وكالات- كتابات:
تعيش “إسرائيل” واحدة من أكثر الفترات الاقتصادية توترًا في تاريخها، ليس فقط على الجبهة العسكرية، بل أيضًا على الجبهة الاقتصادية، فمنذ اندلاع الحرب، واجهت كبرى الشركات والقطاعات الاقتصادية الإسرائيلية تحديات متفاقمة، تراوحت بين توقف العمليات، وانهيار الاستثمار الأجنبي، وانخفاض الأسهم، وصولًا إلى شلل قطاعات استراتيجية كالسياحة والتكنولوجيا والطاقة.
ومنذ تشرين أول/أكتوبر 2023؛ حتى الآن، تكبّدت “إسرائيل” خسائر مباشرة تُقدر بنحو: (67) مليار دولار، وتشمل الإنفاق العسكري والخسائر الاقتصادية بمختلف القطاعات وضغوط العمالة المفقودة.
وفي هذا السيّاق قال محافظ بنك (إسرائيل)؛ “أمير يارون”، إن الحرب المستَّمرة في “غزة” ستَّكلف “إسرائيل”: (253) مليار شيكل؛ (67 مليار دولار)، من التكاليف الدفاعية والمدنية بين عامي 2023 و2025، وفقًا لصحيفة (تايمز أوف إسرائيل).
وحذر “يارون” من أن تكاليف الحرب الأمنية والمدنية “كبيرة”؛ وتُشّكل عبئًا على الموازنة، وتوقع أن تشهد موازنة الأمن المستقبلية نموًا مستمرًا وأن يكون لها تأثير على الاقتصاد الكلي.
ومن المتوقع أن تخسّر “إسرائيل” ما يقرب من: (400) مليار دولار من نشاطها الاقتصادي في السنوات العشر المقبلة بسبب الحرب، إضافة إلى ذلك فإن: (90%) من الأضرار التي ستُلحق بـ”إسرائيل” ستأتي من التأثيرات غير المباشرة، مثل انخفاض الاستثمار، وتدهور سوق العمل، وفقدان الإنتاجية، والانحدار الاقتصادي، حسّب دراسة “تكاليف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”؛ التي أعدّتها سابقًا مؤسسة (راند) البحثية الأميركية، كما ذكرت وكالة (الأناضول).
ويُكلف الهجوم المتبَّادل بين “إسرائيل” و”إيران” نحو: مليار دولار يوميًا، وفقًا لما صّرح به العميد (احتياط) في الجيش الإسرائيلي؛ “ريم أميناخ”، إذ أوضح أن هذه التكاليف موزعة بالتساوي بين العمليات الهجومية والدفاعية، من دون احتساب الأضرار الاقتصادية غير المباشرة حتى الآن؛ بحسّب ما أوردته منصة (واي نت نيوز) الإسرائيلية.
وقال “أميناخ”؛ المستشار المالي السابقة لرئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي، إن خسائر اليومين الأولين من القتال بلغت نحو: (5.5) مليارات شيكل؛ (1.45 مليار دولار)، موزعة بالتساوي بين العمليات الهجومية والدفاعية، ولا يشمل هذا التقدير الأضرار التي لحقت بالممتلكات المدنية والتداعيات الاقتصادية الأوسع.
والأضرار غير المباشرة هائلة مع دخول نحو (10) ملايين إسرائيلي الملاجيء وتعطل العمل في معظم القطاعات الاقتصادية في “إسرائيل”؛ التي دخلت في حالة من الشلل الفعلي منذ بدء عدوانها على “إيران”.
وفي ظل هذا التصعيد؛ يُحذر مسؤولو “وزارة المالية” من أن استمرار القتال قد يؤدي إلى تفاقم الضغوط على الموازنة، التي تُعاني أصلًا من آثار الحرب المتواصلة في “غزة”.
ونقَّدم في هذا التقرير أبرز (07) شركات وقطاعات إسرائيلية تضررت من الحرب المستمرة منذ نحو عامين:
01 – مجموعة “بازان”..
