حرية التعبير في العراق : بين النص الدستوري والتحديات الواقعية

حرية التعبير في العراق : بين النص الدستوري والتحديات الواقعية

تعد حرية التعبير من الركائز الأساسية لأي نظام ديمقراطي وهي حق مكفول بموجب الدستور العراقي في مادته الثامنة والثلاثين التي تنص على أن “تكفل الدولة بما لا يخل بالنظام العام والآداب، حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل”.

إلا أن الواقع العملي يكشف عن فجوة واسعة بين ما هو منصوص عليه قانونيًا وما يُمارس فعليًا على الأرض .

 

واقع متأرجح

منذ عام 2003 شهد العراق انفتاحا نسبيا على مستوى الحريات العامة، وكان ينظر إلى هذه المرحلة كفرصة لبناء مجتمع مدني حر ظهرت مئات الوسائل الإعلامية وأصبح النقاش السياسي والاجتماعي أكثر انفتاحًا .

ومع ذلك، سرعان ما بدأت التحديات بالظهور تمثلت في الضغوط السياسية، التدخلات الحزبية، والتهديدات الأمنية التي باتت تطال الصحفيين والناشطين .

وفقًا لتقارير منظمات حقوق الإنسان لا تزال حرية التعبير في العراق مهددة بفعل الاعتقالات التعسفية والتضييق على الصحفيين، واستخدام قوانين قديمة مثل قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 لتقييد الأصوات المعارضة .

كما أن بيئة “الإفلات من العقاب” شجعت على ازدياد الاعتداءات على العاملين في المجال الإعلامي .

 

التحديات أمام الإعلام والصحافة

يواجه الصحفيون العراقيون معضلات حقيقية تبدأ من التهديد بالقتل ولا تنتهي عند المحاكمات أو الطرد من العمل وعلى الرغم من وجود بعض المحاولات لتعديل القوانين بما يتماشى مع المعايير الدولية لا تزال هناك فجوة بين القوانين والممارسة إذ أن التفسيرات الواسعة لعبارات مثل “الإساءة إلى المقدسات” أو “تهديد الأمن العام” تُستخدم في كثير من الأحيان كذريعة لإسكات النقد .

 

وسائل التواصل الاجتماعي : ساحة جديدة للنقاش … وللقمع

مع تزايد استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت هذه المنصات متنفسًا للشباب للتعبير عن آرائهم وخاصة خلال الحركات الاحتجاجية مثل انتفاضة تشرين 2019لكن هذا الفضاء لم يسلم هو الآخر من المراقبة والتقييد .

فقد واجه العديد من الناشطين تهديدات ومحاكمات على خلفية منشورات على فيسبوك أو تويتر، ما عزز مناخ الخوف والرقابة الذاتية .

 

الطريق إلى الأمام

تحقيق حرية تعبير حقيقية في العراق يتطلب إرادة سياسية وإصلاحا تشريعيا شاملا، بالإضافة إلى حماية الصحفيين والناشطين من الانتهاكات ومحاسبة المتورطين فيها ، كما أن للمجتمع المدني دورا مهما في رفع الوعي وتشكيل ضغط شعبي على صناع القرار لتعزيز هذه الحرية الأساسية .

في بلد يطمح إلى ترسيخ الديمقراطية بعد سنوات من العنف والاضطراب فإن حرية التعبير ليست ترفا، بل هي ضرورة لضمان الشفافية ، والمساءلة ، والتنمية المستدامة.

أحدث المقالات

أحدث المقالات