الشعوب الكردية ضحية؛ لاستراتيجيات القوى الدولية

الشعوب الكردية ضحية؛ لاستراتيجيات القوى الدولية

انهى حزب العمال الكردستاني التركي، طريق الكفاح المسلح والذي استمر فيه لأكثر من اربعة عقود؛ ليتخذ طريقا أخر، هو طريق السياسة والدبلوماسية؛ طريقا به، كما جاء في بيان الحزب، يتحصل على الحقوق القومية للشعب الكردي التركي، وفي اولها، او في مقدمتها هو استخدام اللغة القومية كأداة ثقافية وسياسية واجتماعية وكل ما له علاقة بكل الاسس التي بها؛ يحافظ على كيانه القومي من دون استلاب او تغريب له او امحاء. في البيان المطول الذي اصدره الحزب وتخلى به عن طريق الكفاح المسلح قال ومن بين ما قال او ما اورده البيان؛ ان المرحلة التاريخية التي بها اتخذ الحزب الكفاح المسلح طريقا له كي يتحصل على كامل حقوقه القومية، قد انتهت، وان العالم لم يعد، او ان الظروف الدولية ومتغيراتها ومتحولاتها، لم تعد كما في السابق؛ تتلائم مع الكفاح المسلح كدرب لبلوغ ما يريد ويخطط له، او خطط له الحزب. ان نزع سلاح الحزب وبإرادة الحزب كما ورد في بيان الحزب؛ لم يكن بعملية مقايضة، او لم ترد اي اشارة الى عملية مقايضة مع تركيا اردوغان. تركيا من جانبها لم يقل اي مسؤول فيها حتى هذه اللحظة من ان تخلي الحزب عن سلاحه والدخول في العملية السياسية؛ كان عبر اتفاق بين الجانبين، بل ان تركيا ادروغان، أو ان مسؤولو تركيا، أكدوا؛ ان الحزب تخلى عن السلاح مرغما، بعد ان تأكد من أن لا طريق له الا هذا الطريق، طريق التخلي عن السلاح. على ذات الصلة، تركيا اوضحت ان عملياتها العسكرية سوف تستمر في المنطقة للقضاء الكامل والتام على كل الاعمال الارهابية في المنطقة، ولم يحدد حدود المنطقة؛ هل هي في جنوب تركيا حيث ينشط حزب العمال الكردي التركي، ام بالإضافة الى الجنوب التركي؛ شمال العراق و شمال شرق سوريا. الاكراد في تركيا يشكلون اكثر من 29% من سكان تركيا. وهم يستخدمون اللغة التركية سواء في التعليم او الدوائر الرسمية، وفي كل امر ووضع وحالة تستجوب استعمال اللغة؛ فتكون حصرا اللغة التركية هي الاداة، بمعنى اخر واكثر دقة ووضوحا؛ ان اكراد تركيا لم يتحصلوا على حقوقهم القومية، ومن بينها اللغة والثقافة والهوية والتاريخ، وما إلى ذلك، او وما الى ما يقع في عين الخانة، وهم حالهم كما هو حال اكراد ايران وسوريا، باستثناء الاكراد العراقيين.. ان الاحتمال الاقوى والاكبر ان هذا الطريق، طريق السياسة والدبلوماسية سوف يستمر الى نهايته، ولو بعد حين، ليس قليلا في الحساب الزمني. في هذه الحالة اذا ما صارت واقعا على الارض وهي لسوف تصبح واقعا على الارض؛ هل تقوم تركيا بسحب قواتها التي تحتل الارض العراقية في شمال العراق؟ من وجهة النظر الشخصية؛ ان تركيا وباحتمال كبير جدا، لا تقوم بسحب قواتها من شمال العراق؛ بدليل، تأكيد تركيا من انها سوف تستمر في عملياتها العسكرية، رغم بيان الحزب الذي أكد فيه تخليه عن السلاح وطريق الكفاح المسلح؛ بمختلف الحجج التي لن تعجز عن الاتيان بها، ولو بالمخادعة والكذب. في هذه الحالة وكواقع في حينه، يفرض نفسه؛ كيف تتصرف الحكومة العراقية، وحكومة الاقليم؟ والأخيرة التي تربطها، علاقة قوية مع تركيا اقتصاديا وتجاريا وغيرهما، باستثناء حزب الاتحاد الوطني الكردستاني. ربما، في وقتها يكون رد الحكومة العراقية، وايضا حكومة الاقليم لا يتعدى الشجب والاستنكار في اوج الرد حين يكون هناك رد، كما هو ديدنهما خلال اكثر من عقدين. ان الاكراد من حقهم، ان يكون لهم حقوقهم القومية في الدول التي اصبحوا جزءا منها، وبإرادة استعمارية لها ما لها من مقاصد ذات ابعاد استراتيجية، من بينها، وليس كلها ان تكون اداة بيد القوى الدولية وعلى وجه التحديد القوى الغربية وفي اولها؛ هي الولايات المتحدة الامريكية، وقاعدتها الامبريالية في القارة العربية، الكيان الاسرائيلي؛ لتكون اداة ضغط وكسر للإرادة سواء الاقتصادية او السياسية او الامنية؛ من خلال احداث القلق الامني واستنزاف القدرات سواء العسكرية او الاقتصادية. بخلاف كل حركات التحرر للشعوب الكردية سواء في تركيا او في العراق او في ايران او في سوريا؛ حركة التحرر للشعب الكردي التركي، تم وضعها في خانة الارهاب، سواء من قبل القوى الدولية تحديدا امريكا وغيرها، او من قبل القوى الاقليمية، في توصيف يجانب الحقيقة والحق حسب القانون الاممي الذي ينص على حق الشعوب في المحافظة على هويتها وكيانها، حتى وهي ضمن دولة لها هويتها التاريخية والقومية، بما لا يؤدي الى تقسيم تلك الدولة( اذا ما اهملنا او وضعنا جانبا حق تقرير المصير الذي نص عليه قانون الامم المتحدة). لماذا؟ ببساطة لأن تركيا اولا عضو في حلف شمال الاطلسي، وثانيا لها علاقة طبيعية مع الكيان الاسرائيلي، ان لم اقل علاقة قوية في جميع الحقول السياسية والعسكرية والاقتصادية وغير هذا وذاك الكثير، بصوف النظر عن ما يقوله الاعلام التركي وغير الاعلام التركي، فالحقيقة كما الشمس لا يمكن مطلقا ان يتم حجبها بغربال. اكراد تركيا في كل كفاحهم لم يطالبوا بالاستقلال، بل ان كل ما كانوا يطالبون به؛ هو الحقوق القومية، وان يكون لهم وجود وهوية قومية، من تاريخ ولغة وما إليهما؛ لكن تركيا اردوغان وحتى من سبقوه في رئاسة الدولة التركية؛ رفضوا اعطاء هذا الحق المنصوص عليه في قوانين الامم المتحدة. الدبلوماسية والعمل السياسي، لا يمكن ان يتحصل صاحب الحق على حقه عبر هذين الطريقين اذا لم يكونا مدعومين بقوة وقدرة سواء بالوجود الفعال والمؤثر على الارض او بالتظاهر، او الاعتصام، او بغير هذا اذا ما استدعى الظرف السياسي، او اذا ما استخدم النظام القوة العسكرية في خنق الاصوات المطالبة بالحقوق عبر مختلف وسائل الاستبداد..