المواكب الحسينية شعيرة خالدة في وجدان الأمة

المواكب الحسينية شعيرة خالدة في وجدان الأمة

في كل عام ومع حلول شهر محرم الحرام تنبعث من جديد مشاهد الحزن والمواساة وتنبض قلوب الملايين بنداءٍ خالد وهو ياحسين حيث ترتفع الرايات السود وتُقام المجالس وتخرج المواكب تجوب الشوارع لا لتستعرض ألمًا مضى بل لتُحيي قضيةً خالدة وتستنهض ضمير الإنسانية.

إن مواكب العزاء الحسيني ليست طقسًا طارئًا على المجتمعات ولا مناسبة موسمية تختفي بانتهاء أيامها بل هي حركة مستمرة تحمل في جوهرها روح الثورة والوفاء والانتصار للحق انطلقت من كربلاء وامتدت لتشمل قلوب الأحرار في كل مكان وزمان .

وعندما سائل يسأل ماهو سرُّ بقاء هذه المواكب رغم مرور أكثر من أربعة عشر قرنًا على واقعة الطف؟فيكون الجواب بأنه يكمن في عظمة القضية التي جُسدت في كربلاء فالإمام الحسين (عليه السلام) لم يُقتل طلبًا لسلطة ولا رغبةً في دنيا بل خرج ليُصلح أمة جده وليقف في وجه الظلم والانحراف وكانت دماؤه الطاهرة صرخةً بوجه الطغيان وشهادته منارةً تهدي التائهين في دروب الفتن .

وقد أدرك أتباع أهل البيت (ع) أن مسؤوليتهم لا تنتهي عند معرفة القصة بل تبدأ من هناك فإحياء عاشوراء هو إحياء للقيم وتعبير عن موقف وتجديد للعهد ومن هنا كانت المواكب عنوانًا لهذا العشق والولاء والالتزام .

لم تكن هذه المواكب يومًا خالية من التحديات عبر التاريخ وحاول الطغاة كثيراً من قمعها وتشويهها ومنعها بكل وسيلة ممكنة لانها ترعبهم ولكنهم فشلوا لأن الامام الحسين (ع) لم يكن مجرد شخص وأنما كان رمزًا وإذا قُتل الجسد فالفكر لا يُهزم .

إن بقاء المواكب الحسينية رغم المنع والملاحقة هو أكبر دليل على خلود القضية وأن كربلاء لم تُخمد نارها بل ازدادت اشتعالًا في وجدان الشعوب حيث قال الإمام الصادق (ع): “أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا” وهاهي مواكب العزاء الحسيني تظهر اليوم في أبهى صور وهذا الإحياء حيث يجتمع فيها الصوت والدمعة والخطوة لتشكل لوحةَ وفاءٍ لا تنقضي.

ولهذا نقول بيقين ان مواكب عاشوراء باقيةٌ إلى يوم القيامة لأنها شعيرة خالدة في وجدان الأمة وهي ليست من صنع الناس فقط وإنما هي تجلٍّ لمشيئة إلهية بأن تظلّ كربلاء حيّة لتكون معيارًا يفرز الحق من الباطل والنور من الظلمة.

وعندما ترى اليوم المجتمع الإسلامي تشاهد الحق واليقين بأنه تعلم من كربلاء أن الدم أقوى من السيف وأن الموقف يخلّد الإنسان أكثر من انتصاراته الدنيوية وفي كل موكب وفي كل دمعة وفي كل نداء بـ يا حسين يُعاد رسم الطريق نحو كربلاء جديدة تُنبت أحرارًا في كل عصر.

سلامٌ على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين ، وسلامٌ على كل من سار على نهجه وأحيا ذكره وساهم في بقاء المواكب التي لن تخبو حتى قيام الساعة.