محرم الحرام… دعوة للتكاتف وتجديد القيم الإنسانية
مع حلول شهر محرم الحرام من كل عام تتجدد في وجدان الأمة الإسلامية مشاعر تحمل بين طياتها عبق التاريخ وروح الإيمان وتجدد الأمل في غد أفضل ، شهر يحتل مكانة عظيمة في التاريخ الروحي والإنساني فرغم كونه شهر الحزن إلا أنه يحمل في جوهره دعوة صريحة للتأمل في القيم الكبرى: العدل والإيثار والتضامن والكرامة الإنسانية
ويمثل شهر محرم أول شهور التقويم الهجري ، مناسبة دينية وروحية كبرى إذ يعد من الأشهر الحرم التي عظم الله شأنها في كتابه الكريم فقال تعالى: { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ } ويأتي محرم في مقدمة هذه الأشهر المباركة التي تحظر فيها الحروب وتعظم فيها الأعمال الصالحة
وهذا ما يجعل من هذا الشهر فرصة سانحة لتجديد الروح والانطلاق نحو عام نعيد فيه بناء أنفسنا على أسس من الرحمة والتكافل
ويستحضر في هذا الشهر حدث الهجرة النبوية المباركة من مكة إلى المدينة وهي الهجرة التي شكلت تحولا جذريا في مسار الدعوة الإسلامية وأرخت لبداية عهد جديد من التأسيس والتكامل المجتمعي وقد اعتمدها الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بداية للتقويم الهجري إيمانا منه بأن الهجرة لم تكن مجرد انتقال مكاني بل كانت نقلة نوعية في البناء الحضاري والقيمي للأمة الإسلامية كما يحمل شهر محرم ذكرى فاجعة كربلاء الأليمة التي وقعت في العاشر منه وراح ضحيتها الإمام الحسين بن علي عليه السلام وأهل بيته وأنصاره في ملحمة خالدة جسدت أسمى معاني الشجاعة والصمود والتمسك بالمبدأ لذا فإن شهر محرم لا يعد مجرد فاتحة للعام الهجري بل هو شهر تأمل في التاريخ واستلهام للدروس وتجديد للعهود مع المبادئ الكبرى للعدالة والحرية والكرامة.
وتتنوع طقوس الاحتفاء في مختلف الدول الإسلامية بهذه المناسبة تشمل المواكب ولبس السواد ورفع الرايات السودوالحداد ولعن من قتل الامام الحسين عليه السلام وتعزية المؤمنين وزيارة قبره عليه السلام واقامة المحاضرات الدينية والمجالس الحسينيه التي تدعوا فيها الئ ترك السعي في حوائج الدنيا ولتجديد النية والسعي في طريق الإصلاح فضلا عن المبادرات الاجتماعية التي تشجع على التراحم والتكافل وتعزيز الروابط المجتمعية والدعوات لتجديد النية والسعي في طريق الإصلاح فضلا عن المبادرات الاجتماعية التي تشجع على التراحم والتكافل وتعزيز الروابط المجتمعية.
فالمجتمع أحوج ما يكون اليوم إلى التذكير بقيم الحسين وأصحابه : الوقوف إلى جانب الفقراء، مناصرة المقهورين، دعم الإصلاح، وتوحيد الصفوف في وجه الانقسام.
إنه موسم لإحياء الضمير الجمعي واستعادة الوعي الاجتماعي وتجديد العهد مع الأخلاق
انها فرصة لإعادة النظر في الذات وبناء الأمل على أسس الإيمان والعمل وترسيخ القيم التي جاء بها الإسلام ،الرحمة والعدل والسلام
اخيراً
لنجعل من محرم هذا العام دعوة مفتوحة إلى الخير، نمدّ فيها الجسور بين القلوب ونتشارك الآلام والآمال ونبني معاً وطناً يسوده العدل وتزدهر فيه المحبة والرحمة.