العراق بين فخّ النظام الطائفي وغياب الدولة

العراق بين فخّ النظام الطائفي وغياب الدولة

منذ عام 2003، دخل العراق في تجربة سياسية جديدة بُنيت على أنقاض دولة منهارة، لكن الأساس الذي وُضع لبناء “الديمقراطية” كان معيبًا من منطلقه الأول. لقد فرض الاحتلال الأميركي نظامًا قائمًا على المحاصصة الطائفية والعرقية، حيث قُسمت السلطة على أساس الانتماء لا على أساس الكفاءة أو المشروع الوطني.
هذا النموذج الطائفي لم يكن فقط عاجزًا عن بناء دولة مدنية حديثة، بل شجع الانقسامات، وأعاد إنتاج الصراعات بشكل مستمر. النتيجة كانت واضحة: ضعف في مؤسسات الدولة، تفشي الفساد، وتحويل الوزارات والمناصب إلى غنائم حزبية توزع بين القوى المتنفذة.
الأزمة في العراق ليست أزمة أشخاص فاسدين فقط، بل أزمة نظام مشوَّه يُفرز الفساد ويمنع الإصلاح. لا يمكن الحديث عن تغيير حقيقي ما لم يُعاد النظر في البنية السياسية والدستورية التي فُرضت بعد الاحتلال، وما لم يُستبدل مبدأ المحاصصة بمبدأ المواطنة، وتُبنى دولة ترتكز على القانون والعدالة والهوية الوطنية الجامعة.
لقد أثبتت السنوات الماضية أن أي إصلاح يُطرح داخل النظام الحالي يبقى شكليًا أو محدودًا، لأنه لا يمس جوهر المشكلة. الحل لا يكمن في تدوير الوجوه أو تبديل التحالفات، بل في تفكيك هذا النظام الطائفي وإعادة بناء دولة على أساس المواطنة، والمحاسبة، وفصل السلطات.
الوقت يمر، والثمن يدفعه الشعب. والعراق، بكل ما يملكه من إمكانيات بشرية وثروات، يستحق نظامًا يعبر عن تطلعاته لا عن صفقات الأحزاب.

أحدث المقالات

أحدث المقالات