نجحت الخطة .. واحنه شعلينه ؟!

نجحت الخطة .. واحنه شعلينه ؟!

عقب كل مناسبة دينية ، او وطنية او جماهيرية ، او مؤتمر ، او اجتماع ، او اية مناسبة يحضرها جمع من الناس او لا يحضرونها .. يطلع علينا جميع اركان حكومة العراق وبمختلف مستوياتهم ، دوناً عن جميع دول العالم ، بتصريحات وبيانات رنانة عنوانها نجحت الخطة !!.

ابتداءً اقول ان نجاح الخطة ، اية خطة هو واجبكم ، ولا خير فيكم اذا لم تنجح الخطة ، وثانياً فان لديكم كل الامكانيات والادوات المادية الباذخة واللوجستية لانجاح الخطة ، وثالثاً هل كان لديكم شك في عدم نجاح الخطة وهي واجبكم وانت المسؤولون عنها ؟.. وأخيراً : ليت الحكومة تعين شخصاً واحداً يعلن نجاح الخطة بمختلف تفاصيلها ، ولا يتعب النواطق والمسؤولين الاخرين ويقطع عليهم خلواتهم ونومهم العميق ، وهم يؤدون واجباتهم في خدمة الناس !!

الذي اثار استغرابي اليوم هو بعد انتهاء القُمة العربية في بغداد طلع علينا وزير الكهرباء يعلن نجاح خطة توفير واستقرار الكهرباء اثناء انعقاد القمة ( الهيلگية ) ، القمة التي لم يحضرها سوى رئيس واحد ، وامير واحد قضى في بغداد ساعة او ساعتين دون ان يلقي كلمة وغادر على عجل .. والرؤساء الثلاثة الاخرون الذين حضروا ( الفلسطيني والصومالي واليمني ) لا يهشون ولا ينشون وحضورهم او عدمه سيّان وان حضروا لا يعدّون وان غابوا لا يفتقدون .. .. لم يقل وزير الكهرباء ان توفير الطاقة لمكان انعقاد القمة جاء بعد ان قطع التيار عن نصف اهالي العاصمة وجعلهم يشتتون بحرّ شهر ايار الذي يساوي ربع الحر في حزيران وتموز .. واتحدى هذا الوزير ( او الوزراء الذين سبقوه طبعاً ) بان يطلع علينا في نهاية الصيف ويقول ان خطة توفير الحد الادنى من التيار خلال اشهر الصيف قد فشلت ، وانه يتحمل المسوولية بلا تبريرات او اعذار واهية وسيستقيل ويحاسب على فشل خطته . . وانا اضمن له ان استقالته ستُرفض لانها ستغضب كتلته وطائفته وقوميته وعشيرته وحزبه لانها ستحدث شرخاً في المحاصصة والتوافق وتوازن الحصص واللحمة الوطنية والنسيج الاجتماعي !.

سيطلع علينا أيضاً ( كما في كل مناسبة ) وزير الصحة ليعلن نجاح الخطة الصحية للمؤتمر وان الوزارة نجحت في توفير الباراسيتول والمسكنات للمشاركين في القمة ، وسيطلع علينا ناطق باسم هيئة الاعلام ليعلن نجاح الخطة الاعلامية للقُمة ، مع انني رايت مقدمي ومقدمات برامج ومراسلين لا يعرفون اسس المحاورة وتوجيه السؤال ، ونقل مباشر مرتبك بين المراسل والاستديو والتقاط زوايا مشوشة وعرض لقطات جوية لبغداد اثناء الفواصل اقتصرت على العموم واللاشيء !! فيما اطنب واسهب الاعلام العراقي الرسمي واعاد عشرات المرات تفاصيل ومعاني شعار القمة التي لم تستمر وبشقيها ( القمة السياسية والقمة التنموية) سوى بضع ساعات وملف العراق نصف مليار دولار ، دولار ينطح دولار !!

وسيطلع علينا ناطق امني باسم القائد العام للقوات المسلحة وقيادة العمليات المشتركة وعمليات بغداد وشرطة بغداد وشرطة الكرخ وشرطة المنطقة الخضراء و.. و.. وكلهم سيؤكدون بان الخطة الامنية نجحت اثناء انعقاد القمة دون حوادث او دون قطع الطرق ، وسيطلع علينا وزير النقل ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية ومدير مطار بغداد الدولي وقائد برج مطار بغداد الدولي ليعلنوا جميعاً نجاح الخطة ، وسيطلع علينا امين العاصمة ليعلن نجاح الخطة الخدمية وتبليط الشوارع وصبغ الارصفة وكنس الشوارع وغسل الشجار وتزيينها بالمصابيح الملونه !.. ونحن مقبلون على مناسبات هامة ( وما امثر العطل والمناسبات في العراق ) فاني ساستبق الناطق باسم وزارة التربية واعلن نجاح الخطة الخاصة بالامتحانات الوزارية وان القاعات مبرّدة والاسئلة بسيطة ومن المنهج وراعت ظروف ومستويات الطلبة عموماً ، واعلن لكم عن نجاح الخطة الامنية والخدمية الخاصة بعيد الاضحى وان كل شيء سيجرى على مايرام ، ولا قطوعات للطرق ولا زحام ، وساعلن نيابة عن هيئة الحج والعمرة عن نجاح خطة تفويج الحجاج براً وجواً وعودتهم سالمين غانمين مقبول حجهم ومشكور سعيهم !

اخواني المسؤولين في الدولة العراقية : اكرر لكم ، كفوا نواطقكم عن اعلان نجاح الخطة ، اية خطة ، وتذكروا ان من بديهات العمل ان الخطط تكون سرية ومرنة وتراعي المتغيرات اللحظية .. والّا يرافقها ضجيج اعلامي .. ودعوا الامور تجري بانسيابية ، ولا تمنوا علينا بانكم انجحتم خطة ما لان هذا واجبكم ، ببساطة !.