لا مستحيل أمام من يستحق القيادة

لا مستحيل أمام من يستحق القيادة

في مدينة نيويورك، تلك المدينة التي تُعرف بأنها واحدة من أعقد وأقوى مراكز القرار في العالم، استطاع زهران ممداني، الأمريكي من أصول جنوب آسيوية، أن يتقدم الصفوف ويحقق فوزاً سياسياً مهماً بترشيح حزبه له لمنصب عمدة نيويورك. زهران هو ابن مهاجرين من أوغندا من أصول هندية، وهو مسلم نشأ في مجتمع متعدد الأديان والأعراق، واستطاع أن يبني لنفسه اسماً في العمل السياسي والاجتماعي من خلال دفاعه عن قضايا الفقراء والمهمشين، وموقفه الصريح ضد سياسات التمييز.

 

إن ما يجعل قصة زهران ممداني ملهمة ليس فقط فوزه في مدينة تضم نحو خمسة ملايين يهودي وتُعد من أكبر مراكز رجال الأعمال في العالم، بل لأنه أثبت أن لا أحد يستطيع أن يحتكر القرار إذا وُجد الشخص المناسب الذي يتقدم الصفوف بثقة ويطرح مشروعاً حقيقياً يخدم الناس. فالمجتمعات، مهما كانت معقدة ومتداخلة المصالح، قادرة على تمييز القائد المخلص من القائد المزيف. الناس أذكياء، يعرفون من يعمل لأجلهم ومن يتاجر بهم، ولهذا انتصر زهران، ليس لأنه يمثل أقلية، بل لأنه كان الصوت الحقيقي للعدالة الاجتماعية.

 

هذه التجربة ترسل رسالة واضحة للعالم ولنا نحن في العراق تحديداً والبلد امام تحدي اانتخابات برلمانية خلال اشهر بانه لا يوجد مستحيل. العراق ما زال أسير المحاصصة الطائفية والانتماءات الضيقة التي حرمت كثيراً من الكفاءات الوطنية من الوصول إلى قبة البرلمان او حتى قمة القيادة. أن فوز زهران يبرهن أن الطريق يمكن أن يُفتح أمام من يستحق، إذا تقدم الصفوف بجرأة وصدق وحمل مشروعاً وطنياً صادقاً.

 

على العراقيين أن يعوا أن التغيير يبدأ عندما يكسرون حاجز الخوف وحاجز اليأس. القيادة ليست امتيازاً طائفياً ولا إرثاً حزبياً، بل مسؤولية تُعطى لمن يثبت كفاءته وإخلاصه. الشعوب اليوم، حتى في الدول التي يُظن أن القرار فيها مرهون بقوى المال واللوبيات، أصبحت قادرة على كسر التوقعات، فكيف بالعراق الذي يملك تاريخاً وحضارة وشباباً يتوقون للحرية والتغيير.

 

زهران ممداني لم ينتظر أن تمنحه القوى التقليدية فرصة، بل انتزعها من خلال العمل الدؤوب والإيمان بالناس. وهذا هو الدرس الأكبر: الطريق ليس مستحيلاً إذا وقف في مقدمة الصفوف من يستحق أن يُتبع.

أحدث المقالات

أحدث المقالات