سقط القِناعُ عن الوجوهِ الكالِحَهْ
وتبيّن الناسُ الحقيقةّ واضِحِهْ
والغشُّ لايبقى على طوال المدى
سِرّاً وآثارُ المُراوِغِ لائِحَهْ
إنْ كانت الصفقاتُ تترى بينَهُمْ
فالزَيْفُ أَنْتَنُ ما لديهم رائِحَهْ
ويُلّفعُ العارُ الذين تناهبوا
ثرواتِنا ، وغَدَوْا سُقوفاً طائِحَهْ
(من رباعيات حسين الصدر)
الذين تسلقوا على اكتاف المواطنين ، ووصلوا الى المواقع العالية في غفلة من الزمن ، فاستغلوا مواقعهم في اصطياد الأموال، وابرام الصفقات والعقود المريبة، سعياً وراء الأرقام الرهيبة التي دخلوا بها نادي أكبر الاثرياء في العالم مَثَلُهُم مثل السقوف التي يُخيّل للرائي أنها محكمة البناء، طويلة البقاء،..!! ولكنها ليست كذلك يقينا، متى مالم تكن مبنيةً بشكل سليم، ومن هنا كان انهيارُها حتمياً ..!!
ارتفاع السقف ليس ضمانةً للديمومة، بل هو عُرضة للاهتزاز والسقوط متى كان مغشوشاً …،
وارتفاع (الغشّاش) الى منصب عالٍ مرموق ، يُلحقه بذلك السقف الواهي ، وان بدا لأول وهلةٍ على خلاف حقيقته ..!!
إنّ النزاهة مطلوبة من كلّ الناس ، ولكنها مطلوبة من المسؤولين بشكل أكبر ، ذلك أنهم مأتمنون على مصالح البلاد والعباد ، فاذا خانوا أماناتهم وتجاوزوا صلاحياتهم، وتلاعبوا بما تحت أيديهم من ملفات، كبّدوا الوطن أفدح الخسائر، وأضروا بحاضره ومستقبله ، وشتان مابين مفردة جزئية لايتعدى نطاقها الشخصيْن ، وبين قضايا يمتد نطاقها الى بلاد مابين النهرين..!!
ان كاتب السطور من المخضرمين ،اي انه عاش حقبة من عمره في ظل العهد الملكي (1921-1958)، وفي ظله كان اختلاس حفنة من الدنانير جريمة تهّز العراق هزّا ، وعاش العهد الجمهوري بمراحلة القاسمية، (1958-1963) والعارفية (1963-1968) فلم يجد ما وجده الان من فساد مالي واداري ادخل العراق في قائمة الدول الاكثر فساداً في العالم ..!!
أما في مرحلة الدكتاتورية البائدة فالعراق أرضا وشعبا وثروة انما هو بيد الطاغوت يصنع به ما يشاء
ومما يحزن حقاً :
ان كبار اللصوص والفاسدين يحظون بالحماية الكاملة، ويتم التعميم على أضابير فسادهم وإفسادهم، وبالتالي ظلوا بعيدين عن المحاسبة الدقيقة عما احترجوه واقترفوه من انتهاكات فظيعة وابتلاعات للمال العام بدم بارد ، ودون خجل أو وجل ..!!
من هنا :
فان أولّ ما يجب ان يبدأ به مجلس النواب الجديد، هو السعي الدائب الحثيث لاسترجاع ما نُهِبَ من ثروات العراق وتَسرَّبَ الى جيوب عصابات النهب المنظم، وملاحقتهم القضائية بالنحو الذي يضمن عودة ما أودعوه في حساباتهم الشخصية والعائلية ، في شتى المصارف وفي مختلف الأقطار الى خزانة الدولة العراقية .
وليس ذلك بمطلب عسير متى ما توفرت الادارة الجادة لذلك .
ان المليارات المنهوبة كانت تكفي لجعل (العراق) بلداً من البلدان الراقية عمرانياً وزراعياً وصناعيّاً ولكن المنهوب من أمواله لم ينفق لإعمار البلد والنهوض باشباع حاجاته في مختلف القطاعات ، سواء منها ما كان مختصاً بالكهرباء والماء والبنى التحتية أو المجالات الأخرى … ولم تَحْظَ مشكلتا السكن والبطالة بالعناية الملحوظة، وإنْ وزّعت تزامنا مع موعد الانتخابات النيابية في 30 نيسان الماضي مئاتُ الآلاف من القطع بهدف كسب الأصوات ..!!
ما معنى التستر على السُرّاق ؟
ولصالح مَنْ تحجب الأرقام عن الرأي العام ؟
اننا ندعو الى تعرية المفسدين تعرية كاملة دون ان توخذ أحد بهم هوادة :
نقول هذا بعد ان أصبحت هناك ثقافة جديدة تتعامل مع السرّاق وكأنهم لم يرتكبوا شيئاً ..!!
ان استمرار السرقات من جانب واستمرار التغطية على جرائمهم من جانبٍ آخر ، أدّى الى هذه الثقافة البائسة ، واشاعة هذا المفهوم الأعوج ..!!
واذا كانت المرجعية الدينية العليا قد اعلنت رأيها الصريح في رفض الامتيازات لذوي الدرجات الخاصة والرواتب التقاعدية للنواب واعتبارها استنزافاً للثروة الوطنية، فما بالك بالمنهوب من المال الحرام خلافاً لكلّ القيم الدينية والوطنية والسياسية ؟!!
وقد مشى النهب للمال العام في خطٍ متواز مع النهب للمال الخاص ، حيث يتعرض المواطنون في مختلف الدوائر الرسمية لأبشع ألوان الابتزاز، ولا يستطيعون انجاز معظم معاملاتهم دون ان يدفعوا (الأتاوات) التي يطالبون بدفعها ..!!
والفقراء والمستضعفون هم أكبر الضحايا في هذا المضمار ..!!
حتى الاهتمام بالمريض الراقد في مستشفى حكوميّ أصبح عملية لاتتم إلاّ بعد ان يدفع أهله مايلزم الى من يقوم على تمريضه ..!!
ان (الجشع) و(الرحمة) متضادان حيث لارحمة ولا انسانية لكل جشع طمّاع، همّهُ الحصول على المال وبكل الوسائل، بعيداً عن الحسابات الشرعية والانسانية والوظيفية .
ان المال الحرام بمثابة السُمّ الذي لابُدَّ ان يفتك بأصحابه ، طال الشوط أو قصر .
والعاقبة للمتقين .