١٤ تموز حين انتفض الشعب وحمل الجيش الوطن وولدت شمس الحرية والكرامة للعراق

١٤ تموز حين انتفض الشعب وحمل الجيش الوطن وولدت شمس الحرية والكرامة للعراق

هكذا بدأت ثورة تموز الخالدة في بيانها الاول.
ايها الشعب العراقي الكريم لقد قضت ارادتكم الوطنية الجريئة الخالدة على النظام الملكي فهب الجيش باسمكم واقام الحكم الجمهوري الديمقراطي
بهذه الكلمات خاطب الزعيم عبد الكريم قاسم الشعب من دار الاذاعة في بغداد في لحظة ستظل حاضرة في ذاكرة العراق الحديث لحظة لم تكن مجرد اعلان عن اسقاط نظام بل كانت ولادة هوية جديدة للعراق العراق الذي ظل حبيس نظام ملكي مرتبط بالامبريالية ومكبل بقيود الطبقية والامتيازات الموروثة ها هو يولد من رحم التحدي وينهض على اكتاف الضباط الاحرار وعلى رأسهم عبد الكريم قاسم الذي لم يكن قائدا عسكريا فحسب بل كان تجسيدا لارادة شعب باكمله اربع سنوات فقط هي عمر حكم الزعيم لكنها كانت كافية لتخليد مرحلة كاملة في ضمير الامة العراقية سنون قصيرة بالقياس الزمني لكنها طويلة وعميقة بما انجزته من قرارات وسياسات رسخت السيادة والعدالة الاجتماعية واستقلال القرار الوطني كانت الثورة كل يوم تحمل للعراقيين انجازا جديدا من الاصلاح الزراعي الذي فتح الارض للفلاحين الى التعليم المجاني الذي انار دروب الاجيال الى القوانين العمالية التي حفظت كرامة الكادحين الى التحرر السياسي من الهيمنة الاجنبية بالغاء الحلف العسكري الذي كبل القرار العراقي لعقود لم تكن ثورة تموز بحاجة الى تبرير فقد كانت استجابة طبيعية لمطالب شعب عاش طويلا تحت وطأة الحرمان وكانت نزاهة الزعيم ليست مجرد سمة شخصية بل محرك الثورة وروحها فدخلت البيوت لا عبر الشعارات بل عبر انجازات حقيقية عالجت احتياجات المحرومين ورفعت المهمشين ومدت يد الدولة الى قلب المواطن ولهذا التصق الشعب بثورته واعتبرها مشروعه الوطني الاول وعندما كان الشعب هو الجيش والجيش هو الشعب كانت جسور الثقة متينة لا تهتز محبة الشعب لثواره جعلت منه درعا واقيا لاولئك الذين خرجوا فجر الرابع عشر من تموز ليعيدوا للعراق صوته المسلوب وكرامته الغائبة خلقت الثورة علاقة حب سرمدي بين الجيش والشعب علاقة لا تقوم على المصالح بل على التضحيات والوفاء ولازلنا حتى اليوم نعيش في اكناف ذلك الحب والاحترام للمؤسسة العسكرية التي حملت انذاك كل هموم الشعب وتحملت مسؤوليتها الوطنية والاخلاقية بكل شرف ومسؤولية وما تزال تلك اللحظة تفرض حضورها بعد اكثر من ستة عقود لان جوهرها لم يكن انيا بل مبدئيا لقد طرحت اسئلة لا تزال قائمة عن شكل الحكم عن علاقة الدولة بالمجتمع عن العدالة والكرامة والسيادة والاستقلال انها ذكرى لا تحتفل بالماضي فحسب بل تضيء طريق المستقبل وتقول ان العراق يمكن ان يكون لابنائه حين يحكمه المبدأ لا المصالح لقد تجسد مشروع العدالة حين انشئت مدينة الثورة لتأوي الاف العوائل التي كانت تسكن بيوت الطين والصفيح واسست المستشفيات الحكومية لتخدم كل فرد عراقي وكان الزعيم يتجول ليلا ونهارا بين المدن يتفقد الشعب ويعالج مكامن الخلل ويقف بنفسه على الحاجات ولهذا اصبح رمزا للخلود وايقونة للشرف والنزاهة والعفة في التاريخ العراقي نحتاج اليوم الى يد مثل يد الزعيم تكون بلسما يعالج الجراح وصوتا نقيا يعبر عن الم الشعب العراقي الذي يعاني من فساد النخبة الحاكمة وسطوتهم على المال العام الزعيم حافظ على وحدة العراق عندما اعاد الملا مصطفى البارزاني من منفاه وكان اول من طالب بعودة الكويت للعراق وعاش ومات دون ان يفرط بشبر واحد من ارض الوطن عاش عفيفا ومات ثائرا وطنيا وظل خالدا في صفحات التاريخ العراقي

أحدث المقالات

أحدث المقالات