أو مكونات محددة ضمن الإطار العام للبحوث السينمائية بهدف البحث المتخصص والأكثر تفصيلا، أو تحديد أولويات معينة لتلك البحوث. بل على العكس، فإنه يتكامل معها ويزيد من قدرتنا على تعميق فهمنا واستيعابنا لها.

على المستوى المنهجي، فإن تناول الناقد للعمل السينمائي من زاوية محددة تعني ربطه للعمل من خلال أطر محددة لتفاعل بنيته الأوسع (مضمونا أو شكلا أو تلقيا) مع ما هو سائد أيديولوجياً في مرحلة معينة. أشكال هذا الربط تتمايز بتمايز الأعمال (وحتى داخلها أحيانا)، ويمكن للناقد التركيز عليها تبعا لثلاثة تعريفات عامة نستوحيها هنا مما أوجزه ستيوارت هول في إطار تحديده للأطر للعامة لقراءة الأعمال الثقافية: أولا، يمكن للناقد دراسة مكامن تناغم العمل وتكامله مع ما هو سائد أيديولوجياً (Dominant Reading) ومع ما يمثله من تكامل أو إعادة تدوير لما يشكل في مراحل معينة “تفكيراً طبيعياً ومقبولاً من الأكثرية” (التعبير الذي يستعمله غرامشي هو Common Sense).

ثانيًا، مقاربة العمل لناحية انفتاحه أمام تفسيرات أيديولوجية مغايرة تسمح بقراءته ضمن روحية “تفاوضية” أو مقايضة (Negotiated Reading) مما يكشف تناقضات داخلية في بنية العمل قد لا تجعله متطابقا بالضرورة وبشكل ثابت ما هو مهيمن أيديولوجياً. وثالثا، يمكن للعمل أن يتضمن مكونات تجعله يفتح في المجال وبشكل واضح أمام القراءة والتفاعل السلبي تجاه البنية الأيديولوجية السائدة، وبالتالي يقوم الناقد برصد تلك المكونات التي تجعل من اشتباكه مع الأيديولوجيا السائدة أكثر وضوحا وصدامية (Oppositional Reading). كل هذا يفتح في المجال لسبر غور نماذج لأعمال سينمائية شديدة التباين أو التشابه في معالمها، لكن كل منها يكتسب وقعا خاصا في معالم تفاعله الأيديولوجي مع المسار الثقافي للسينما (وبطبيعة الحال، مع واقع المجتمع والعالم في لحظات تاريخية معينة).

لكن، هل يعني هذا أنّ على الناقد السينمائي بالضرورة مقاربة كل حيثيات وتفاعلات العمل لرصد تقاطعاتها مع تجلياتها الأيديولوجية الداخلية (ديناميات مضمون وشكل العمل) والخارجية )أطر إنتاج وعرض وتسويق وتلقي العمل)؟ ليس بالضرورة. فالناقد بإمكانه التركيز على معاينة زاوية أو عدة زوايا داخلية أو خارجية محددة في تناوله للعمل السينمائي في تقاطعها مع لحظة تاريخية محددة (كلحظة إصدار العمل، أو لحظة عرضه بعد سنين في مكان لم يعرض فيه من قبل، أو ما شابه).

تجسد اللحظة التاريخية نفسها وتبلور حضورها وقوتها في أي عمل ثقافي (سواء بشكل مباشر أو غير مباشر)، من خلال المحتوى والقضايا واللغة والخطاب والمشاعر والطروحات التي يتناولها العمل السينمائي بالعلاقة مع أزمنة وأمكنة محددة تشمل في ما تشمل أفكارا ورؤى وتوصيفات لها امتداداتها ومفاعيلها الأيديولوجية. وبغض النظر عن طبيعة وشكل علاقة العمل السينمائي بالبنية الفكرية والاجتماعية السائدة، فإن ما يفرزه العمل ذاتيا وعبر تلقفه الاجتماعي يبقى في النهاية جزءاً من بنية أيديولوجية مرتبطة ببيئة زمنية ومكانية، وظروف إنتاج، ومساهمات فردية وجماعية، وأشكال تسويق، وأطر مشاهدة وتلقٍّ وتفاعل مشتركة ومتباينة في آن واحد. بالتالي، فإن أي قراءة لعمل سينمائي لا تأخذ بالاعتبار مكونات اللحظة (أو اللحظات) التاريخية الخاصة بها وبطبيعتها ومفاعيلها الأيديولوجية، تتحول إلى قراءات انتقائية غير مترابطة لحيثيات تفصيلية منعزلة تتناول المضمون أو الشكل أو الأسلوب أو الأداء التمثيلي أو الحِرفية أو التقنية وما شابه، وتقتصر على تحليلات وأبحاث انطباعية مبعثرة لا قيمة علمية لها.

ضمن الربط النظري للقراءة النقدية بالأيديولوجيا، يمكن تقديم نماذج لتوجهات معرفية تؤسس لفهم أعمق وأكثر انفتاحا للسينما كواحدة من أهم وأخطر الممارسات الثقافية في عصرنا. وضمن هكذا قراءة يفتح الناقد الثوري الطريق أمام الآخرين، ليس فقط لدعم قدرتهم على قراءة وتحليل جوانب عديدة للترابط العضوي المتنوع والواسع بين الممارسة السينمائية والبنية التاريخية الأيديولوجية للمجتمع، بل أيضا بما يساهم في تطوير الفهم الاجتماعي والسياسي العلمي للديناميات المعقدة للهيمنة الأيديولوجية وتوسيع استيعاب المجتمع للطبيعة الطبقية للثقافة السائدة وسبل مجابهتها ثوريا وتقويض فعاليتها على أرض الواقع.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة