أخيراً، وعكس جميع التوقعات،وقعت الحرب بين إسرائيل وبين إيران،حرب لم يشهدها العالم ، منذ الحرب العالمية الثانية،حيث تستخدم فيها،جميع أنواع أسلحة التكنولوجيا الحديثة المدمّرة من طائرات وصواريخ ومعلومات سيبرانية فائقة الدقة،بحيث تحيل عمارات وأبنية بعشرات الطوابق الى ركام ،نعم الحرب بين تل ابيب وطهران، حرب وجود لاحرب حدود،وحرب كسر عظم،والأخطر من هذا دخول دول أخرى على ساحة الحرب، دعما للطرفين، مما يرجّح توسّع رقعة الحرب، لتصل الى عالميتها،فدخول الباكستان بكل ثقلها العسكري والنووي دعما لإيران، يقابله دخول أمريكا وبريطانيا وفرنسا والمانيا لدعم إسرائيل،صفحات الحرب متسارعة جداً، في وقت أغلقت إيران باب التفاوض، حول برنامجها النووي،ورفضت الجلوس الى طاولة التفاوض لانتفاع الحاجة لها،إذن قراءة وتحليل لما يجري على أرض المعركة، ولما ستشهده المنطقة والعالم ،من تغييرات جيوسياسية مؤكدة، هي الشغل الشاغل للمتابعين والمحللين السياسيين، كيف سيكون شكل المنطقة مابعد هذه الحرب،حيث نعتقد أن الحرب أصبحت أمراً واقعاً على الجميع،ونتيجتها واضحة،هي هزيمة أحد الطرفين،وإنتهاء وجوده في المشهد والمنطقة ،وإعادة تشكيل الشرق الاوسط ورسم خارطته مجدداً،على وفق معطيات ونتائج هذه الحرب،والمنتصرهو من سيقرر شكل ومستقبل المنطقة كلها،وفق رؤيته وأجندته وإستراتيجيته الجيوسياسية،وهذا يعتمد على قوة التدخل في سرعة حسم الصراع بين الاطراف،فإيران الخارجة ،من وهم القوة الى قوة الوهم، بعد خسارات كبيرة،وهزيمة لمشروعها التوسعي الديني الكوني ،في المنطقة،وإنكسار هلالها الشيعي الفارسي، لم تعدّ،إيران التي يعوّل عليها حلفاؤها وأتباعها،بعد إن إنتقلت المعركة داخل أراضيها،وصارت وجها لوجها مع حليفها التأريخي ضد العرب،وهي الدولة الصهيونية،لذلك نرى ان العراق هو ساحة الحرب الأولى ،وكما هو واضح ايضا، فسماؤه تعجُّ بالطيران الحربي الصهيوني ومسيراته ،التي تقصف مفاعلات ومقرات ومعسكرات ومنشآت ايران الطاقة والغاز والنفطية وغيرها،بدعم وموافقة وحماية مباشرة أمريكا ، على انها جزء من تنفيذ ألأتفاقية الأمنية بين أمريكا والعراق،ولكن الأخطر في هذه الحرب ،هي أن تتحول الى حرب نووية ،لاتبقي ولاتذر، وهذا التخوّف يحذّر منه العالم كله،ولكن من يقرره ،هو الطرف الذي سيهزم في الحرب، فينتقم ويطبق المثل(علي وعلى أعدائي)،فقيام إسرائيل بمحاولة تدميرمفاعلات إيران النووية،التي تلوّح بإستخدامها طهران كل يوم،وهو إحتمال قائم طالما الحرب في طريقها الى التوسّع، ودخول اللاعب الأكبر في الحرب ،وهو أمريكا الذي قال ترمب امس، (إذا قصف ايران واتباعها اي قاعدة امريكية في المنطقة فسيكون الردُّ غير مسبوق)، وهذا تهديد خطيرمباشر،وهو الذي يمتلك قرارالحرب من البنتاغون والكونغرس،وفي الحقيقة لايمكن تكهن نهاية منظورة لهذه الحرب المدمرة،فهي حرب مفتوحة لانهاية لها ،الا بنهاية أحد أطرافها،وستدخل بها دول عظمى كالصين وروسيا، بتزويد ايران بالمعلومات والاسلحة والصواريخ ،إذن نحن أمام عصر جديد، مابعد الحرب المدمرة بين إسرائيل وإيران، وأمام شكل جديد للشرق الاوسط بكل تأكيد،وإستراتيجية إسرائيل في الحرب واضحة، هي تدمير البنى التحتية العسكرية ،للمفاعلات النووية ،والقضاء كاملاً على خطر إيران النووي، مهما كلّف الأمر،وبدأته بإغتيال أكبرواهم القادة العسكريين في ايران، (قادة الجيش والحرس الثوري من الصف الاول)،تماماً كما فعلت مع حزب الله،ثم إنتقلت الى قصف يومي مركّز على المفاعلات وتدميرها ،في طهران ووشيراز وبوشهر وارارات وهمدان وغيرها، وفي مقدمتها وأهمها مفاعلات نطنز الاستراتيجية ،،وفي المقابل قامت طهران بقصف