كتبت – سماح عادل :
من الطبيعي ألا يتوقع الكاتب أن تدخله كتاباته إلى مقصلة الإدانة القانونية.. فهو حين دون إبداعاته وأفكاره وخيالاته كان آمناً.. أو هكذا تخيل. لكن وخلافاً للتوقعات تعرض كتاب كُثر إلى المحاكمة بسبب كتاباتهم، وبالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط كانت الإدانة القانونية للكتاب لأسباب تراها السلطة وجيهة، واختلفت الإتهامات ما بين إزدراء الدين إلى خدش الحياء فيما يؤكد على أن حرية التعبير لها حدود.
ملاحقات تركية
مؤخراً تم إعتقال الروائية التركية “اصلي أردوغان” 70 عاماً، والكاتبة واللغوية “نجمية الباي” بتهمة “الإنتماء إلى منظمة إرهابية”، رغم صدور قرار بالإفراج عنهما تحت رقابة قضائية، في المحاكمة التي تمت لهما بتهمة “الدعاية الإرهابية” بعد أن قضتا أربعة شهور في السجن، بسبب كتابتهما في صحيفة مؤيدة للأكراد تدعى “أوزغور غونديم”.
وفي تركيا أيضاً حوكمت الروائية “أليف شفاق” بتهمة “إهانة الهوية الوطنية”، وكانت معرضة للسجن ثلاث سنوات بسبب روايتها “لقيطة إسطنبول”، والتي حكت فيها عن مجازر الأرمن في عهد الإمبراطورية العثمانية، وانتهت المحاكمة بت
برئتها.
لم تقتصر المحاكمات على الكتب، بل امتدت للتدوينات التي يدونها الكتاب على وسائل التواصل الإجتماعي.. فقد حوكمت الكاتبة المصرية “فاطمة ناعوت” بتهمة “إزدراء الأديان” بسبب تدوينات عن طقوس الذبح في عيد الأضحى، وقد حكم عليها بثلاث سنوات ثم حفظت القضية، والكاتبة الكويتية “سارة الدريس” حوكمت بتهمة “الإساءة للذات الأميرية” بسبب تغريدات لها على “تويتر” ثم أفرج عنها بكفالة مالية كبيرة وصدر لها عفو أميري.
مطاردات متأصلة
وهناك أمثلة عديدة لكتب تسببت في محاكمة أصحابها أو إدانتهم على الملأ خلال القرن العشرين، كتاب “في الشعر الجاهلي” للدكتور طه حسين، وكتاب “الإسلام وأصول الحكم” للشيخ علي عبدالرزاق، وكتاب “أحوال المرأة في الإسلام” لمنصور فهمي، و”من هنا نبدأ” لخالد محمد خالد، ورواية “أولاد حارتنا” لنجيب محفوظ، وكتاب”خريف الغضب” لمحمد حسنين هيكل، ومسرحيتي “الحسين ثائراً” و”الحسين شهيداً” لعبد الرحمن الشرقاوي، وكتاب “نقد الخطاب الديني” للدكتور نصر حامد أبي زيد، وكتاب “رب الزمان” لسيد القمني، وديوان “هوامش على دفتر النكسة” لنزار قباني.
خلال عقد الثمانينيات حبس الكاتب علاء حامد بسبب روايته “مسافة في عقل رجل” لمدة 8 سنوات وفصل من عمله في مصلحة الضرائب، وأصدر رواية أخرى بعنوان “الفراش” أدت إلى محاكمته والحكم بحبسه لمدة سنة مما أدى به لأن يقطع شرايينه في محاولة للإنتحار إعتراضاً على الحكم.
. ومتشعبة
حوكم كذلك الروائي المصري علاء الأسواني بسبب روايته “عمارة يعقوبيان”، التي تحولت لفيلم سينمائي، حيث طالبه أحد سكان العمارة بتعويض بسبب الإساة إليه وحكمت المحكمة ضده بتعويض مقداره 25 ألف جنيه.
كما حكم على الكاتب المصري “كرم صابر” بخمس سنوات بسبب مجموعته القصصية “أين الله” بتهمة “العيب في الذات الإلهية”.
وسجن مؤخراً الكاتب المصري “أحمد ناجي” بحكم عامان بسبب روايته “إستخدام الحياة”، حيث اتهم “بخدش الحياء”،
في الأردن تمت محاكمة الكاتب السوداني “عبد القادر أبوقرون” بتهمة “الإساءة للصحابة ونشر المذهب الشيعي”، بسبب نشره كتاب “مراجعات في الفكر الإسلامي”.
وفي المغرب تسببت رواية “جزيرة الذكور” في محاكمة مؤلفها “عزيز بنحدوش” وحكم عليه بشهرين مع إيقاف التنفيذ، بسبب أن شخصان أدعيا أنه قام بالسب والقدح لهما في روايته، فقد تناولت الرواية ظاهرة حدثت في سنوات الستينيات والسبعينيات، أسماها “ظاهرة الأبناء الأشباح”، حيث يسجل بعض الآباء المهاجرين في الخارج أطفالاً ليسوا أطفالهم في دفاتر الحالة المدنية، بهدف زيادة قيمة التعويضات العائلية التي يحصلون عليها، ومن المفارقات الحزينة موت الكاتب بسبب حادثة غرق، وكان قد تلقى تهديدات بالقتل.
خلال العام الفائت أدينت الكاتبة الإيرانية “غولروخ إبراهيمي الرائي” وحكم عليها بالسجن لمدة ست سنوات، بسبب قصة لها لم تُنشر عن عقوبة الرجم، بتهمة “إهانة المقدسات الإسلامية”، كانت الكاتبة قد تحدثت عن القصة مع البعض، والطريف أن السلطات الإيرانية قبضت على الكاتبة وزوجها “أرش صدِّيقي” والذي تعرض للتعذيب، وحرمت الكاتبة من حق الدفاع عن نفسها فيما اتهم زوجها بإتهامات عدة بسبب نشاطه الحقوقي أدت إلى الحكم عليه بـ15 عاماً.
أما في موريتانيا كانت محاكمة الكاتب “محمد الشيخ ولد امخيطير”، والتي حكم عليه فيها بالإعدام، بتهمة “الإساءة للرسول”، كان “أمخيطير” قد نشر مقالة في إحدى الصحف أُثارت ضجة وقامت مظاهرات على أثرها مطالبة بإعدامه رمياً بالرصاص.