أعلن يوم 24/6/ 2025 وقف أطلاق النار بين إسرائيل وايران رغم الخروقات البسيطة التي حدثت من قبل الطرفين ، بعد أن خاضوا حرب خاطفة وسريعة بدأت يوم 13 / من شهر حزيران الجاري ، والغريب في الأمر أن وقف أطلاق النار جاء بطلب من الرئيس الأمريكي ترامب نفسه! الذي كان قد أمر قبل يومين! يعني يوم الاحد الفائت الموافق 22/ من هذا الشهر بضرب المفاعلات النووية الايرانية ( فوردو – نتنز – أصفهان) وتم التنفيذ بنجاح حسب اعلان المتحدث الرسمي للبيت الأبيض! . ومثلما لم تثني الضربة المفاجأة الأولى التي نفذتها إسرائيل مساء يوم 13/ حزيران والتي أدت الى قتل صفوة من القادة العسكريين من الجيش الايراني والحرس الثوري وعدد من العلماء المسؤولين عن البرنامج النووي ، حيث استطاعت ايران أن تلتقط أنفاسها بسرعة لترد بقوة وقسوة وتحرك صواريخها الباليستية والفرط الصوتية الى إسرائيل ، ولم تسلم مدينة اسرائيلية من الصواريخ الإيرانية ، كما تم استهداف (مطار بن غورين) الذي خرج من الخدمة ! وهذا الاستهداف مهم جدا لكون المطارات تمثل سيادة الدولة! . ومما لا شك فيه ، أن الضربات الايرانية أربكت الداخل الاسرائيلي وخلقت غضبا شعبيا عارما وضاغطا ومطالبا حكومة نتنياهو بضرورة وقف اطلاق النار! . نعود بالقول فأن ضرب المفاعلات النووية الايرانية لم يثني أيران أيضا ويعجّزها ، فأعلنت بان كافة المصالح الامريكية بالمنطقة تعتبر أهداف للصواريخ الايرانية! ، وبالفعل سرعان ما نفذت تهديدها باستهداف ( قاعدة العديد) في قطر ، ولكن بعد ان اخبرت أمريكا وقطر بذلك!!، حسب ( قواعد اشتباك) متفق عليها ومعمول فيها في الحروب ، وتم استهداف القاعدة بصواريخ وقعت على حدود القاعدة الخارجية! ، وكانت تلك الضربة رسالة واضحة وقوية فهمتها أمريكا وباقي دول المنطقة بما فيهم إسرائيل نفسها ، بان أيران قادرة على كل شيء وانها اذا وعدت نفذت وعدها وتهديدها!. وبعد ان توقع العالم بان القيامة ستقوم بعد هذا الاستهداف رغم رمزيته! ، واذا بالعالم يتفاجأ بإعلان وقف أطلاق النار يوم 24/6! . ومما لا شك فيه ، فهناك المزيد من الأسئلة تطرح نفسها في هذه الحرب الخاطفة ، كيف بدأت وكيف توقفت فجأة!؟ ، والحروب عندما تبدأ وتنتهي لا بد من ان يكون هناك طرف منتصر وطرف خاسر ، والسؤال هو : من الذي انتصر في المعركة ؟ هل انتصرت اسرائيل أم أيران؟ ، فمثلما لا يوجد ملامح انتصار حقيقي وواضح لأحد اطراف المعركة ! بالمقابل أيضا لا توجد ملامح لهزيمة واضحة لدى احد الأطراف! ، فكل طرف يدعي بأنه هو المنتصر! ، لا سيما أن الطرفان كانا يتبادلان الضربات ضربة بضربة ، عندها نسأل ما الذي جرى اذاً ؟ وهل سيتم بعدها الجلوس الى طاولة المفاوضات؟ ، فالمعروف أنه وبعد نهاية كل حرب ومعركة تجلس الأطراف المحاربة للتفاوض؟ فكيف سيكون شكل التفاوض؟ لا سيما لم يعرف بوضوح من هو الخاسر ومنه المنتصر؟ ثم أين ستكون المفاوضات؟ ومن هو الطرف الثالث الذي سيرعى الاتفاق والتفاوض؟ هل هي أمريكا نفسها الشيطان الأكبر ؟ ام روسيا أو الصين؟ ، وهنا نكرر القول لا بد من أن يكون في المفاوضات ، غالب وهناك مغلوب تملى علية الشروط ، كما حدث مع العراق بعد حرب الكويت ومفاوضات خيمة صفوان!!؟ ، ثم بماذا نفسر تصريح الرئيس الامريكي ترامب بان هناك مستقبل عظيم ينتظر ايران وإسرائيل في حال وقف اطلاق النار؟ وهل ستاتي أيران الى المفاوضات بنفس الشروط التي تريدها أمريكا منها وهي ( صفر يورانيوم ، وصفر صواريخ بالستية)؟ ، ونسأل أيضا ، وهل أن لقاء وزير خارجية أيران عراقجي قبل يومين مع الرئيس الروسي بوتين ، دفع بإيران بالموافقة على إيقاف العمل بالبرنامج النووي ، على ان يكون التخصيب في روسيا ؟ لا سيما وأن موضوع تخصيب اليورانيوم خارج إيران كان موضوع نقاش في المفاوضات التي جرت قبل الحرب؟ ، وهل وافقت أمريكا وإسرائيل على ذلك؟ وكيف ستثق أمريكا واسرائيل بروسيا وهم يعرفونها هي صديقة وحليفة لإيران؟ ، وهم ضمن المحور الثلاثي ( الصين – روسيا – ايران)؟ ، ام أن ضغط الشارع الاسرائيلي على نتنياهو هو الذي أدى الى وقف الحرب؟ ، بعد أن قلبت الصواريخ الايرانية حياتهم الى جحيم لاسيما وأن إسرائيل في كل الحروب التي خاضتها مع العرب ( 1948 – 1956 – 1967 – 1973 ) لم تصل طلقة واحدة! الى داخل المدن الإسرائيلية؟ ، هذا أذا أستثنينا ال ( 39) صاروخ التي ضربت إسرائيل أبان عهد الرئيس العراقي السابق! ، فهل كل هذه الأسباب دفعت بالطرفين الى الموافقة على وقف أطلاق النار، أم هناك أسباب أخرى ستكشف مستقبلا؟ . وتبقى الأسئلة قائمة لنسأل هنا : هل أن هذه الحرب الخاطفة ، هي النهاية المرسومة ضمن توصيف شكل الشرق الأوسط الجديد الذي ارادته إسرائيل وأمريكا ؟ وهل هذا يعني انتهاء الهلال الشيعي في المنطقة؟ ، وسيتم تحجيم أيران وحصرها ضمن رقعتها الجغرافية ، والقضاء على كل أذرعها بالمنطقة؟ ، مقابل ان تحصل على كافة أموالها المجمدة والتي تقارب ال 120 مليار دولار! ، مع وعود بان تفتح صفحة جديدة من التعاون مع أمريكا!! ، لا سيما وان ايران أعلنت وقبل بدأ الحرب بانها مستعدة بان تسمح للشركات الأمريكية بالاستثمار في أيران بعشرات المليارات من الدولارات!؟ ، ثم ماذا بشأن اذرع ايران في المنطقة ( العراق – لبنان- اليمن ) ، فهل ستتخلى عنهم ايران مقابل مكاسب مالية ضخمة ووعود بأمن وامان وسلام وازدهار وتطور؟، وبعد أن يتحول الشيطان الأكبر الى الصديق الأكبر!؟ لا سيما وأن ايران معروفة بأنها تفكر بمصالحها القومية والسياسية وتضعها بالأعتبار الأول ، وهذا من حقها! ، وعلينا أن لا ننسى القاعدة الأساسية في عالم السياسة بانه ( لا عداوات دائمة ، ولا صداقات دائمة ، بل هناك مصالح دائمة) ، وبالتالي ما المانع أمام مصالح إيران القومية والسياسية العليا ، أن تكسب أمريكا ، وان تتخلى عن أذرعها بالمنطقة ان كانوا في ( العراق أو لبنان أو اليمن )!! . الذي نريد أن نقوله أن أسرار هذه الحرب لا أحد يعرفها؟ ولا احد يعرف كيف بدأت؟ وهل حدد لها هذا الموعد لتنتهي؟ وهل وافقت أيران ان توقف الحرب امام مكاسب مالية ضخمة ورفع الحصار المفروض عليها منذ عام 1980 !؟ تبقى في الحروب أسرار ليس بالضرورة أن يعرفها العالم . وبالتالي ومن وجهة نظري المتواضعة أرى ان ايران هي المنتصرة في لعبة الحرب هذه ، مهما كان نوع الاتفاق معها! ، فموضوع البرنامج النووي وتخصيب اليورانيوم والوصول الى صناعة القنبلة النووية وتهديد المنطقة بها وإسرائيل تحديدا! وما الى ذلك ، أرى أن إيران عرفت كيف تلعب بهذه الأوراق بذكاء عالي تحسد عليه!. فهي بالأكيد بعد وقف اطلاق النار ، ستسترجع كافة أموالها المجمدة والمهم والأهم من كل ذلك هو رفع الحصار المفروض عليها منذ 45 عاما!؟ بدون التخلي عن تخصيب اليورانيوم بل سيكون في دولة أخرى ويكون لأغراض سلمية! ، وهذا المهم لدى إسرائيل وامريكا والغرب ودول المنطقة! أن لا يكون هناك أي برنامج نووي حربي! . أخيرا نقول: تبقى الكثير من الحقائق غائبة ، وليس كل ما يعرف من أسرار الحروب يقال ويعلن عنه ؟ ، ففي كل حرب هناك اسرار واتفاقات ، وأخيرا أن كل شعوب العالم تكره الحروب وتريد السلام والعيش بأمان ، أن كانت أيران أو إسرائيل أو العراق.