خاص: كتبت- نشوى الحفني:
من اللحظة الأولى لتوليه رئاسة “الولايات المتحدة الأميركية”، أصبحت تصرفات وقرارات؛ “دونالد ترمب”، تُمثّل إزعاجًا كبيرًا طال أيضًا مؤيديه، فمؤخرًا ذكرت صحيفة (بوليتيكو) أن السياسات الصارمة التي يتبّعها الرئيس الأميركي فيما يتعلق بالهجرة قد تؤدي إلى نتائج سلبية على سوق العمل الأميركي، رغم المكاسب التي ترّوج لها الإدارة، باعتبارها جزءًا من: “تأثير ترمب”.
وأوضحت (بوليتيكو) أن مشروع القانون الضخم الذي يدعمه الجمهوريون، والذي يُعرف باسم: “الفاتورة الكبيرة والجميلة”، يتضمن تخصيص نحو: (150) مليار دولار لتعزيز أمن الحدود، وزيادة مراكز الاحتجاز، وتوسيّع عمليات الترحيل بشكلٍ غير مسبّوق.
تضَّر بالاقتصاد الأميركي..
ووفقًا لما نقلته الصحيفة؛ انخفض عدد العمال الأجانب في السوق الأميركي للشهر الثالث على التوالي خلال حزيران/يونيو 2025، حتى مع استمرار الاقتصاد الأميركي في تسجيل مكاسب وظيفية بلغت: (147) ألف وظيفة خلال نفس الشهر.
وبينما يرى مسؤولو “البيت الأبيض” أن تقليص الهجرة سيدفع المزيد من الأميركيين لدخول سوق العمل، والمساهمة في سدّ النقص، يُحذر العديد من الاقتصاديين من أن هذه السياسة قد تضَّر بالاقتصاد الأميركي على المدى القريب والبعيد.
وأشار تقرير (بوليتيكو) إلى أن “ترمب” قام؛ مؤخرًا، بجولة تفقدَّية داخل مركز احتجاز جديد في ولاية “فلوريدا” يُعرف باسم: (أليغاتور ألكاتراز)، وهو مرفق مخصص لاحتجاز المهاجرين غير الشرعيين، الذين يتم اعتقالهم ضمن حملات الترحيل التي أطلقتها الإدارة خلال ولايته الثانية. وخلال هذه الزيارة، أكد مسؤولون في الإدارة أن مشروع القانون الجديد سيوفر الموارد اللازمة لتوسيّع هذه المراكز، وزيادة أعداد قوات ضبط الحدود.
تباطؤ نمو القوى العاملة..
ويرى “البيت الأبيض” أن سوق العمل الأميركي يمتلك ما يكفي من العمال المحليين لتغطية أي نقص ناجم عن تراجع الهجرة، مستَّشهدين بنسبة البطالة المرتفعة بين فئة الشباب واليافعين، إلا أن العديد من الاقتصاديين والخبراء يُحذرون من أن تقليص أعداد العمال المهاجرين قد يؤدي إلى انخفاض معدل التوظيف اللازم للحفاظ على استقرار سوق العمل، مما قد يؤثر على نمو الاقتصاد بشكلٍ عام.
وأشارت (بوليتيكو) إلى أن رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي؛ “جيروم باول”، حذر من أن تراجع الهجرة سيؤدي حتمًا إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في المستقبل، مؤكدًا أن تباطؤ نمو القوة العاملة سيحد من قدرة الاقتصاد الأميركي على التوسع.
تراجع شعبي ملحوظ..
قالت صحيفة (واشنطن بوست) في تقرير مشترك مع (إيه. بي. سي نيوز) و(إبسوس)؛ إن الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، يشهد تراجعًا ملحوظًا في شعبيته بشأن ملف الهجرة، رغم أن هذا الملف كان من أبرز ركائز حملته وسياسته في الولاية الثانية.
وذكرت الصحيفة أن استطلاعًا جديدًا للرأي أظهر أن: (53%) من الأميركيين لا يوافقون على أداء “ترمب” في ملف الهجرة، مقابل: (46%) يؤيدونه، وهو ما يُمثّل تحولًا واضحًا عن شهر شباط/فبراير الماضي، عندما كانت نسبة التأييد تُعادل نصف المشاركين في الاستطلاع.
وأشار التقرير إلى أن التراجع في التأييد شمل شرائح سياسية مختلفة، إذ أعرب: (90%) من الديمقراطيين، و(56%) من المستقلين، وحتى: (11%) من الجمهوريين، عن عدم رضاهم عن طريقة إدارة “ترمب” لهذا الملف.
