الشرق الأوسط الهدوء النسبي قبل العاصفه

الشرق الأوسط الهدوء النسبي قبل العاصفه

تشهد منطقة الشرق الأوسط حالياً حالة من التوترات المتشابكة على المستويين الأمني والسياسي حيث تتداخل الملفات الإقليمية في ظل انعدام أفق الحلول الشاملة وتصاعد سياسات الترقب والضغط المتبادل بين الأطراف الفاعلة بالمنطقه

١-حماس واسرائيل :-

تجري حالياً مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحماس بوساطة قطرية، وقد وافق الطرفان على الاستمرار فيها، لكن طبيعة الطروحات تشير إلى أن إسرائيل تسعى لتهدئة مؤقتة تمتد لستين يوماً بهدف استعادة الأسرى فقط، دون التزام بإنهاء الحرب بشكل نهائي. هذا ما يثير شكوكاً كبيرة حول نوايا إسرائيل، خصوصاً في ظل غياب أي إعلان رسمي بشأن نهاية الحرب أو الدخول في مسار إعادة إعمار غزة. من جانبها، طالبت حماس بإدراج بند صريح حول إنهاء الحرب، مع وجود طرف ضامن يضمن استمرار المفاوضات والوصول إلى اتفاق نهائي يتضمن الإعمار. إلا أن المؤشرات تفيد بأن إسرائيل تنظر إلى هذه الهدنة كأداة مرحلية تستخدمها لأهداف عملياتية وسياسية، دون التخلي عن هدفها الاستراتيجي المتمثل في إضعاف حماس والسيطرة الأمنية على غزة مستقبلاً. وهذا الموقف لا ينسجم مع تقييم المؤسستين الأمنية والعسكرية داخل إسرائيل، واللتين بدأتا تميلان نحو الإقرار بعدم جدوى الحل العسكري وضرورة اللجوء إلى خيارات سياسية، إلا أن القيادة السياسية في تل أبيب لم تُظهر حتى الآن استجابة لهذا التوجه.

٢- اليمن واسرائيل:-

أعلنت إسرائيل نيتها شن غارات جوية على أهداف في اليمن، وحددت بالفعل تلك الأهداف، وهو ما يشير إلى تصعيد إسرائيلي جديد تجاه الحوثيين الذين يستهدفون المصالح الإسرائيلية في البحر الأحمر. هذا التصعيد يأتي على الأرجح في إطار الردع ومحاولة كبح قدرات الحوثيين، مع الاحتفاظ بخط الرجعة وعدم الانجرار إلى مواجهة شاملة رغم أن نتائج مثل هذه الخطوات قد تكون غير مضمونة في بيئة إقليمية متفجرة.

٣- العراق:-

سُجلت ضربات بطائرات مسيّرة استهدفت مواقع داخل إقليم كردستان، دون أن تُعلن أي جهة مسؤوليتها عنها حتى الآن هذه الضربات تفتح الباب أمام فرضيات متعددة من بينها تنفيذ عمليات استخبارية بتصفية حسابات داخل الإقليم في ظل احتدام الصراع غير المعلن وبعد ان اصبح الإقليم مخبأ للمعارضين الإيرانيين والأتراك مع وجود محطات للموساد الاسرائيلي تدير عمليات قذرة ضد البلدان المجاورة وأننا لن نستبعد أبدا قيام اسرائيل بهكذا نوع من العمليات لأجل خلط الأوراق .

٤-العلاقة بين إيران والولايات المتحدة فتشهد المفاوضات بين الجانبين جموداً تاماً وسط تصعيد لافت في الاستعدادات العسكرية لدى كل من إيران وإسرائيل. إيران قامت بتعزيز قدراتها الدفاعية عبر استيراد طائرات صينية متطورة، بالإضافة إلى تطوير منظومة الدفاع الجوية وشن حملات أمنية واسعة ضد شبكات التجسس الإسرائيلية داخل أراضيها في المقابل تسعى إسرائيل إلى الحصول على صواريخ خارقة للتحصينات من الولايات المتحدة، وهي منظومة يُرجح أن تحصل عليها بعد موافقة الكونغرس، ما يؤشر إلى اقتراب إسرائيل من استكمال جاهزيتها لعمل عسكري محتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية أو على الأقل التلويح الجدي بالخيار العسكري.

٥- روسيا واوكرانيا:-

تقوم روسيا بشن أعنف الهجمات الجوية منذ شهور على الأراضي الأوكرانية، مستخدمة الطائرات المسيّرة لضرب أهداف عسكرية واقتصادية حيوية. هذا التصعيد يأتي في إطار استراتيجية إنهاك طويلة الأمد تهدف إلى ضرب قدرة كييف على الاستمرار في القتال وتعميق الفجوة بين أوكرانيا وداعميها الغربيين.

٦- تحليل موجز :-

يتضح أن المنطقة تمر بمرحلة إعادة تشكيل في قواعد الاشتباك، حيث تتعامل الأطراف الفاعلة مع الأزمات بوصفها ملفات منفصلة لكنها مترابطة ضمنياً. إسرائيل على سبيل المثال، تحاول اللعب على حبال عدة في آن واحد، من خلال تهدئة جزئية في غزة، وتصعيد محدود في اليمن واستعداد استراتيجي لمواجهة مع إيران. لكنها لم تُنجز حتى الآن أي هدف استراتيجي حاسم في غزة، رغم مرور عدة أشهر على الحرب. في حين تواصل إيران في تحسين منظومتها الدفاعية والهجومية استعداداً لأي مواجهة محتملة. هذه الديناميكية توحي بأن مرحلة ما بعد هدنة غزة – إن تمت – قد تكون بمثابة إعادة ترتيب الحسابات السياسية والعسكرية وتنظيم مؤقت وليست نهاية للمواجهة بل استراحة مقاتل قبل جولة جديدة أكثر عنفاً وشمولاً وأصبحنا قريبن جدا من اندلاع الجولة الثانية بين اسرائيل وايران .

أحدث المقالات

أحدث المقالات