خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
مؤخرًا انتشرت الاقتباسات المتناقضة حول تفاصيل المقترح الأميركي، المًّقدم لـ”الجمهورية الإيرانية” بشأن تخصيّب (اليورانيوم)؛ ونشر هذه التصريحات عبر وسائل الإعلام العالمية مثل: (رويترز، ونيويورك تايمز، وأكسيوس) وغيرها في هذه المسألة، تسبب في حيرة المحللين والفاعلين السياسيين؛ وحتى الرأي العام. بحسّب تحليل “صابر گل عنبري”؛ المنشور على قناة (الكاتب) الإيرانية على تطبيق (تلغرام).
يتكشف ببطء..
وقد انتشرت هذه “المعلومات” غير المتنَّاسقة والمحيرة حول مضمون المقترح الأميركي، قبيل كسر المرشد الإيراني؛ “علي خامنئي”، الصمت حول هذا الموضوع. وقد اتضح من رد فعله أن المقترح الأميركي لا يُلبّي مطالب “طهران” الرئيسة.
وفي هذا الصدّد؛ ربما يسَّاهم حل لغز تغريدة الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، في فهم التناقضات؛ حيث أعلن رفضته التام لأي تخصيّب لـ (اليورانيوم) في “إيران”.
وجاءت هذه التغريدة بعد تقرير (أكسيوس) عن قبول التخصيّب بنسبة: (3%) فقط. وهذا يُفرض احتمال بأن تعليق “ترمب” بشأن تصّفير تخصّيب (اليورانيوم) في “إيران”، هو رد فعل على تقرير (أكسيوس)، ليس بهدف التكذيب ولكن للسيّطرة سريعًا على تداعيات انتشار هذا الخبر؛ وإثارة حفيظة اللوبي اليهودي والإسرائيلي والجمهوريين بشأن سماح إدارة “ترمب”؛ لـ”الجمهورية الإيرانية”، باستمرار عمليات تخصيّب (اليورانيوم).
أصابع إسرائيلية..
صحيح أن (“ترمب” النرجسي لا يصغي كثيرًا في قراراته لهذا أو ذاك، لكن هذا لا يعني أنه لا يتحلى بالحذر ويقدم على مخاطرة غير محسوبة حين يتعلق الأمر بـ”إسرائيل”. من هذا المنطلق، ربما تقف “إسرائيل” وراء تسّريب خبر موافقة “ترمب” على تخصّيب “إيران” (اليورانيوم) بنسبة: (3%)، ووفق “باراك رافيد”؛ الصحافي في (أكسيوس)، يقف وراء تسّريب هذا الخبر صحافي إسرائيلي مشهور يعمل في موقع (واللا) العبري، ومقرب من أركان الحكومة الإسرائيلية.
بالإضافة إلى ذلك، فقد سارع “نتانياهو” بالاتصال في نفس اليوم بوزير الخارجية الأميركي لمناقشة موضوع المفاوضات. وبغض النظر عن مدى صحة هذه الأخبار، فالهدف هو الضغط على “ترمب” للترفع عن منح أي امتيازات.
بين “الموافقة المؤقتة” والضغوط الإسرائيلية..
ويبدو أن “الولايات المتحدة” قد وافقت؛ (مؤقتًا)، في مقترحها بتخصيّب (اليورانيوم) بنسبة: (3%) لفترة محددة، لكن الهدف الأميركي النهائي بالنظر إلى الشروط الأخرى في المقترح، هو وقف التخصّيب تمامًا.
لكن تتخوف إسرائيلي ومعارضي الاتفاق داخل “الولايات المتحدة”، من تحول: “الموافقة المؤقتة” على تخصّيب (اليورانيوم) داخل “إيران” إلى: “مسألة دائمة”؛ ولذلك سارعوا إلى تسريب خبر موافقة “ترمب” على التخصّيب المؤقت والمحدد بفترة زمنية، الأمر الذي دفع الأخير إلى نشر تغريدته.
فإذا نظرنا إلى القضية من هذا المنظور، يمكن القول: إن تقارير وسائل الإعلام الأميركية الأخرى، بما في ذلك (نيويورك تايمز)، نقلًا عن “مسؤولين” في إدارة “ترمب” بعد ساعات فقط من إرسال الاقتراح إلى “إيران” بشأن معارضة “واشنطن”؛ “القاطعة”، لأشكال التخصيّب، كانت في الواقع محاولة سريعة وسردًا مبكرًا يهدف إلى إخفاء حقيقة القبول المؤقت للتخصيّب والتغطية عليه؛ حتى يتم تجاوز هذه العقبة بصمت وبشكل مؤقت في طريق التوصل إلى اتفاق، على أمل تحقيق هدف إلغاء التخصيب داخل “إيران” من خلال تشكيل اتحاد نووي.
حرب إعلامية خفية..
وبالتالي يمكن ربط هذه التناقضات في وسائل الإعلام الأميركية بنوع من: “الحرب الإعلامية الخفية”؛ بين “ترمب” والمعارضين في الداخل الأميركي و”إسرائيل”، الذين يرفضون منح أي تنازلات مهمة لـ”إيران” في أي اتفاق.
من هذا المنطلق يجب التعامل بحذر شديد مع المعلومات المنشورة في وسائل الإعلام والمنسوبة إلى “مسؤولين”؛ لأنها ليست “من إنتاج” الوسيلة الإعلامية نفسها، بل هي نقلًا عن “مصادر” غالبًا ما تكون موجهة ولها دوافع أخرى.
لكن إذا عدنا إلى صلب الموضوع، يجب أن نرى هل القبول المؤقت للتخصيب في اتفاق مؤقت يمكن أن يمهد الطريق للتوصل إلى اتفاق عبر هذا المسار المعقد، أم أن هذا الأمر سيصبح كأن لم يكن وسط شروط (ترامب) الأخرى والمعارضة الشديدة من خصومه ؟