استيقظ العالم ونحن بينهم على وقع مفاجأة غير متوقعة: إعلان وقف الحرب الدامية بين إسرائيل والجمهورية الإسلامية الإيرانية. لا أحد يعلم متى ولا كيف تم الاتفاق ولا من هي الأطراف التي ضغطت أو توسطت. الصمت يخيّم والأسئلة تتصاعد: كيف توقفت هذه الحرب؟ ومن خرج منها رابحًا ومن خرج مثخنًا بالخسائر؟
الأهداف المعلنة… لم تتحقق
إسرائيل التي دخلت الحرب بشعار “تدمير البرنامج النووي الإيراني والصواريخ الدقيقة” فشلت في تحقيق هذا الهدف. وعلى الرغم من الضربات الجوية والصاروخية التي طالت مواقع إيرانية حساسة إلا أن العمق الاستراتيجي لإيران لم يُنهك كما كانت تأمل تل أبيب.
في المقابل طهران التي أكدت منذ اللحظة الأولى أنها “لا تفاوض تحت النار” فاجأت الجميع بانخراطها – بشكل أو بآخر – في ترتيبات الهدنة. فهل كان ذلك تناقضًا مع خطابها أم جزءً من تكتيك محسوب لتثبيت نصر رمزي؟
الكلفة البشرية والمادية
لا يمكن إنكار حجم الخسائر التي تكبدها الطرفان. إيران دفعت ثمنًا باهظًا: اغتيال علماء بارزين استهداف وزراء ومسؤولين كبار واستشهاد ما يزيد على 600 مواطن بينهم عسكريون ومدنيون ناهيك عن تدمير أجزاء من بنيتها التحتية الحيوية.
لكن في المقابل تهاوت الصورة الإعلامية لإسرائيل وتعرّت أمام الداخل والخارج. تل أبيب التي كانت توصف بـ”القبة الحديدية التي لا تخترق” أصبحت مدينة منكوبة بفعل الضربات الإيرانية الدقيقة. العشرات من القتلى – حسب الرواية الرسمية – وآلاف الجرحى في وقت تشير فيه تقارير متعددة إلى أن العدد الحقيقي يفوق المعلن بكثير بسبب التعتيم الإعلامي الصارم.
مشاهد غير مسبوقة
لأول مرة منذ 75 عامًا يشاهد العالم صور الدمار في إسرائيل مشابهة لما اعتادت غزة أو بيروت أن تعانيه. مشاهد لم تكن لتحدث لولا امتلاك إيران ترسانة صاروخية دقيقة وطويلة المدى قادرة على الوصول إلى عمق الدولة العبرية وإثبات قدرة الردع التي ظلت تتحدث عنها طهران لعقود.
من المنتصر؟
إذا قسنا الأمور بالأرقام فقط قد يبدو أن الطرفين خاسران. لكن في ميزان الهيبة والردع استطاعت إيران – برغم الجراح – أن تُمرّغ أنف إسرائيل في التراب وأن تقول للعالم: ها نحن هنا… نملك القدرة على الوصول إلى أي نقطة في الأراضي المحتلة.
وهو ما لم تجرؤ أي دولة عربية على فعله منذ قيام هذا الكيان في عام 1948.
الخاتمة
هذه الهدنة غير المعلنة قد لا تكون نهاية للصراع بل ربما استراحة محارب في حرب طويلة. لكنها كشفت هشاشة إسرائيل وعززت مكانة إيران في معادلة الردع الإقليمي. وبين الدمار والدماء كُتبت معادلة جديدة في الشرق الأوسط عنوانها: لا أحد يملك التفوق المطلق بعد اليوم.