“اسكناس” الإيرانية تكشف ملامح .. أيام صعبة بعد الاتفاق

“اسكناس” الإيرانية تكشف ملامح .. أيام صعبة بعد الاتفاق

خاص: ترجمة- د. محمد بناية:

حاليًا يغلب على كل أجزاء الدولة حالة من التفاؤل بخصوص الوصول إلى اتفاقٍ باعث للأمل بين “إيران” والدول الغربية بقيادة “الولايات المتحدة الأميركية”؛ حيث نأمل بعد سنوات من الصراعات الطويلة، وتكلفة باهظة، وسنوات طويلة صعبة، في انفراجه بخصوص رفع العقوبات واتصال “إيران” بالنظام الاقتصادي والتجاري العالمي. بحسب ما استهل “مرتضى نوراني”؛ أستاذ مساعد العلوم السياسية، تحليله المنشور بصحيفة (اسكناس) الإيرانية.

ويتبلور بين أحاديث الأفراد والجماعات والتيارات السياسية والاجتماعية المختلفة، حلمٌ مشترك بمستقبل أفضل في الأذهان، وهذا الإيمان الإيجابي والتفاؤل قد كبح لحسَّن الحظ جُماح الوضع الاقتصادي الجامح إلى حدٍ كبير، ومنذ فترة ليست بالبعيدة بدأت الأسواق المحلية تُظهر صورة إيجابية وآفاقًا تبعث على الأمل.

بداية الأيام الصعبة..

لكن غُداة الاتفاق وهدوء أجواء العاطفية والنفسية المجتمعية، ستكون البداية أيامًا صعبة ! لكن بخلاف هذا التفاؤل؛ (الذي يُعتبر شرطًا ضروريًا لاستمرار الحكم وإنقاذ اقتصاد البلاد)، سوف تكشف النظرة العابرة على الحالة الثقافية والاجتماعية في البلاد وفي مختلف القطاعات، عن مسّار شاقٍ وتحديات كثيرة.

فالأوضاع الفعلية الداخلية غير المستَّقرة، سوف تُعرقل أي انفراجه، إذ لا بُدّ من العمل سنوات طوال على مسّار الإصلاحات الداخلية، وتغييّر المسّار الثقافي والاجتماعي والاقتصادي للبلاد، وتحويلها إلى سلوكيات قابلة للاتصال بالنظام الدولي.

وللأسف تعّرض الهيكل الثقافي للمؤسسات المختلفة الحكومية وشبه الحكومية، والخاصة وشبه الخاصة في البلاد، خلال هذه السنوات الطويلة، للإهمال والتفكك، وخلا من الكوادر المتخصصة والغيورة والملتزمة بالمثل العليا، واكتسب على مدى عقود صفات سلبية أخرى.

وفي القطاعات الحكومية وشبه الحكومية، أصبح الفساد وانعدام المسؤولية كالنمل الأبيض ينخر الأسس الأساسية للمؤسسات، ويقدم مخرجات عديمة القيمة ! فهل نطلب غداة الاتفاق الاتصال بالنظام الدولي بمثل هذه المؤسسات والهياكل ؟

أغلب دول العالم طبقت قبل ثلاثة عقود أنظمة مضادة للفساد؛ بل وتمتع حتى القطاعات الخاصة المختلفة بأنظمة تمتاز بالشفافية.

أمامنا مسار طويل وصعب..

وحاليًا يمكن بسهولة إدراك عمق الكارثة، بمراجعة الوزارة والنواة الأساسية للقطاعات والهياكل الحكومية؛ إذ يفتقر أغلب الموظفين للشغف والدافع اللازم، وغير ملتُزمون، وغير متخصصون، مقيدون بالروتين التنظيمي كالأسرى في القيود، لا يشغلهم سوى انتهاء ساعات العمل ومغادرة المكاتب لمتابعة أعمالهم الثانوية !

وللأسف يفتقرون إلى  مراعاة أطر التعامل مع الجمهور أو العملاء. فكيف سنتقدم غداة الاتفاق السياسي بمثل هذه الهياكل الداخلية ؟ وهل تمتلك دوائرنا الاقتصادية، والثقافية، والتعليمية، والجامعية بهياكلها وإمكانياتها الحالية، الفهم والقدرة على الاتصال بالأنظمة الدولية ؟ الإجابة واضحة. أمامنا مسّار طويل وصعب !

هل يُمكننا بموظفين يفتقرون للعلم، والمهارة، والدافع، وهذه الهياكل الداخلية المتهالكة، الاتصال بالنظام العالمي المتطور، ونأمل في التعاون وتنفيذ مشاريع مشتركة ؟

يمكن القول بجرأة، إن الدولة ستواجه غداة الانفراجه السياسية الحيرة والمشاكل في أجزاء مختلفة من البلاد؛ حتى القطاعات الخاصة المحلية في البلاد، التي تواجه جميع الصعوبات والتحديات الكثيرة، عالقة في متاهات المشكلات الهيكلية. وتعقيد أوضاع الأعمال الداخلية واضطراب الوضع الثقافي والأخلاقي والاجتماعي والذي بلغ حدًا جعل معظم الشركات والأشخاص الطبيعيين والاعتباريين في البلاد متورطين في ملفات قضائية وجنائية.

ففي “طهران” فقط تُرفع سنويًا أكثر من ثلاثة ملايين قضية دعوية ! بمعنى أن ثُلثي سكان “طهران” كان لديه مشكلة قضائية وقضية قانونية.

وأغلب القطاعات الخاصة التي ترتبط باتفاقيات مع القطاعات الحكومية وشبه الحكومية، تستمر في النشاط بالحيلة وتحاول التناغم مع الفساد الحالي بكل الوسائل.

لذلك من الضروري وكلنا يأمل حاليًا في انفراجة سياسية والاتصال من جديد بالنظام الدولي، العمل بشكل جاد وشامل على تحديد جميع السياسات والإصلاحات الداخلية المطلوبة، وتهيئة أرضية الاتصال والتواصل الفعّال مع النظم الدولية، خلال فترة زمنية محددة، وبعزيمة قوية، وبجهد مضاعف في جميع القطاعات الحكومية وغير الحكومية. وبدون إعداد البيئة الداخلية، لن يكون الاتفاق السياسي سوى مسكّن مؤقت وضعيف الأثر.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة