في الأيام العصيبة التي كانت فيها نيران الإرهاب تقترب من أبواب بغداد، لم يكن أمام العراق سوى أن يمد يده طالباً العون. حملت الحكومة العراقية نداءات استغاثة إلى الدول العربية والولايات المتحدة، لكنها جوبهت إما بالاعتذار أو المماطلة، وكانت بعض العواصم تنتظر ما يمكن أن تجنيه من مكاسب سياسية على حساب دماء العراقيين وأمنهم واستقرار دولتهم. في تلك اللحظات التي كانت فيها الجبهات تشتعل، تحديداً في منطقة أبو غريب، كانت معنويات الجنود والضباط على المحك، الذخيرة توشك على النفاد، والإمدادات غائبة، وحتى تأمين طلقة كلاشنكوف واحدة بات تحدياً يفوق الخيال.وسط هذا المشهد المظلم، جاء المدد من جهة واحدة لم تتأخر ولم تساوم. فتحت إيران مخازنها وأرسلت أرتال الدعم العسكري إلى العراق، لم تكتفِ بالسلاح والعتاد فقط، بل وضعت وحدات من جيشها وحرسها الثوري في حالة تأهب، تحت تصرف القيادة العراقية. هذا التحرك السريع وغير المشروط لم يكن مجرد دعم عسكري، بل كان موقفاً سياسياً وإنسانياً واضحاً، ساهم في تغيير معادلة المعركة واستعادة التوازن في مواجهة تنظيمات الإرهاب.اليوم، تتعرض إيران إلى عدوان صهيوني مفتوح، والأنظار تتجه نحو العراق، ذلك البلد الذي لا ينسى من وقف معه حين تخلى عنه الآخرون. إن الوقوف إلى جانب إيران الآن ليس موقفاً سياسياً عابراً، بل هو امتداد أخلاقي وتاريخي لمعادلة الوفاء بين الشعوب، وهو امتحان جديد لضمير الأمة. ففي زمن الأزمات الكبرى، تتجلى معادن الدول والمواقف، وتُكتب التحالفات الحقيقية بالدم لا بالبيانات.هل يجوز أن نغض الطرف الآن ونصمت، وقد شهدنا بأعيننا كيف أنقذت تلك المواقف الصلبة بغداد من السقوط؟ هل نرد الوفاء بالنكران؟ أم أن الذاكرة العراقية، التي احتفظت بكل خذلان، تحتفظ أيضاً بكل يد صادقة امتدت في الوقت الصعب؟
ليس من باب السياسة فقط، بل من باب الكرامة والإنصاف، يجب أن يكون للعراق موقف، لأن التاريخ لا ينسى، ولأن الشعوب تعرف جيداً من الذي وقف معها عندما تخلى عنها العالم من الواجب اليوم نرد جزء من الدين الذي في أعناقنا .
اللهم انصر الإسلام على ملت الكفر والشرك والنفاق