بالفطرة كل انسان عندما يريد اتخاذ قرار او ان يخطو خطوة ، يضع في حساباته الخيارات وما يترتب عليها حتى يختار الافضل ، ولو قمنا بعمل استطلاع على الامام الحسين عليه السلام ومن كان معه في تلك الواقعة الماساوية باحداثها الدامية والمهمة في تثبيت الاسلام ، لكي نستقرئ خياراتهم عندما اصبح عليهم نهار العاشر من محرم.
سناخذ عينة ونحاول قراءة خياراتهم ، فمثلا بطل الطف الامام الحسين عليه السلام ماهي الخيارات التي كانت في حساباته وما عرض عليه من قبل يزيد ؟ لو سلم الامر ليزيد هذا الخيار ماذا سيترتب عليه؟ اما ان يحفظ دمه ويجنب عياله وصحبه القتل ، او يغدر به يزيد ويقتله حتى لو سلم الامر له ، والخياران يترتب عليهما ذلة مع انتكاسة راية الاسلام والحسين عليه السلام قال هيهات منا الذلة ، والخيار الاخر انه يرفض البيعة ويواجه العدو ، وهنا خيار واحد لا غير وهو استشهاده هو ومن معه ، ومن ثم ماذا ؟ الفوز برضا الله عز وجل وصيانة رسالة الاسلام وسيكون حديث الاحرار عبر الزمن ما دام هنالك ليل ونهار ، واليوم نرى بام اعيننا كيف الاحرار يحيون ذكراه في العاشر من محرم ، وهنا لابد لنا الاشارة ان خيارات الامام الحسين عليه السلام تختلف عن خيارات من معه لانه الامام المعصوم والقدوة للمسلمين وقراراته نص لاستنباط الحكم الشرعي .
ناتي لدراسة خيارات اصحابه باستثناء عبدالله بن الضحاك المشرقي الذي قاتل مع الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء لكنه انسحب من القتال بناءً على اتفاق بينهم كما ذكرت الروايات عن ذلك.
لكن مثلا حبيب بن مظاهر خياراته اما ان ينسحب او يقاتل ، ولو انسحب فهو كبير قومه لكن ماذا سيقول عنه قومه ، وان قاتل سيستشهد بحكم التفاوت بين قوة الطرفين ، يعني خياراته اما الموت او الحياة ، فكان رايه الموت ، جون هذا العبد الفقير لو انسحب سوف لا يتلقى توبيخ اصحابه وحتى التاريخ ، لان الحسين عليه السلام اصلا عرض عليه الانسحاب ، وكان خياره الانسحاب او القتال والموت ؟ فاختار القتال والموت ، وهكذا كل اصحابه ، وهنا لنسال لماذا اختاروا الموت ؟ ماهو الايمان اليقيني الذي يتمتعون به حتى يفضلون الموت مع الحسين على الحياة ؟
اما عبد الله ابن الضحاك فان خياره القتال من اجل ان يقال انه قاتل مع الحسين والحفاظ على روحه وليس دفاعا عن الحسين عليه السلام يعني انه قاتل لاجل سلامته باطنا وذكره ضمن اصحاب الحسين ظاهرا ، واختار الحفاظ على روحه بدلا من اكمال القتال حتى لا يكون خيار الموت في حساباته .
طبعا يقابلها خيارات يزيد وعبيد الله بن زياد والشمر وشبث وعمرو بن سعد فلكل طاغية خياراته ، مثلا يزيد هو من حدد خياراته ظاهرا لكن باطنا لديه خيار واحد فظاهرا يريد من الحسين ان يبايع ويتركه واذا قاتل قتله ، وهنا يزيد يعلم ان مسالة البيعة له لا تكون لذا جعله خيار حتى يمرر عذره على الحمقى لقتل الحسين عليه السلام .
اليوم ماذا ترتب على يزيد بعد جريمته هذه ؟ التاريخ يلعنه الى ابد الابدين وفضحه بكل جرائمه وفسقه لانه لم يحسن اختيار الخيارات التي كانت امامه .
اما الامام الحسين عليه السلام فانه اختار اصعب خيار لانه يعلم ما بعده ستكون كل الخيارات في صالح الاسلام ويبقى هو الحسين في القلب والضمير وما احياء عاشوراء الا دليل من عدة ادلة على علو خياره .
اليوم عندما يرى الموظف امام عينه الفساد او يطلب منه ان يقول الحقيقة على مسؤوله الفاسد فيكون لديه خيارين اما الاعتراف وسيكون الثمن حسب رايه فقدان الوظيفة وهذا قلة الايمان بالله عز وجل ، او الكذب للحفاظ على كما يقول رزقي ورزق عيالي على حساب بقاء الفساد ، ولا يفكر ما سيترتب عليه من تفاقم المنكر ولا يقارن حاله بحال اصحاب الحسين عليه السلام .
خيارات الحسين عليه السلام واصحابه هي بعينها خياراتنا في قراراتنا اليوم ونحن نعيش مفترق طرق ، لكي نعيش اما احرارا او عبيدا .