تُعدّ مجموعة (بازان)؛ (شركة مصافي النفط المحدودة)، من أكبر وأهم مجموعات الطاقة في “إسرائيل”، وتتخذ من منطقة “خليج حيفا” مقرًا لها. وتُشرف الشركة على مصفاة ضخمة وتكتل صناعي بتروكيماوي متكامل، مما يجعلها أحد الأعمدة الرئيسة في قطاع الطاقة الإسرائيلي.
قالت مجموعة (بازان) الإسرائيلية؛ ومقرها “حيفا”، إن جميع منشآت التكرير أغلقت بعد أن تعرضت المصفاة لأضرار بالغة في هجوم شنّته “إيران”، وقالت المجموعة إن الهجوم الإيراني أسفر عن مقتل: (03) من موظفي الشركة، وفقًا لـ (رويترز).
وكانت الشركة قد أعلنت؛ في وقتٍ سابق، أن مصفاة (حيفا) النفطية التابعة لها تضّررت من القصف الصاروخي الإيراني الذي طال خط الأنابيب وخطوط النقل التابعة لها؛ وفقًا لصحيفة (وول ستريت جورنال).
وأظهرت مقاطع فيديو؛ تحققت منها شركة (ستوريفول-Storyful)، المملوكة لشركة (نيوز كورب-News Corp)، الشركة الأم لصحيفة (وول ستريت جورنال)، انفجارًا في المجمع بعد أن أطلقت “إيران” صواريخ شديدة الانفجار عليه وعلى “ميناء حيفا”، مع احتمال كبير لتعرض الميناء ومنشآت الشركة لمزيد من الهجمات.
02 – شركة “شيفرون”..
تُدّير شركة (شيفرون)؛ حقلي “الغاز الطبيعي”، (تامار وليفياثان)، في “البحر المتوسط”، ويُعدّ حقل (ليفياثان) أكبرهما، وأهم مصدر للغاز في البلاد ويُنتّج أكثر من: (40%) من إنتاج “إسرائيل” من “الغاز الطبيعي”.
وقد حصلت (شيفرون) على حصتها في الحقلين باستحواذها على شركة (نوبل إنرجي) عام 2020، وفقًا لمنصة( ماركت ووتش)، وتعمل الشركة حاليًا على توسيّع الطاقة الإنتاجية في كلا الحقلين، بهدف رفع إجمالي الإنتاج بنسبة (25%) خلال العامين المقبلين، وزيادة تُقارب (50%) بحلول عام 2030.
وبعد العدوان الإسرائيلي على “غزة”؛ أوقفت “إسرائيل” إنتاج حقل (تامار)، ما أجبر “مصر” على وقف شُحنّات “الغاز الطبيعي المُسال”، وأدى إلى ارتفاع حاد في أسعار “الغاز الطبيعي الأوروبي”.
وعقب الهجوم الإسرائيلي على “إيران”؛ أوقفت “إسرائيل” الإنتاج في حقل (ليفياثان) البحري، أكبر حقولها لـ”الغاز الطبيعي” الذي تدَّيره شركة (شيفرون) لأسباب أمنية، وفقًا لبيان صادر عن “وزارة الطاقة” الإسرائيلية؛ كما ذكرت وكالة (بلومبيرغ).
03 – إنتل إسرائيل (مصانع كريات غات)..
يُعدّ مصنع (كريات غات)؛ التابع لشركة (إنتل) في “إسرائيل”؛ مركزًا رئيسًا لعملياتها العالمية، ويعمل فيه آلاف الموظفين. وخلال الحرب في “غزة”، شهد المصنع اضطرابًا كبيرًا نتيجة استدعاء نحو: (15%) من موظفيه للخدمة العسكرية ضمن قوات الاحتياط، وفقًا لمنصة (واي نت نيوز).
وأسهم هذا النقص في القوة العاملة،؛ إلى جانب التداعيات الاقتصادية الأوسع للنزاع، في تفاقم أزمة نقص الكفاءات في قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي.
تطورت (إنتل) من مركز صغير في “حيفا” إلى أكبر مُشغل في القطاع الخاص الإسرائيلي، وتوظف نحو: (12) ألف موظف وتسَّاهم بنحو: (6%) من صادرات التكنولوجيا، وفي عام 2023، صدّرت رقائق إلكترونية بقيمة: (8.7) مليارات دولار، ما يُعادل: (1.75%) من الناتج المحلي الإجمالي لـ”إسرائيل”؛ وفقًا لمنصة (غلوبس).
غير أن الحرب المستَّمرة منذ نحو عامين؛ أضعفت العلاقة بين (إنتل) والحكومة الإسرائيلية، خاصة مع تفاقم التكاليف وفشل الشركة في تسويق أنظمتها الإنتاجية الجديدة، ما أدى إلى تعليق مشروع مصنعها الجديد في (كريات غات)، مسَّببًا اضطرابًا واسعًا في صفوف المقاولين وتهديدًا لآلاف الوظائف.
ووفقًا لموقع (كالكاليست)؛ تستعد (إنتل) لتقليص عدد موظفيها ضمن خطة إعادة هيكلة، تبدأ بإعفاءات على مستوى الإدارة المتوسطة، وقد تتوسع لتشمل جولة جديدة من التسريحات.
04 – شركة “إلعال” للطيران..
عقب الهجوم الإسرائيلي على “إيران”؛ أعلنت شركة (إلعال) الإسرائيلية تعليق جميع رحلاتها حتى 19 حزيران/يونيو 2025، على الأقل، تزامنًا مع إغلاق “مطار بن غوريون” والمجال الجوي الإسرائيلي بفعل الضربات الإيرانية المضادة، وقد تراجعت أسهم الشركة بنسبة: (3.5%)؛ وفق (رويترز).
ومنذ اندلاع الحرب؛ في تشرين أول/أكتوبر 2023، أصبحت (إلعال) من شركات الطيران القليلة التي واصلت تسيّير رحلات إلى “تل أبيب”، بعد أن أوقفت معظم شركات الطيران الأجنبية رحلاتها بسبب النزاع المستمر مع “غزة”.
وتواجه الشركة الإسرائيلية دعوى قضائية جماعية بقيمة: (600) مليون دولار بتهمة التلاعب بالأسعار والاستفادة من الحرب، وتتهم الدعوى “شركة الطيران الوطنية”: “باستغلال مأساة وطنية غير مسبّوقة لتحقيق أرباح ضخمة على حساب عملائها”، وفقًا لصحيفة (تايمز أوف إسرائيل).
وتقول الدعوى التي تم رفعها في محكمة منطقة “اللد”، إن شركة (إلعال) أساءت استخدام سلطتها الاحتكارية على عدة خطوط طيران لرفع أسعار التذاكر: “بطريقة محظورة وغير أخلاقية وغير قانونية”.
05- مجموعة “بيزك”..
أكبر مجموعة اتصالات في “إسرائيل”؛ وتُقدم الشركة مجموعة كاملة من خدمات الاتصالات، وقالت الشركة، إن وحداتها تضررت بشدة من الحرب في “غزة”، فقد خسرت وحدة الاتصالات المتنقلة (بيليفون)؛ ما يُقدر بنحو: (50) مليون شيكل (14.41 مليون دولار) عام 2024 بسبب فقدان إيرادات التجوال المربحة، حيث أبعدت الصراعات السياح عن البلاد وفق (رويترز).
وتعرضت الشركة للاختراقات جراء الحرب الإلكترونية منذ بداية الحرب، ولم تكن وحدها إذ تعرضت للهجمات شركات اتصالات أخرى عديدة مثل (سيلكوم، وسيغنتشر-آي تي).
