كتبت – سماح عادل :
توقفت مجلة “دبي” الثقافية مؤخراً عن الصدور، والتي كانت تصدر عن دار نشر الصدى في الإمارات العربية، وأعلن أن الدار ستتوقف عن إصدار مطبوعاتها في إطار إعادة هيكلة قطاع الإعلام في الإمارات. ومجلة “دبي الثقافية” مجلة شهرية أسست في عام 2004، كما أن “مجلة العربي” الكويتية، التي تصدر منذ عام 1958 عن وزارة الإعلام، تتعثر في صدورها وأثيرت شائعات حول توقفها، كما أغلقت جريدة “السفير” اللبنانية – مكتفية بإصدراتها الإلكترونية – والتي حقق القسم الثقافي فيها رصيداً زاخراً لدى القارئ العربي.
أزمة تمويل الصحافة الورقية
يرى البعض أن تكلفة الإصدارات الثقافية العالية، وخاصة الخليجية منها، دون وجود ربح مناسب يعوضها من أهم أسباب توقف الإصدارات كلية أو التوقف عن نشر الإصدارات الورقية والإكتفاء بالنسخ الإلكترونية منها في أحسن الاحوال، كما أن تحول القارئ إلى المواقع الإلكترونية ومنافسة تلك المواقع بعد التطور التكنولوجي الهائل هو سبب آخر، خاصة وأن الصحف الورقية بشكل عام أصبحت مهددة وعرضة للإنقراض.. فقد توقفت المطبوعة الورقية من مجلة “الآداب” البيروتية التي كانت واحدة من أهم المجلات الثقافية في المنطقة العربية، وحتى عالمياً أعلنت مجلة “نيوزويك” الأميركية عن توقف النسخة الورقية.
كما أشار آخرون إلى أن الحكومات العربية خفضت دعمها للإصدارات الثقافية والثقافة بشكل عام، خاصة خلال السنوات الأخيرة التي إنشغلت فيها الدول بالنزاعات السياسية.
يقول رئيس تحرير مجلة “الرواية” المصرية “مدحت الجيار” في تصريح لجريدة أخبار الأدب: “لابد لأية وزارة أو دولة تصدر مطبوعات ثقافية أن تتحمل التكلفة الإقتصادية، وبالنسبة لدول الخليج، هم نفذوا إلى مجال به تهديد من الإرهاب بمعظم البلدان، ونظراً لأن إقتصادهم الآن إقتصاد حرب، فبعض الدول الخليجية قررت إنهاء خدمة عدد من المجلات الثقافية بسبب التمويل، لأنهم في حالة من الحرب يتكبدون خلالها تكاليف عالية“.
وبخصوص حال الإصدارات الثقافية في مصر يقول الجيار: “هناك إستقرار في الدوريات الثقافية المصرية، ومنها مجلة “الرواية“، التي تصدر في مواعيدها، رغم أن تكلفة العدد تزيد عن تكلفة البيع 100٪، لكنها خدمة تقدمها وزارة الثقافة المصرية للجماهير، وحتي الآن لم نصادف أية أزمة“.
ورغم ذلك حدثت أزمة في العام الفائت بسبب سعي وزارة الثقافة المصرية إلى إغلاق مجلة “الشعر” وعدد من المطبوعات الأخرى التي تصدر عن مختلف هيئات ومراكز الوزارة، ومجلة “الشعر” صدرت في يناير 1976، وتعد المجلة الوحيدة المتخصصة في فن الشعر على مستوى الوطن العربي وهي مجلة فصلية تصدر 4 مرات سنوياً وقد انتظمت في الصدور منذ أربعين عاماً.
إصدارات مازالت تتحدى
رغم التحديات.. هناك إصدارات ثقافية مازلت مستمرة في الصدور، مثلاً في مصر هناك عدة إصدارات تحافظ على وجودها أولها مجلة “الهلال” التي دخلت إلى عامها الـ124 من دون توقف، ويذكر أن الكاتب اللبناني “جورجي زيدان” هو من أسسها عام 1892، وأنها تعاني من المشاكل والتي أهمها قلة التوزيع داخل وخارج مصر، وكذا مجلة “أدب ونقد” التي تأسست عام 1984 وهي شهرية يصدرها “حزب التجمع” المصري، كما تصدر “الهيئة المصرية العامة للكتاب” – التابعة لوزارة الثقافة المصرية – مجلة “إبداع“، التي بدأت عام 1983، ومجلات “عالم الكتاب” و“الرواية“، و“وصلة” المتخصصة بالترجمة، و“فصول” مجلة النقد الأدبي والأخيرة تنتهي أعدادها المطبوعة فور صدورها وكذلك جريدة “أخبار الأدب“، وتصدر عن دار أخبار اليوم، وجريدة “القاهرة” التي تصدر عن وزارة الثقافة.
حاولت بعض الإصدارات الثقافية حل مشكلة قلة التوزيع وأفول نجم الصحافة الورقية بعمل مواقع إلكترونية لها، يصدرون فيها بشكل دوري، كما يوفرون الأعداد السابقة لهم للجمهور لكي يحصل عليها إلكترونياً.
ربما تشهد الثقافة في المنطقة العربية تحديات في الوقت الحالي.. لكن يبقى الرهان على الثقافة دوماً للنهوض بالأجيال الجديدة وتنميتها.