وقالت الصحيفة إن هذا الانخفاض في التأييد يأتي في وقتٍ يواجه فيه “ترمب” انتقادات متزايدة بسبب سياساته الأحادية وتجاهله أحيانًا للقيود الدستورية المفروضة على السلطة التنفيذية، خصوصًا مع اقتراب إتمامه: الـ (100) يوم من ولايته الثانية.
معركة “مجلس النواب”..
وفي السيّاق؛ قالت صحيفة (واشنطن بوست)، إن أعضاء في الحزب (الجمهوري) حذروا الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، من خطورة مشروع القانون الجديد، الذي يتضمن تخفيضات على برنامج (ميديكيد)، مؤكدين أن هذه الخطوة قد تُكلف الجمهوريين أغلبيتهم في “مجلس النواب”.
في المرحلة المقبلة؛ سيحتاج “ترمب” إلى دفع المشروع بقوة داخل “مجلس النواب”، حيث هدّد عددٍ من الجمهوريين بالفعل بالتصّويت ضده، مُعرّبين عن قلقهم من كلفته الباهظة، وكذلك من بعض البنود التي تشمل خفض تمويل برنامج (ميديكيد-Medicaid)، وهو برنامج التأمين الصحي للفقراء وذوي الإعاقة.
وكان “مجلس النواب” قد مرر نسخة سابقة من المشروع؛ في أيار/مايو، بفارق صوت واحد فقط.
وتقول الصحيفة؛ إنه حتى لو تمكن “ترمب” من توحيد صفوف الجمهوريين خلف المشروع؛ خلال الأيام المقبلة، فإنه سيواجه مهمة أصعب في الدفاع عن هذا التشّريع أمام الرأي العام الأميركي، الذي يبدو أنه بدأ ينقلب عليه.
“رون بونغين”؛ وهو مستشار استراتيجي جمهوري، يقول للصحيفة: “سيتوجب عليهم بيع هذا المشروع للشعب الأميركي، لأن معظم الناخبين بدأوا للتو في إدراك تفاصيله”.
ويُحذر من أنه: “إذا لم يحدث ذلك، فسيّنسى الجميع هذا المشروع، أو سيواصل المنتقدون الهجوم عليه، وسيظل عالقًا في أذهان الناخبين كذكرى سلبية”.
انتقادات ورفض شعبي..
أظهرت استطلاعات الرأي باستمرار أن المشروع لا يحظى بشعبية كبيرة، بسبب بنود تشمل تخفيضات ضريبية للأثرياء مقابل تقليص الرعاية الصحية والبرامج الاجتماعية للفقراء.
وحذّر محللون مستقلون من أن خفض تمويل (ميديكيد) قد يُحرم نحو: (12) مليون أميركي من التأمين الصحي خلال السنوات المقبلة. كما كشف استطلاع أجرته (مورنينغ كونسالت)، في عطلة نهاية الأسبوع، أن: (50%) من الناخبين يُعارضون المشروع، مقابل: (36%) فقط يؤيدونه.
وعلى الرُغم من معارضة الديمقراطيين للمشروع بشكلٍ موحد، واجه “ترمب” هجمات من بعض الجمهوريين وحلفائه الذين انتقدوا هذا التشريع، والذي يُمثّل هدفه التشريعي الأهم في “الكونغرس”.
الملياردير “إيلون ماسك”؛ الذي انسحب مؤخرًا من الإدارة الأميركية بعد خلاف مع “ترمب”، جدّد هجومه على المشروع قائلًا؛ على منصة (إكس): “كل ما أطلبه هو ألا نُفلس أميركا”. ورد “ترمب” باقتراح قطع الدعم الحكومي عن شركات “ماسك”، ثم ألمح لاحقًا إلى احتمال ترحيله إلى “جنوب إفريقيا”، موطن ولادته.
وفي “مجلس الشيوخ”؛ صوّت (03) من أصل: (53) عضوًا جمهوريًا ضد المشروع، واستمروا في انتقاده بعد التصّويت.
وقالت السيناتورة “سوزان كولينز”؛ من ولاية “مين”، للصحيفة: “صوتي الرافض للمشروع سببه الأساس هو تأثيره الضار على برنامج (ميديكيد)، ما سيؤثر على العائلات ذات الدخل المنخفض، وعلى مقدمي الرعاية الصحية في المناطق الريفية مثل مستشفياتنا ودور المسَّنين”.
