بطلقة إيران… هزمت أمريكا والكيان

بطلقة إيران… هزمت أمريكا والكيان

يقال في الحروب، ان الانتصار يسجل دائماً باسم صاحب الطلقة الأخيرة، وهي كلمات اختصرت مافعلته إيران بمعركة استمرت  12 يوما واجهت خلالها كياناً غاصباً مدعوماً من امريكا وغالبية الدول الأوروبية، ويبتعد العرب عن مواجهته بسبب اسطورة عمل على إشاعتها تحت عنوان، الجيش الذي لا يقهر والقبة الحديدة التي لا تخترق والموساد صاحب العمليات السرية والدقيقة، بهدف زرع الخوف حتى يتمكن من تحقيق مشروعه بابتلاع الشرق الاوسط قبل اصطدامه بطهران.
بدأت الحرب بأسلوب اعتاد الكيان على ممارسته مع الرافضين لجرائمه وأطماعه من خلال استغلال المفاوضات بين واشنطن وطهران ليوجه ضرباته للعمق الايراني من خلال غارات جوية ، اعلن بان الهدف منها القضاء على البرنامج النووي الايراني وقتل جميع علماء الطاقة النووية وقادة الاجهزة الامنية وصولا الى تغيير النظام بعد اغتيال المرشد الاعلى السيد علي الخامنئي كما كانت تخطط تل ابيب، وبعلم واطلاع مباشر من قبل ادارة الرئيس الامريكي ترامب الذي شارك بخداع القيادة الايرانية باصراره على التمسك بالمفاوضات ورفضه أمام وسائل الإعلام منح الموافقة للكيان بمهاجمة الجارة الشرقية، ليخرج بعدها الرئيس الأمريكي “منتشيا” بالنصر يتبادل التهاني مع نتنياهو معتقدا بان العملية انتهت، واجنحة إيران كسرت وسترضخ لجميع مطالب تل ابيب وواشنطن.
لكن المفاجأة… ايران وبعد ساعتين امتصت الصدمة وعادت للواجهة بإمتلاك زمام المبادرة واصدرت قياداتها اوامر بتعيين بدلاء عن القيادات العسكرية الذين اغتالهم الكيان، والمباشرة بالرد على الهجوم بموجات من الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية التي ارعبت الكيان لدى وصولها إلى تل ابيب بسرعة غير متوقعة، متجاوزة صورايخ القبة الحديدية التي يتفاخر الكيان بوجودها لحماية مستوطناته، وحتى طوق الحماية الذي حاولت بعض الدول العربية صناعته في اجوائها فشل بالتصدي لتلك الصورايخ، التي اصابت اهدافها بدقة جعلت نتنياهو يقف “مذهولا” ودفعت ترامب للتراجع عن تصريحات الفرح والشماتة بايران، وجعلته يخرج علينا عبر شاشات التلفاز بعشرات التصريحات المتناقضة خلال اقل من 24 ساعة، فمرة يهدد ايران واخرى يلوم نتنياهو وبعدها يتحدث عن ضرورة ايقاف التصعيد، وحينما ادرك بان المعركة ذاهبة باتجاه هزيمة الكيان الإسرائيلي قرر استهداف المفاعلات النووية، بطريقة الحيلة والغدر، لان ترامب قبل يومين من تنفيذ الطائرات الامريكية عملياتها ضد المنشات النووية منح طهران مهلة اسبوعين من اجل العودة للمفاوضات وايقاف الحرب، لكنه لم يلتزم بالمهلة التي حددها بنفسه، لاسباب عديدة ابرزها ضغوطات اللوبي الصهيوني في امريكا ومحاولاته لانقاذ الكيان من الصواريخ الإيرانية التي اظهرت تفوقاً على حسابات نتنياهو وخططه الحربية.