ووفقًا لتقرير صادر عن مديرية الأمن السيبراني الإسرائيلية؛ وفي ظل “حرب غزة”، استهدفت أكثر من: (3380) هجمة إلكترونية شركات مدرجة في البورصة في “إسرائيل” عام 2023 فقط، وتُقدر “الهيئة الوطنية للأمن السيبراني”؛ التكلفة الإجمالية لهذه الهجمات بنحو: (3.2) مليارات دولار سنويًا، وفقًا لمنصة (واي نت نيوز).
06 – قطاع التكنولوجيا الناشئة..
شهدت الشركات الناشئة في “إسرائيل”؛ خلال العام الماضي، أزمة غير مسبّوقة، من تداعيات الحرب في “غزة” وتراجع بيئة الاستثمار العالمي. فقد انهارت تدفقات رؤوس الأموال تقريبًا، مما أدى إلى إغلاق العديد من الشركات أو تقليص نشاطها بشكلٍ حاد، خاصة تلك التي كانت تعتمد على جولات تمويل جديدة بعد استهلاك الاستثمارات السابقة؛ وفقًا لصحيفة (هاآرتس) الإسرائيلية.
ومن الأمثلة البارزة؛ شركة (فروت سبيك) العاملة في قطاع التكنولوجيا الزراعية، والتي اضطرت إلى الإغلاق بعد نفاد تمويلها البالغ: (05) ملايين دولار، وإلغاء جولة تمويل إضافية بقيمة: (04) ملايين دولار، كما أوقفت شركة (غيست إم. دي)؛ الناشطة في مجال الصحة الرقمية، أعمالها رغم حصولها سابقًا على تمويل بقيمة: (6.5) ملايين دولار، بسبب انقطاع المدفوعات وانهيار السوق.
وثمة شركات أخرى كانت تُصنف بين القصص الناجحة في النظام التقني الإسرائيلي، مثل شركة (سبروت) التي تقدّمت بطلب إفلاس رغم أن تقييمها بلغ: (200) مليون دولار، إضافة إلى شركات (أوركام وداي تو) و(كاهولو وريزيليون) واجهت المصير ذاته، بعد توقف التمويل وفقًا للمصدر السابق.
وتُشيّر هذه الحالات إلى موجة تصفية هي الأوسع من نوعها في تاريخ القطاع، إذ لم تقتصر الخسائر على التمويل فقط، بل شملت فقدان الموظفين، وتآكل فرص السوق، وانهيار البنية الداعمة لبيئة الشركات الناشئة. ويُنظر إلى هذه الفترة باعتبارها مرحلة انهيار حقيقي للنظام البيئي التكنولوجي في “إسرائيل”، وليس مجرد تباطؤ اقتصادي عابر.
07 – قطاع السياحة..
أعلنت “إسرائيل” عن: “انخفاض غير مسبّوق” في عائدات السياحة مع خسائر بلغت (3.4) مليارات دولار منذ اندلاع الحرب على “غزة”؛ في تشرين أول/أكتوبر 2023.
وأظهرت الأرقام التي أصدرتها “وزارة السياحة” الإسرائيلية؛ أن أعداد السياح الوافدين تراجعت بنسبة تزيد عن: (90%) منذ بداية الحرب على “غزة”، وفقًا لوكالة أنباء (الأناضول).
ويُرجع المسؤولون الإسرائيليون هذا التراجع الحاد إلى التوقف شبه الكامل لحركة النقل الجوي وانعدام الأمن والاستقرار على الصعيد الداخلي.
وقالت “جمعية الفنادق” الإسرائيلية، إن معدلات إشغال الفنادق انخفضت إلى: (10%) في بعض المناطق، واصفة إياها: بـ”المستويات التاريخية”؛ مقارنة: بـ (80%) إشغال في السنوات السابقة.
وأوقفت عشرات شركات الطيران الدولية رحلاتها إلى “إسرائيل” وسط تصاعد التوترات الإقليمية بسبب الحرب الإسرائيلية “الإبادة الجماعية” على “غزة”.