كواليس تداعيات استنساخ تجربة نزع سلاح “حزب الله” اللبناني وتطبيقها على الحشد الشعبي؟

كواليس تداعيات استنساخ تجربة نزع سلاح “حزب الله” اللبناني وتطبيقها على الحشد الشعبي؟

في لحظةٍ تاريخيةٍ مشحونةٍ بالتوتر والتحديات التي تمر بها منطقة المشرق العربي ، يقف اليوم العراق على مفترق طرقٍ وقد يُعيد تشكيل مشهده السياسي والأمني وحتى الاقتصادي والاجتماعي. إن تصريح السيد “توم باراك”، مبعوث الرئيس الأمريكي “ترامب” إلى لبنان وسوريا، يوم أمس الإثنين 7 حزيران 2025، ومن قصر بعبدا في بيروت :” بأنه تلقى ردا إيجابيا على مقترح أمريكي يشمل كيفية نزع سلاح “حزب الله وإن الرد اللبناني على الورقة الأميركية كان مسؤولا جدا وان هناك فترة حرجة للبنان والمنطقة، وإلى اغتنام الفرصة وعدم التخلف عن الركب”. فيما ما تزال تشهد الساحة اللبنانية تراشق في التصريحات بين أنصار ونواب كتلة المقاومة وقيادات “حزب الله” والحكومة حول الضمانات التي يجب أن تؤخذ في حال نزع السلاح لغرض أن لا يتم الاعتداء عليه من قبل إسرائيل في أي وقت وكيفما تشاء كما يحدث اليوم وبصورة مستمرة ومن خلال استهدافات متكررة لما تبقى من قيادات ومسؤولين “حزب الله” وكرر الأمين العام الشيخ “نعيم قاسم” يوم الأحد 6 حزيران وفي كلمته خلال مراسم إحياء عاشوراء في الضاحية الجنوبية :”إن التهديدات الإسرائيلية لن تدفع حزبه إلى الاستسلام أو ترك السلاح، مؤكدا الاستمرار في مواجهة إسرائيل. إنه يجب أن يُطلب من إسرائيل وقف عدوانها على لبنان لا أن يطلب من حزب الله التخلي عن سلاحه في ظل استمرار العدوان. وفيما يؤكد الرئيس اللبناني جوزيف عون:” أنه لن تكون في جنوب لبنان أي قوة مسلحة غير الجيش والقوى الأمنية وقوة الأمم المتحدة المؤقتة (يونيفيل)، كما دعا إلى الضغط على إسرائيل سحب قواتها من المنطقة. إن عديد الجيش في الجنوب سيصل إلى 10 آلاف عسكري في منطقة جنوب الليطاني”، وفي ظل تراجع النفوذ العسكري لـ”حزب الله” بعد خسائره الكبيرة في مواجهات 2024 ، يبرز رئيس مجلس النواب اللبناني، “نبيه بري”، كحليف استراتيجي يسعى الحزب من خلاله لتعويض خسائره، ليس فقط على الصعيد العسكري، بل أيضاً في الحلبة السياسية . تحالف “حركة أمل” و “حزب الله” ، المبني على مصالح مشتركة، يواجه اليوم اختباراً مصيرياً مع تصاعد الضغوط الدولية والمحلية لنزع سلاح الحزب، في وقتٍ يعاني فيه لبنان من أزمة اقتصادية خانقة وتغيرات جيوسياسية عميقة. وبعد أن أكد الرئيس “بري”، في تصريحاتٍ حازمة مفادها :” بأن حزب الله لن يتخلى عن سلاحه ما لم تلتزم إسرائيل بشروط اتفاق وقف إطلاق النار بشكل كامل”، وهو موقف يعكس استراتيجيته المعهودة التي تمرس عليها طوال العقود الماضية والتي نستطيع أن نطلق عليها  “دبلوماسية كواليس ما يجري خلف الأبواب المغلقة” الرئيس “بري” ، المعروف بمهارته في المناورة السياسية خلف الكواليس، يواجه حاليا تحدياً غير مسبوق : فأي محاولة لإضعاف “حزب الله” أو نزع سلاحه ستؤدي، بشكل مباشر، إلى تقويض نفوذه السياسي . فأنه ما يزال يعتقد في قرارة نفسه وحتى أن لم يعلنا صراحة وتتمثل بأن بدون القوة العسكرية والنفوذ السياسي لحزب الله، يصبح بري عرضةً لضغوط محلية ودولية متزايدة تدعو إلى تنحيه أو إلى إجراء إصلاحات جذرية تُنهي هيمنة التحالف الطائفي على الدولة.