مفاعلات إسرائيل النووية، وقصف وتدمير مقرات ومعسكرات وابنية ،ومنشات عسكرية واقتصادية وطاقة، وتدميرها بالكامل،الحرب في بدايتها، ولكنها لاتبشّر بنهاية سريعة، قبل تحقيق أحد الطرفين أهدافه العسكرية،فكل الوساطات الدولية والعربية ،لم تصل الى وقف الحرب،على العكس تماماً،التسارع في الغارات المدمّرة للطرفين، وصوت المعركة وصواريخها ومسيراتها ،هو الأعلى بين الطرفين،فكيف لو دخلت أمريكا وحلفاؤها الى ساحة المعركة،والمرجّح أنها ستدخل اليوم أو غداً، بناء على طلب إسرائيل الفوري،عندها سيكون العالم كله في خطر نووي،فتهديد الرئيس ترمب ،(باستخدام القوة الغير مسبوقة)،يعني أن شكل الحرب سيتغير 180 درجة ،نحو التصعيد والتدمير،وستدخل أطراف أخرى على خط الحرب لتدعم الطرفين،ففرنسا وبريطانية والمانيا، أعلنت انها تدعم بقوة اسرائيل، فيما وصلت طائرات باكستانية الى قواعد ايرانية للمشاركة، وهددّ وزير الدفاع الباكستاني إسرائيل،بإستخدام القوة العسكرية ،والدخول في الحرب لدعم طهران، وإستخدام الرؤوس النووية عند الحاجة،(علماً إيران دعمت الهند في حربها ضد باكستان)،وربما تدخل بشكل مباشر، دولٌ أخرى في دعم إيران،ولكن بكل تأكيد العالم ذاهب الى حرب طاحنة ،ومدمرة وخطيرة جداً لانهاية لها ، ستستخدم فيها أسلحة محرمة ،لتدمير مايمكن تدميره ،والنووي ليس ببعيد عن هذه الأسلحة، إن لم يكن في مقدمتها،صفحات الحرب ببدايتها المفزعة ، فكيف ستكون نهايتها،ونحن في العراق ينقسم الشعب العراقي، بين فئتين لاثالث لهما، فئة كبيرة تدعم وتشارك إيران في حربها ضد إسرائيل، بسبب العقيدة المذهبية التابعة للمرشد الاعلى في طهران،وهذه فئة مكوّنة من أحزاب السلطة،وفصائل مسلحة ولائية ،ومواطنين يتبعون مرجعية المرشد،وفئات عراقية أخرى ترى أن مصلحة العراق والولاء له فقط وليس لغيره،والوقوف على الحياد ،وترى أن الحرب بين الطرفين ،ليست حربهم،لأن مواقف إيران التوسعية في المنطقة، ومشاركتها الفعلية في إحتلال العراق وانعكاسات حرب الثماني سنوات،تحتم عدم دعمها والوقوف معها، رغم إن العدو المشترك للعراقيين وايران ،هو العدو الصهيوني،إذن وأزاء هذه المواقف التي تدعم طهران،فإن العراق ليس بمنأى عن الحرب، خاصة وأن بعض فصائل المقاومة الولائية، قصفت أو ربما ستقصف قواعد أمريكية وإسرائيلية في المنطقة وفي العراق، كما يقوم الحوثي بقصف إسرائيل،وهذا أكثر مايخشاه العراقيون،أن العراق سيكون ساحة حرب حقيقية، وسيدفع العراقيون ،ثمناً باهظاً بسبب وقوفه مع طهران،بحرب لاناقة لهم فيها ولاجمل،نعم برأيي أن معطيات الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل ،ستتوسع وتصل الى حرب عالمية ثالثة،كنا قد حذرنا منها ،منذ سنتين وأكثر، وكان ينتقدنا البعض ،ويقول لاحرب بين إسرائيل وإيران( لانهما حبايب)، ولأنهما في خندق واحد ضد العرب عبر التأريخ، وأقول لهم ، نعم صدقتم، إن إسرائيل وايران ،وعبر التأريخ هما عدوان للعرب، وهما حليفان لبعضهما البعض، إعلامياً وعسكرياًـ وفضيحة (إيران كيت – الكونترا)دليل على ذلك،بتزويد اسرائيل لإيران بأسلحة أثناء حرب الثماني، ولكن وبعد أن خرج العراق من معادلة التوازن العسكري مع إسرائيل، وخضوع وضعف العرب لأمريكا، وتطبيعها مع العدو الصهيوني ،قد أنهى (الزواج الكاثوليكي )، بين طهران وتل ابيب،وإنتهت المصالح، ولم تعد إيران حليفة لإسرائيل ،بل خطراً عليها،بعد سيطرة إيران على عواصم عربية أربع، وسعيها الى إمتلاك النووي العسكري،الذي يهدّد وجود إسرائيل،ونجاح الهلال الشيعي الإيراني في المنطقة،كل هذه الأسباب سرّعتْ من إنهاء التحالف الصهيوني -الإيراني الى الأبد، وقيام الحرب بينهما…!!!!