في معارك الحصاد الاكبر ( نهر جاسم ) قدم الجيش العراقي تضحيات كبيرة ، حيث حصل اصرار على استعادة الاراضي التي احتلها الجيش الايراني ، وكنا نشن هجوما مقابلا كل يوم او يومين دون نتيجة سوى المزيد من التضحيات …سألني احد القادة وكنت حينها ضابط ركن صغير : ما الذي يجري ؟نحن لم نخطأ لا في الاستحظارات ولا في الخطة النارية ولا بأي شيء فلماذا يتكرر فشلنا ؟؟ اجبته بأننا نفشل لاننا نكرر الفشل اي اننا نهجم من نفس الاتجاه وبنفس الخطة النارية وبنفس التوقيت ونفس الاتجاه وقلت هناك مبدأ بريطاني يقول ( لا تعزز الفشل بالفشل) أي ان لا تكرر نفس المسالك التقربية ولا الطريقة ولا الخطة برمتها اذا فشلت . اجابني : ولكننا لا نمتلك اتجاها آخر ..اجبته كلا لدينا الخيار الاخر وهو ان نلجأ الى الدفاع ونحن مواقعنا ونقبل بخسارة الارض الى حين ..وفعلا بعد ايام تحولنا للدفاع وتوقف نزيف الدم والمال والوقت.
هذا المبدأ لا يشمل مستوى التعبية فقط ، بل يشمل مستوى العمليات ، ومستوى الاستراتيجية الشاملة . فاسلوب الانتاج الفاشل ينبغي ان لا يتكرر في الاقتصاد ، وآلية الانتخابات الفاشلة تتغير ، وهذا ما ينسحب على العلاقات الدولية ونظام الحكم وكل شيء.
جيش يقصف الفلوجة منذ خمسة اشهر لفترة اطول بكثير من قصف القوات الامريكية الغازية في غزوها للعراق ..ذلك القصف الذي خرق كل قواعد العلم العسكري وكل الاسس الانسانية ..خمسة اشهر دون الحصول على شبر واحد من ارض الفلوجة رغم هجمات فاشلة كثيرة غير معلنة ..وقررت الحكومة ان لا تكرر الفشل وجائت ب( تصفية الحساب) فشنت هجوما مختلفا هذه المرة وباربعة محاور وكانت الحصيلة النهائية حسب المصادر الاجنبية الصديقة ستةالاف من الجبش والمدنيين و12 الف هارب عدا (الفضائيين) المعينين دون دوام واربعة الاف من المدنيين الابرياء واموال لا يعرف حجمها حتى الراسخون في العلم ومدن خربت وشعب تشرد.
الذي حصل حصل والفشل اصبح واقعا حيا وألا لما تذكر بايدن بعد سنة من الاعتصام ونصف السنة من الابادة ان هناك ابرياء في الموضوع ..وهذا ما تذكرته قناة البغدادية مؤخرا فعدلت والعدل المتأخر ظلم.
اسلفنا بأن المبدأ الذي حمل عنوان مقالنا يشمل الفشل الاستراتيجي العام وانه لم ينطبق يوما كما انطبق على الفلوجة اليوم …والفشل شمل الحل العسكري تماما وتبقى السياسة التي هي فن الحصول على غير الممكن قائمة ولم تعدم وسائلها يوما ..فلتتوقف المدافع والمكابرة الفارغة ونلجأ الى الحوار بعد ان نتذكر ان الفلوجة اسقطت الاستكبار الطائفي الى الابد وثبت ان شعب العراق وحراكه لم يكن فقاعة نتنة يوما وأن الهروب الى امام قد ينفع في كل المواجهات عد المواجهات مع الشعوب فلنجرب العقل ولنجرب قدرة اهالي الانبار المجربة على طرد الارهاب.