أن استراتيجيات “بري” التقليدية التي يجيدها ، والقائمة على الغموض الاستراتيجي والمناورات التكتيكية، باتت غير كافية للمناورة السياسية وانتهت مدة صلاحيتها , وبالأخص في ظل هذه التحولات التي عصفت بالمنطقة بعد 7 أكتوبر 2023 . اليوم، يطالب المجتمع الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، بإنهاء احتكار “حزب الله” للسلاح وتحويله إلى حزب سياسي خالٍ من نفوذ الأذرع العسكرية . هذا المطلب، الذي عبر عنه مبعوث الرئيس الأمريكي “ترامب”، يضع الحكومة اللبنانية أمام مهلة زمنية ضيقة لتنفيذ نزع السلاح، ليس خلال سنوات، بل خلال أشهر، وربما أسابيع . يعكس إصرار واشنطن على إنهاء ظاهرة “الدويلات الطائفية المسلحة” التي نشأت بعد اتفاق الطائف عام 1989. هذا المطلب يتقاطع مع دعوات لبنانية متزايدة لاستعادة هيبة الدولة، خاصة في ظل الانهيار الاقتصادي الذي يهدد استقرار البلاد. إلا أن مقاومة “حزب الله” لتسليم سلاحه، بدعوى “حماية المقاومة”، تثير تساؤلات حول ما إذا كان الحزب سيواصل اختطاف الدولة اللبنانية وجعلها رهينة لديه لمواصلة مشروعه الولائي، أم أنه سيضطر لتقديم تنازلات تحت الضغط المجتمع الدولي وبالأخص الاتحاد الأوروبي وفي مقدمتهم فرنسا وبريطانيا بجانب أمريكا .

أن استمرار “حزب الله” في التمسك بسلاحه قد يدفع لبنان نحو مواجهات داخلية مع الاحزاب المسيحية الرافضة بقوة لبقاء هذا السلاح الذي حتما تعتقد بأنه تهديد وجودي لنفوذها وموجه اليها مباشرة اليها وليس الى اسرائيل كما يزعم قادة الحزب، خاصة إذا تصاعدت الضغوط المحلية والدولية. في المقابل، فإن نجاح نزع السلاح قد يفتح الباب أمام إصلاحات اقتصادية وسياسية طال انتظارها، تعيد للدولة اللبنانية دورها الحقيقي. لكن السؤال الأكبر يبقى: هل سيتمكن نبيه بري، دبلوماسيته المعهودة، من إقناع حزب الله بالتخلي عن سلاحه، أم أن التحالف بينهما سيواصل التمسك بالوضع الراهن، مهدداً لبنان بمزيد من العزلة والفوضى السياسية؟ الإجابة ستتحدد في الأسابيع المقبلة، حيث يترقب اللبنانيون مصير بلادهم بقلق وحذر.