هنا…. حققت إيران اول انتصاراتها في الحرب، لان الضربة الامريكية كانت اعترافاً رسميا من ترامب بهزيمة نتنياهو وكيانه، وتأكيدًا واضحا على فشل الآلة العسكرية الإسرائيلية بمواجهة التفوق الايراني رغم الحصار المفروض عليها منذ نحو 40 عاما، وحتى تكتمل قصة الهزيمة اتضحت بان الضربة الامريكية كانت شكلية والمنشات الايرانية لم تتضرر والصدمة الاكثر وقعا على اسرائيل، اعلان إيران بان اليورانيوم المخصب نقل لاماكن اكثر امناً قبل ايام من الحرب، ليحاول بعدها ترامب التقليل من اهمية التصريحات الإيرانية واقناع نتنياهو بان المفاعلات النووية دمرت بالكامل، وحربه على طهران حققت أهدافها ولا داعي لاستمرارها، بالمقابل.. ايران اشهرت ورقة جديدة بالحرب ونفذت تهديداتها باستهداف القواعد الامريكية في المنطقة، ودشنتها بمهاجمة قاعدة العديد بدولة قطر، وهو ماجعل ترامب يبحث عن مخرج من هذه الحرب التي تورط فيها بسبب نتنياهو، لان ايران اثبتت جديتها واستعدادها لمهاجمة جميع المصالح الامريكية في الخليج والمنطقة اذا استمرت واشنطن بدعم الكيان، فكان اتفاق وقف اطلاق النار بطلب امريكي ورغبة اسرائيلية ووساطة قطرية.
صحيح… ان الحرب انتهت بهزيمة تاريخية للكيان الغاصب وخسائر كبيرة أصابت بنيته التحتية ودمرت منشاته النفطية ومحطات الكهرباء والمطارات وحتى معاهد الابحاث ومنها معهد ويزمان للابحاث التكنولوجية لم يسلم من الصواريخ الايرانية، إضافة لهزة كبيرة باقتصاده جعلت الراي العام في الداخل الاسرائيلي يصاب بخيمة امل من تصرفات حكومته، لكن المواجهة بين طهران وتل ابيب لم تسجل فصولها الأخيرة، والنار مازالت تحت الرماد، لان نتنياهو يدرك بان بقاء ايران النووية سيمنعه من تنفيذ مشروع مايسمى بالشرق الاوسط الجديد ورسم خارطة من النيل الى الفرات على أرض الواقع، كذلك ايران تؤمن بضرورة الاحتفاظ بقدراتها الصاروخية وملفها النووي باعتباره السلاح الوحيد الذي يضمن سلامتها امام المخططات الامريكية والاسرائيلية، وقوتها التي تستطيع من خلالها مساندة حركات التحرر على ارض فلسطين، فطهران التي خسرت سوريا وضعفت لديها جبهة جنوب لبنان لا يمكنها التنازل عن سلاحها الوحيد حتى لو كلفها القتال لأخر جندي في نظامها.
الخلاصة: ان إيران حققت ماعجز عنه العرب في صراعهم مع الكيان منذ اكثر من ستين عاما، ودمرت اسطورة الجيش الذي لا يهزم وكشفت للعالم والعرب خاصة، ضعف اسرائيل وهشاشة نظامها، واثبتت بالدليل القاطع بان شعارات السلام ودعوات التطبيع مجرد خطوات لابتلاع الشرق الاوسط وجعله تابعا لإسرائيل وخاضعا لقرارها، اما على الجانب الاخر اظهرت إيران تماسكا بجبهتها الداخلية وضربت مثالا بالتكاتف خلال الازمات، ولعل موقف المعارضة في الخارج المساند للنظام بمواجهة الكيان وعدوانه وتعاون المواطنين الذي احبط مخططات العملاء الذين استخدمتهم اسرائيل كورقة داخلية، دليل لا يقبل الشك على نجاح القيادة الايرانية بتجاوز الفخ الذي نسجت خيوطه واشنطن وتل ابيب رغم خسارتها العديد من قياداتها العسكرية وعلماء الطاقة النووية وتضرر محدود في البنى التحتية… اخيراً.. السؤال الذي لابد منه… هل هناك نصر اخر غير الذي حققته إيران بطلقتها الأخيرة؟….

أحدث المقالات

أحدث المقالات