إيران .. تدخل المفاوضات مدججة لا مجردة

إيران .. تدخل المفاوضات مدججة لا مجردة

العدوان على إيران.. أهداف لم تتحقق ونهاية لم تكن متوقعة
العدوان علئ ايران .. عزز مكانتها كقوة اقليميه محورية لايمكن تجاهلها
شهدت المنطقة خلال الفترة الماضية واحدة من أعنف الحملات العسكرية التي استهدفت إيران بشكل مباشر، في عدوان غير مسبوق من حيث شراسته واتساع نطاقه. كان الهدف المعلن من هذا العدوان واضحا في بيانات قادة الهجوم وتصريحاتهم المتكررة وهو القضاء على قدرات إيران النووية وتدمير برنامجها الصاروخي الباليستي ودفع نظامها السياسي نحو السقوط أو الاضعاف الشديد بما يؤدي إلى تغير موازين القوى في المنطقة.
لكن ومع انقضاء أيام العدوان ومع توقف صوت القصف بدا أن المشهد النهائي لم يأت كما خطط له قادة تلك الحملة فقد تمكنت إيران من تجاوز الضربة العسكرية بأقل الخسائر الاستراتيجية الممكنة وظهرت أكثر تماسكا مما كان متوقعا، لا بل اكتسبت بفعل هذا العدوان أوراق قوة جديدة ستدخل بها أي مفاوضات قادمة مدججة لا مجردة.
لم تنجح الحملة العسكرية في إنهاء البرنامج النووي الإيراني فبرغم استهداف منشآت حيوية ومحاولة شل قدرات إيران العلمية والتقنية في هذا المجال، بقي الجزء الأكبر من البنية التحتية للبرنامج صامدا، بفضل ما وصفه خبراء عسكريون بتحصين عالي المستوى وتوزيع ذكي للمنشآت تحت الأرض وفي مواقع يصعب الوصول إليها كذلك لم تفلح الهجمات في القضاء على القدرات الصاروخية الباليستية ، حيث أثبتت إيران أنها تمتلك شبكة صاروخية متماسكة ومتنوعة نجت من الضربات بل واستطاعت الرد في بعض الجبهات لتؤكد امتلاكها زمام المبادرة في الميدان الدفاعي.
أما على المستوى السياسي، فقد جاءت النتائج عكسية تماما لما كان يخطط له النظام الإيراني لم يترنح تحت وقع الضربات بل ظهر في الداخل والخارج بمظهر الصامد المدافع عن السيادة الوطنية وفي الوقت الذي كان يراد فيه عزله وإضعافه وجد نفسه محاطا بتعاطف داخلي وتأييد من حلفاء إقليميين استثمروا في هذا الصراع لتقوية شراكاتهم مع طهران، التي تحولت بنظر كثيرين إلى رمز للمقاومة في وجه ما يعتبرونه عدوانا خارجيا ظالما.
اليوم، وبعد أن هدأت عاصفة الحرب، تتجه الأنظار إلى طاولة المفاوضات. ولكن إيران التي ستجلس هناك لن تكون دولة مكسورة أو ضعيفة بل قوة إقليمية متماسكة تمتلك أوراق ضغط حقيقية سواء عسكرية أو سياسية. لقد عزز هذا العدوان مكانة طهران الإقليمية ومنحها شرعية إضافية بين أنصارها وزاد من قدرتها على فرض شروطها في أي ترتيبات مستقبلية تخص المنطقة.
إن ما جرى يثبت مجددا أن الحلول العسكرية لا تنتج سوى مزيد من الدمار والمعاناة دون تحقيق الأهداف الكبرى المعلنة. لقد آن الأوان كي تدرك الأطراف كافة أن طريق الاستقرار يمر عبر الحوار الجاد والاحترام المتبادل ، لعل هذه التجربة القاسية تكون دافعا نحو إعادة الاعتبار للدبلوماسية والعقلانية بعيدا عن مغامرات الحروب التي لا رابح فيها.

أحدث المقالات

أحدث المقالات