امتعاض جمهور ورفض ديمقراطي..
حتى بعض المشَّرعين الجمهوريين الذين صّوتوا لصالح المشروع عبروا عن امتعاضهم.
قالت السيناتورة “ليزا موركوفسكي”؛ من “ألاسكا”، التي كانت متَّرددة لكنها وافقت في اللحظة الأخيرة: “رغم أننا عملنا على تحسيّن المشروع لألاسكا، إلا أنه لا يزال غير مناسب لبقية البلاد، ونحن نعلم ذلك”.
وأضافت: “أتمنى بصدق ألا يكون هذا هو النص النهائي”، مطالبة “مجلس النواب” بإدخال تعديلات عليه.
وبحسّب الصحيفة؛ فمع الأغلبية الضئيلة للجمهوريين في “مجلس النواب”، ووقوف الديمقراطيين صفًا واحدًا ضد المشروع، لا يُمكن لرئيس المجلس؛ “مايك جونسون”، وهو حليف مقُرب لـ”ترمب”، أن يخسر سوى عدد محدود جدًا من الأصوات إذا أراد تمريره.
وكان “مجلس الشيوخ” قد أجرى تعديلات جوهرية عدة على النسخة التي أقرها “مجلس النواب”؛ في أيار/مايو، مما زاد من كلفة المشروع وعمق التخفيضات في (ميديكيد)، وهو ما أثار غضب بعض الجمهوريين في المجلس.
ويجب أن يوافق كلا المجلسين؛ (النواب والشيوخ)، على نسخة موحدة من المشروع قبل أن يُرسّل إلى “ترمب” لتوقّيعه وتحويله إلى قانون، وذلك قبل الموعد الذي حدّده “ترمب” لنفسه، وهو الرابع من تموز/يوليو.
ودعا “ترمب” الجمهوريين في “مجلس النواب” لدعمه؛ يوم الثلاثاء، وكتب على منصته (تروث سوشيال): “إلى أصدقائي الجمهوريين في مجلس النواب: ابقوا موحدين، واستمتعوا، وصوتوا بـ (نعم)… بارككم الله جميعًا!”.
أما نائب الرئيس؛ “جي. دي فانس”، فقد أشاد بالمشروع على منصة (إكس)، مشيرًا إلى أنه يُحقق وعود “ترمب” الرئيسة في حملته الانتخابية لعام 2024، ومنها: “تخفيضات ضريبية ضخمة، خصوصًا الإعفاء من الضرائب على البقشيش وساعات العمل الإضافية”، بالإضافة إلى: “تمويل كبير لأمن الحدود”.
لكن ذلك لم يمنع عددًا من الجمهوريين في “مجلس النواب” من انتقاد نسخة “مجلس الشيوخ”، مطالبين بمزيد من التعديلات وهو ما قد يُفشّل التصّويت هذا الأسبوع؛ ويؤدي إلى تجاوز الموعد النهائي الذي حدّده “ترمب”.
أمل ضعيف وقلق داخلي..
وقال النائب الجمهوري؛ “مارلين ستاتزمان”، من ولاية “إنديانا”، على (إكس): “التعديلات التي أضافها مجلس الشيوخ على مشروع القانون الجميل، بما في ذلك الزيادات غير المقبولة في الدين الوطني والعجز، ستجعل تمريره في مجلس النواب صعبًا”.
وبينما أبدى البعض نبرة أكثر تفاؤلًا، إلا أنهم قللوا من احتمال إقرار القانون هذا الأسبوع. وقال “آندي هاريس”؛ رئيس تكتل (الحرية) المحافظ في “مجلس النواب”، لقناة (فوكس نيوز): “سنصل إلى ذلك في نهاية المطاف، لكني لا أعتقد أنه سيكون خلال اليومين المقبلين”.
وقال رئيس مجلس النواب؛ “مايك جونسون”، للصحافيين في (الكابيتول)، يوم الثلاثاء، إنه سيواصل جهوده لإيصال المشروع إلى مكتب الرئيس بحلول الجمعة.
وأضاف: “هدفي ومسؤوليتي هي تمرير هذا المشروع، وسنفعل كل ما في وسعنا لتحقيق ذلك”.
لكن، مع بقاء (16) شهرًا فقط على الانتخابات النصفية، قد يتبّين أن أي إنجاز تشريعي لـ”ترمب” والجمهوريين هو نصر باهظ الثمن.