18 ديسمبر، 2024 10:51 م

ذي قار دليل سياحي عالمي مهمل

ذي قار دليل سياحي عالمي مهمل

تشكل ذي قار معلما اثاريا وسياحيا مهما، لا احد يختلف عليه، وتبدو هذه المدينة بطبيعتها جاذبة للسياحة من كل التفاصيل، الا ان فقر الرؤية الاقتصادية قد حال دونها في ان تكون مدينة مهمة على غرار اي مدينة تنتج النفط، في ظل الازمات المتلاحقة التي يخلقها النفط دائما.

ومنذ سنوات قال اثاريون من ذي قار بأن تحويل الاهتمام الحكومي بالآثار والاهوار سيساهم بشكل او بأخر في زيادة موارد أخرى اضافة لموارد النفط، لكن هذه الدعوات لم تلق اذنا صاغية، حينها كان النفط قد عبر حاجز ال100 دولار، وهذا ما جعل المسؤولين يصرفون النظر عن قضية السياحة، بعدها سقطنا بضربة قاضية في هبوط اسعار النفط ووصولها الى 30 دولارا للبرميل بعد ظهور داعش 2014 حينها بدا كل شيء كأنما كان حلم.

ترهلت المؤسسات الحكومية بعد ازمة النفط وبدأ العراق يعيد حساباته مرة اخرى، على اعتبار ان موازنتنا تعتمد بنسبة اكثر من 90% على النفط، وهذه الاعتماد الاحادي له مخاطر كبرى، ثم ظهرت قصة التقشف والازمة المالية بشكل واضح، أثرت على مفاصل الدولة بشكل سريع وعلى نحو غير متوقع.

وفي ظل كل هذه الفوضى، لم نستطع ان نقدم شيئا للاثار ولا للاهوار، ولا العمل على ترميم المواقع الاثرية في ذي قار التي يبلغ عددها بحسب مختصين اكثر من 1200 موقع اثري، وهذه المواقع تحتاج الى جهود استثنائية وموازنات خاصة لها للخروج من خلالها بشكل اخر وجيد.

موازنات هائلة وانفجارية مرت عليها حكومات لم تقدم شيء سوى مشاريع بلا جدوى اقتصادية ولا اهمية تذكر لها، ولا حتى افكار خلاقة او منتجة يمكنها ان تكون صالحة للعمل، ثمة دول كبرى تعيش على السياحة، دول لا تملك شيء غير السياحة، ولطالما شكلت السياحة موردها الاول فصار لزاما عليها ان تطورها بشكل يتلائم مع وجودها الحالي، ونحن في ذي قار نصارع منذ اكثر من سنتين على مشروع مطار تشاء الظروف كل فترة في ان يبقى كما هو دون ان تجري الامور على تنفيذه بأسرع وقت، وهذا دليل على اننا لا نسعى الى ان نطور افكارنا في مجال السياحة بالشكل الصحيح.

للاسف تمر السنوات ولم نستطع استثمار معالمنا التراثية في ذي قار في مجال السياحة، وظلت الاحوال كما هي، فقيرة وتبدو معدمة، وحتى التصويت على اهوارنا واثارنا بضمها الى لائحة التراث قد تمثل مشكلة اخرى، هو انه لغاية الان لا نزال ننتظر التخصيصات اللازمة للحفاظ على تلك المواقع في ظل وجود تحديات صعبة ورغبة بسيطة في انعاشها.

الحياة هنا لا تسير وفق الخطط والافكار المنتجة، ربما تسير في مناطق اخرى وعرة ومطبات كبيرة، لرسم مستقبل واضح لنا، الهم الاول هو توفير فرص عمل وتحريك المدينة نحو العمل، لا ان تكون مدينة كسولة، تنام في النهار وتصحو في الليل بلا عمل، تمتلئ بنا المقاهي والصيدليات والمطاعم الى ما لانهاية.