أما على الجانب الأخر وكحالة استباقية وقراءة قد تحدث ليس خلال أشهر وإنما خلال أسابيع إذا نجحت التجربة اللبنانية في إنهاء سلاح “حزب الله” لذا سوف ينتقل صدى هذا الخبر باسرع من الصوت وعبر الاثير ويجد صداه الواسع وسوف يتم استغلالها من قبل المسؤولين العراقيين الرافضين لتواجد سلاح الفصائل الولائية المسلحة خارج اطار الدولة وسيطرتها المباشرة عليه وتفتح باب واسعة وعلى مصراعيها أمام نقاشٍ سيكون دون شط حاد وجدلي في “مجلس النواب” العراقي ويكون عاصفٍ حول إمكانية استنساخ تجربة الحكومة اللبنانية في العراق. باراك، الذي أعلن تلقيه ردًا إيجابيًا من السلطات اللبنانية على مقترح أمريكي يتعلق بنزع سلاح حزب الله، أشار إلى أن هذا الرد كان “مسؤولًا جدًا”، مما يُنذر بتحولٍ محتمل في ديناميكيات القوة في المنطقة. في الوقت ذاته، تتزايد الدعوات الأمريكية والعراقية المعتدلة لتفكيك مؤسسة الحشد الشعبي ودمجها في وزارتي الدفاع والداخلية، وسط تغيرات جذرية في خريطة الشرق الأوسط منذ أحداث 7 أكتوبر 2023، التي هزت أركان “الهلال الشيعي” بسقوط نظام بشار الأسد وتراجع نفوذ إيران الإقليمي. وهذا ما يؤكده بصورة أوضح رئيس الوزراء نتنياهو بتصريح للصحفيين يوم أمس الاثنين 7 حزيران وفي تصريحات للصحفيين قبيل صعوده الطائرة المتجهة إلى واشنطن: “لكن هناك أيضا فرصة كبرى، وهي توسيع دائرة السلام إلى مدى يتجاوز ما كنا نعتقده ممكنا . لقد غيرنا بالفعل وجه الشرق الأوسط بشكل لا يمكن إنكاره ، ولدينا فرصة لتغيير أكبر وصناعة مستقبل مزدهر لدولة إسرائيل ولشعبها وللمنطقة بأسرها”. فهل يمكن أن يُشكل هذا التحول بدايةً لإعادة هيكلة “الحشد الشعبي” على غرار التجربة اللبنانية؟ وما هي التداعيات المحتملة لهذا السيناريو؟ هذا ما سوف نحاول أن نستعرضها بشيء من التفصيل وضمن سياق ما نشاهده من أوضاع متسارعة تحدث في المنطقة وأصبحت تحسب ليس بالأشهر والسنين كما جرت العادة سابقا وأنما تحسب اليوم بالساعات والأيام؟.

