أيها العراقيون الأحرار،
في شهر محرم، شهر الألم والكرامة، شهر الحسين عليه السلام، تعود إلينا ذكرى الثورة الخالدة التي لم تكن صراعًا على سلطان، بل صرخة في وجه الظلم، وتجسيدًا للحق، وعنوانًا للفداء والتضحية.
ندعوكم – شيعة وسنة، عربًا وكردًا، مسلمين ومسيحيين، رجالًا ونساء – إلى أن نجعل من هذا الشهر وقفة وطنية نُحيي فيها القيم التي استشهد من أجلها الحسين وأهله وأصحابه: قيم العدل، والحرية، والتكافل، والصبر، والتسامح، والثبات على المبدأ.
إلى إخوتنا من أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام:
احفظوا الشعائر بإعلاء جوهرها، لا شكلها فقط.
اجعلوا من منابركم منابر للتنوير لا للتمزيق، ومن مسيراتكم رسالة للعالم أن الحسين مشروع إصلاح، لا مشروع انقسام.
تحدثوا عن القيم التي نستمدها من كربلاء:
عن العطش والماء، والعدل والجور، والصدق والخداع.
عن زينب وموقفها، عن الأمهات الثكالى، عن كرامة الإنسان في مواجهة الذل.
عن العفو حتى عن من حاربوك، وعن حب الحياة حين تُعاش بكرامة.
وإياكم والطائفية، لا تتركوا الجهلاء يفسدون هذه المجالس. لا تسمحوا لمن يتاجرون بالكراهية أن يعتدوا على معتقدات الآخرين باسم الحسين، فالحسين لا يرضى بذلك، بل نهض من أجله.
وإلى إخوتنا من أهل السنة الكرام:
الحسين منكم وإليكم. هو حفيد نبيكم، وابن علي بن أبي طالب الذي عرفتموه خليفة راشدا وإمامًا عادلا.
احترام الشعائر لا يعني التنازل عن معتقد، بل هو احترام لرمز إسلامي كبير، نقترب منه جميعًا كلما اقتربنا من قيم الإسلام الأصيلة.
فلنجعل من هذا الشهر بوابة لوحدة وطنية:
لا نُعادِيَ فيه بعضنا
لا نلعن، لا نُكفّر، لا نتهم
بل نحبّ، نغفر، نتكاتف، ونتشارك الحزن والأمل
أيها العراقيون،
ليكن شهر محرم شهر بناء الضمير الجماعي، لا شهر إثارة الحساسيات.
ليكن موسمًا نعيد فيه ترتيب أولوياتنا: لا صراع مذهبي، بل صراع ضد الفساد، ضد التبعية، ضد الجهل، ضد الكراهية.
العراق اليوم لا يحتاج إلى مزيد من الخنادق، بل إلى مزيد من الجسور.
لا إلى رفع السيوف، بل إلى رفع الوعي.
لا إلى إعادة مآسي الماضي، بل إلى رسم ملامح المستقبل.
الحسين ما خرج إلا ليُصلح، فلنصلح نحن أيضًا.
ولنُر العالم أن دموعنا على الحسين ليست ضعفًا، بل عزيمة. وأن شعائرنا ليست طقوسًا خاوية، بل رسالة سماوية.
وأن وحدتنا هي أعظم وفاء لرسالة كربلاء.
معًا نبني عراقًا يحبه الحسين، عراقًا لا يُظلم فيه أحد، ولا يُهمّش فيه أحد، ولا يُحرق فيه بيت باسم الدين.
عراقًا نعيش فيه أحرارًا متحابين، مهما اختلفت مذاهبنا وانتماءاتنا.
أخوكم المحب لكل العراقيين