بين ليلة و ضحاها، قام تنظيم إرهابي صغير يسمى (الدولة الإسلامية في العراق و الشام) بإسقاط ثاني أكبر مدينة في العراق – الموصل – و الاستيلاء على ما يقارب 500 مليون دولار من بنوك المحافظة إلى جانب كميات هائلة من الأسلحة و العتاد و ذلك حسب مصادر محلية و عالمية. حسب المحللين الأمريكيين في معهد واشنطن للدراسات الشرق الأدنى فإن عدد مقاتلي هذا التنظيم يقدّر بحوالي 7000 مقاتل. السؤال هنا هو “كيف استطاع هذا التنظيم الإجرامي الصغير من إسقاط الموصل و الزحف نحو كركوك و ديالي و تكريت بتلك القوة الصغيرة؟ من الواضح جدا أن إقليم كردستان العراق بقيادة السيد مسعود البارزاني و مخابراته بقيادة إبنه مسرور كان المخطط الرئيس و المستفيد من تحالفه مع تنظيمي داعش و حزب البعث بقيادة عزة الدوري.
كل الدور الذي قام به الأخوان نجيفي لا يقارن البتة بالأعداد و التخطيط و الدعم الذي هيئه الإقليم – الذي أصبح مرتعا خصبا لمدراء الأمن و مخابرات البعث المهزوم و حتى مرتعا لآلاف الخليجيين السعوديين على وجه الخصوص – و الأمر الواضح جدا و الذي لا يكابر في إنكاره إلا ذو غرض خبيث أو أحمق هو أن كردستان العراق أثبت بما لا يقبل الشك أنه و بفعل قياداته الفاسدة لا يمانع أو حتى يفضّل تدمير العراق في سبيل توطيد دكتاتورية العائلة البارزانية و المافيا التي يقودها المدعو “فاضل مطني” المعروف أيضا بمغتصب النساء “فاضل البرواري”.
الأهم الآن من معرفة حقيقة ما جرى و سيجري هو أنه بعد أن يتم سحق الإرهابيين هو إزالة أسباب هذا الإرهاب. الحل في العراق يجب أن لا يستخدم أساليب و طرق الماضي، و يجب الحذر كل الحذر من سياسيين أمريكيين قد يسعون إلى فرض أجندات لصالح السعودية و إقليم البارزاني، و السفير الأمريكي السابق في العراق جايمس جيفري الذي خدم في بغداد من 2010 و حتى 2012 هو مثال جيد لبعض هؤلاء السياسيين الأمريكيين الفاسدين. بينما سياسيون أمريكيون آخرون كالسفير ريان كروكر خدم من 2005 و حتى 2007 يسعون للفعل لإيجاد تعاون بناء مع العراق.
الديمقراطية هي حكم الأغلبية مع توفير حق المعارضة و حرية التعبير للمعارضين. لحد الآن لا غالبية السنة العرب و لا السنة الأكراد – الأكراد أكثر إعاقة للديمقراطية بفعل نظامهم الدكتاتوري الفاسد – قبلوا بمباديء الديمقراطية و طوال السنوات الماضية كانوا دوما يستخدمون تعبير “حكومة الشراكة الوطنية” لتفادي الاستحقاق الديمقراطي و للإبقاء على منظومة و شفافية المحاسبة معطلة بعيدة عن تفعيل نظام أكثر نزاهة للحكم.
لتحقيق النجاح في مرحلة ما بعد هزيمة داعش و البعث، على العراق تطبيق ما يلي:
أولا: إقرار مزيد من القوانين ذات الطابع العلماني للدولة و تجفيف مظاهر تطييف الدولة، حيث نوه السيد السيستاني المرجع الأعلى بأن على الحكومة و الإعلام عدم الزج بصورته في المؤسسات و في المواد الإعلامية و أن العلم العراقي و الخارطة العراقية هو ما يجب أن يرمز للدولة. و من ضمن التغييرات التي نتمنى إجرائها هو إلغاء درس الدين من المناهج الدراسية و استبدالها بـ”الأخلاقيات” و تعليم الطلاب الأخلاق بأسسها الفلسفية لا الدينية الطائفية.
ثانيا: وضع قيود و برامج أمنية لمتابعة كبار أعضاء حزب البعث السابقين و مدراء الأمن و ضباط الحرس الجمهوري لمنعهم من أي انخراط أو تعامل مع البعث كتنظيم و غيره من المجاميع الإرهابية.
ثالثا: خلق تحالف أكثر متانة مع الولايات المتحدة الأمريكية – حيث ثبت فعليا حاجة العراق للدعم و الحماية بسبب الهجمة الحالية المدعومة من إقليم كردستان و دول الجوار. لم ننسى كيف كان بشار الأسد يغض الطرف عن الإرهابيين الذين كانوا يفخخون و ينتحرون في العراق مدعومين من البعث السوري حتى 20011.