أصبح من الواضح للجميع كيف تشكّل الحشد الشعبي في حزيران 2014، واستجابةً لفتوى “الجهاد الكفائي” التي أصدرها المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني، لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بعد سيطرته على مساحات واسعة من العراق. لكن سرعان ما تحوّل الحشد من قوة تطوعية إلى كيانٍ شبه عسكري منظم، يضم عشرات الفصائل، معظمها شيعي بقيادة ودعم إيراني، مثل “كتائب حزب الله”، “عصائب أهل الحق”، و”منظمة بدر” “حركة النجباء” وغيرها . وبحلول أيلول 2016، أقرّ مجلس النواب العراقي قانونًا يمنح “الحشد الشعبي” شرعيةً كجزءٍ من القوات المسلحة العراقية، لكن هذا القانون أثار جدلًا واسعًا بسبب استمرار الفصائل المسلحة في العمل خارج إطار الدولة وحتى انشات من قبلها كيانات اقتصادية لغرض التمويل الذاتي المادي لها ، مع ولاءاتٍ واضحة لطهران والتي قدمت دعمًا عسكريًا ولوجستيًا كبيرًا للحشد، استغلت هذا الكيان لتوسيع نفوذها في العراق، مشكّلةً ما وصفه العميد حسين همداني عام 2014 بـ”حزب الله الثاني” في العراق، في محاكاةٍ تجربة حزب الله اللبناني. هذا الارتباط الوثيق بإيران جعل الحشد هدفًا لانتقاداتٍ دولية ومحلية، حيث اتهمته شخصيات مثل وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بـ”تأجيج التوتر الطائفي”، بينما وصفه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنه “منظمة إرهابية يتخفى تحت ستار محاربة داعش”؟ وفي ظل التغيرات الجيوسياسية الكبرى التي شهدتها المنطقة منذ 7 أكتوبر 2023، بدأت الأصوات المطالبة بتفكيك الحشد الشعبي أو دمجه في المؤسسات الأمنية الرسمية تتعالى كثيرآ واصبح صوت صداه يسمع في عواصم صنع القرار الرئيسية لأهم دول العالم وهذه الدعوات تأتي مدفوعةً بعدة عوامل رئيسية والتي قد تتمثل على سبيل المثال بالضغط الأمريكية والتي تصنّف فصائل مثل “كتائب حزب الله” و”عصائب أهل الحق” ” حركة النجباء” كمنظمات إرهابية، كثّفت دعواتها لتفكيك الحشد الشعبي، معتبرةً إياه تهديدًا للأمن القومي العراقي والمصالح الغربية في المنطقة. وبالاضافة الى دعوات داخلية معتدلة من شخصيات سياسية ودينية عراقية، مثل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، دعوا مرارًا إلى حصر السلاح بيد الدولة وحل المليشيات. الصدر، الذي يقود فصيل “سرايا السلام” ضمن الحشد، دعا في نوفمبر 2021 إلى حل الحشد بالكامل ودمجه في الجيش العراقي، معتبرًا أن استمرار وجوده يُهدد السيادة الوطنية. وبما أن تراجع النفوذ الإيراني اصبح واضحا وجليا وهذا التراجع قلّص من قدرة إيران على دعم فصائلها في العراق، خاصةً مع الضغوط الدولية للحد من برنامجها النووي. الرئيس اللبناني جوزيف عون أكد في نيسان 2025 :” أن لبنان لن يستنسخ تجربة الحشد الشعبي، وأن أي دمج لحزب الله يجب أن يتم عبر انضمام مقاتليه إلى الجيش اللبناني تحت شروطٍ صارمة، مع الحفاظ على احتكار الدولة للسلاح” هذا الموقف جاء مدعومًا بضغوط أمريكية مكثفة، اليوم تواجه جميع فصائل المسلحة المنضوية تحت عباءة مؤسسة الحشد الشعبي الحشد تحديات مماثلة لا تقل خطورة عن التحديات اللبنانية . فصائله، التي تضم حوالي 250 ألف مقاتل وعشرات من الفصائل تتمتع باستقلاليةٍ كبيرة، وتتلقى أوامرها من قياداتٍ موالية لإيران، لكن محاولات سابقة لإعادة هيكلة الحشد، مثل الأمر الديواني الصادر عام 2019 عن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، اصطدمت برفض الفصائل الموالية لإيران، التي شكّلت “حشدًا انفصاليًا” للحفاظ على استقلاليتها ؟. والولاءات الإيرانية وعلى عكس حزب الله، الذي يتمتع بهيكليةٍ مركزية تحت قيادة واحدة، يتكون الحشد الشعبي من فصائل متنوعة، بعضها يتبع المرجعية الدينية في النجف، وبعضها الآخر يتبع “ولاية الفقيه” في طهران. هذا التنوع يجعل عملية الدمج أكثر تعقيدًا، حيث ترفض أحزاب وفصائل مسلحة الخضوع لسلطة الدولة.

وعلى الرغم من أن المادة 9 من الدستور العراقي يمنع تشكيل ميليشيات خارج إطار القوات المسلحة، لكن الحشد استطاع استغلال قانون 2016 ليحافظ على وجوده القانوني. أي محاولة لحل تتطلب إرادة سياسية قوية، وهو ما يفتقر إليه جميع سياسي “الإطار التنسيقي”، الذي يضم أحزابًا موالية لإيران.

اضافة الى التوترات الطائفية واتهامات منظمات حقوقية، مثل العفو الدولية، للحشد الشعبي بارتكاب انتهاكات وجرائم ضد السنة وتصفيات خارج نطاق سلطة القضاء ، قد تُعقد عملية الدمج، حيث يخشى البعض أن تؤدي إلى تصعيد طائفي، خاصةً في ظل التوترات المستمرة بين الكتل السياسية السنية والشيعية.وأن تراجع نفوذ إيران يُضعف قدرة الفصائل الموالية لطهران على مقاومة الضغوط الأمريكية والدولية. أن نجاح التجربة اللبنانية أذا حدثت كما هو مخطط لها قد يُشجع الحكومة العراقية على اتخاذ خطوات مماثلة أو حتى أن يفرض عليها النموذج اللبناني وهذا ما نتوقعه وفي حالة الرفض أو المماطلة فان هناك شبح العقوبات الاقتصادية وكذلك والاهم ادراج مؤسسة الحشد الشعبي فورآ ضمن العقوبات الاقتصادية الامريكية . وعلى الرغم من دعم المرجعية “السيستاني” الذي دعا إلى تشكيل الحشد، دعم مرارًا فكرة حصر السلاح بيد الدولة. وإصدار فتوى جديدة لإنهاء “الجهاد الكفائي” قد يُشكل غطاءً دينيًا وسياسيًا لحل الحشد. وان سرعة التغيرات الإقليمية وبالأخص بعد انهيار “الهلال الشيعي” يُقلل من قدرة إيران على تمويل وتسليح الفصائل، مما قد يدفعها لتقديم تنازلات، مثل قطع تمويل الحشد وحل فصائله بالقوة إذا تطلب الأمر ذلك. وبما أن هناك السيناريو المتفائل الذي يلوح بالأفق حال نجاح التجربة اللبنانية وقد يُلهم العراق لتطبيق نموذجٍ مشابه، حيث تُدمج فصائل الحشد في الجيش والشرطة تحت إشراف الدولة. هذا يتطلب دعمًا دوليًا قويًا، وإرادة سياسية من الحكومة العراقية، وفتوى دينية من المرجعية لإنهاء شرعية الحشد. وبالمقابل سيكون هناك أيضا السيناريو المتشائم في حال أصرت ورفضت الفصائل الموالية لإيران الدمج قد يؤدي إلى مواجهات مسلحة مع فصائل أخرى، مثل “سرايا السلام” التابعة للصدر، مما يُنذر بحرب أهلية مشابهة لما يحدث في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. ومن مخاوف من تكرار هذا السيناريو في العراق. وأما السيناريو الوسطي والذي قد يتبناه مجلس النواب العراقي ومن خلال يتم التوصل إلى حل وسط، حيث تُدمج بعض فصائل الحشد في المؤسسات الأمنية، بينما تُحل الفصائل الأكثر ولاءً لإيران أو تُقلص صلاحياتها، مع استمرار الضغط الدولي للحد من نفوذ طهران والتي بدورها ما تزال تبحث عن حل وسط مع امريكا لغرض انهاء ما يعرف بالتخلي عن السلاح النووي لأنها تعتبر هذا السلاح هو الضمان لها لغرض فرض هيبتها على دول الخليج العربي وبدون السعي لهذا السلاح فإنها تسلم راية الاستسلام الشيعية  الى السعودية الممثل للسنة ؟ هذه العقلية الطائفية حتى وان لم يتم التصريح بها من قبل الدولتين الإسلاميتين فأن جميع تصرفاتهم وتصريحاتهم تنصب في مبدأ المنافسة فيما بينهما على العالم الإسلامي الاولى عبر قنبلتها النووية المنتظرة والآخر عبر قوة استثماراتها الاقتصادية وانتاجها للنفط المصدر الرئيسي والاوحد للطاقة وادامة دوران عجلة الاقتصاد العالمي.

إن تصريح السيد “توم باراك” حول إمكانية نزع سلاح “حزب الله” في لبنان سوف يفتح دون شك نافذةً جديدةً للنقاش حول مستقبل “الحشد الشعبي” في العراق والأهم أن لا يكون دولة داخل الدولة نفسها أو قد يشكل مع بعض اليمين المتشدد دولة عميقة خاضعة لإرادته . ومع تراجع النفوذ الإيراني الواضح وتغير خريطة الشرق الأوسط ، يواجه اليوم العراق فرصةً نادرةً لاستعادة سيادته الأمنية عبر دمج “الحشد” في مؤسسات الدولة. وعلى الرغم من أن هذا المسار قد يكون محفوف بالمخاطر والتحديات وحتى العرقلة القانونية في مجلس النواب ولكن العراق بحاجة إلى إرادة سياسية قوية، ودعمٍ دوليٍ وداخلي، لتجنب شبح الحرب الأهلية وضمان استقرارٍ مستدام . فهل سيكون العراق على موعدٍ مع إعادة هيكلةٍ أمنيةٍ تُعيد له هيبة الدولة، أم أن الفوضى السلاح والولاءات الخارجية ستظل السمة الغالبة على الوضع ؟ الإجابة تكمن في الخطوات القادمة التي سوف يتم اتخاذها من قبل كل من : الحكومة العراقية والمرجعية الدينية والقوى السياسية المعتدلة والمجتمع الدولي؟.

[email protected]

 

أحدث المقالات

أحدث المقالات