خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
جولة “دونالد ترمب” في الشرق الأوسط؛ ليست مجرد اختبار لفاعلية السياسة الخارجية للرئيس الأميركي، وإنما ستُمثّل صدى لمستقبل العلاقات الأميركية مع العالم العربي، وهو مستقبل إذا رُسم بمهارة كما يقول المحللون فقد يؤدي إلى تقوية أمن المنطقة، ويُسجل إنجازات مُحددة في سيّرة الرئيس الأميركي الذاتية، والذي لم يستطع حتى الآن وبعد مرور مئة يوم الوفاء بتعهداته، لكن في حال مضى “ترمب”؛ دون فهم للتعقيدات الجيوسياسية وطموحات دول الخليج، فقد تتحول هذه الرحلة إلى فرصة ضائعة.
وفي هذا الصدّد وبغرض تشّريح أبعاد وأهداف زيارة “ترمب” التاريخية لدول الخليج، أجرت صحيفة (اعتماد) الإيرانية حوارًا مع؛ “عبدالرضا فرجي راد”، أستاذ الجيوسياسية…
أهداف الجولة الخليجية..
“اعتماد” : اختار “ترمب” السعودية كأول وجهة خارجية له كما حدث في دورته الرئاسية الأولى؛ في رأيك لماذا تكون ممالك الخليج، وبخاصة “السعودية”، الوجهة الأولى للرئيس الأميركي ؟ ما هي نتائج استضافة “الرياض”؛ “ترمب”، في هذا التوقيت على المنطقة ؟
“عبدالرضا فرجي راد” : بشكلٍ عام تتأثر رؤية “ترمب” الاستراتيجية، في التعامل مع أغلب الدول، بتوجهات تجارية واقتصادية بحتة.
لكن هذه القاعدة لا تنطبق على دول الشرق الأوسط وتحديدًا “السعودية”. فالدول العربية الخليجية؛ وفي المقدمة “المملكة العربية السعودية”، تُعتبر من أغنى دول العالم حاليًا، وقد تضاعفت احتياطات هذه الدول من العُملات الأجنبية بشكلٍ كبير خلال السنوات الأخيرة.
وعليه؛ فإن هدف “ترمب” من جولته في منطقة الشرق الأوسط، والتي تبدأ من “السعودية”، هو الحصول على مجموعة من الإنجازات السياسية على الصعد المحلية والدولية.
فشل الإرادة “الأميركية-الإسرائيلية” في اليمن..
“اعتماد” : على مشارف هذه الزيارة ازدادت التكهنات بشأن احتمالات التقدم في عملية تطبيع العلاقات بين “السعودية” و”إسرائيل”؛ لا سيّما في ظل التوصل إلى اتفاق مؤقت بين “الولايات المتحدة” و(الحوثيين)، فهل هذه الفرضية قابلة للنقاش، وهل حصل تقدم في هذا المسّار ؟
“عبدالرضا فرجي راد” : فشلت استراتيجية “ترمب” في مواجهة (الحوثيين)، ولم يتمكن من إحداث أي تغيّير في سلوك (أنصار الله)، واستهداف مطار (بن غوريون) هو أبرز دليل على صحة هذا الادعاء.
وكان الإسرائيليون قد اعتقدوا بنجاحهم في تأمين حدودهم؛ بعد أحداث الأشهر الأخيرة في “غزة، ولبنان، وسورية”، لكن أثبت (الحوثيون) أن على “إسرائيل” قطع طريق طويل للوصول إلى هذا الهدف.
لكن فشل استراتيجية “الولايات المتحدة” و”إسرائيل” في مواجهة (الحوثيين)، رُغم استهداف بُنية (أنصار الله) التحتية، فرض على “واشنطن” إعادة النظر في سياساتها تجاه “اليمن”.
جدير بالذكر أن “السعودية والإمارات” لا تميّلان إلى استئناف المواجهات في “اليمن”، لأنها قد تُهدّد صادرات البلدين من الطاقة، الأمر الذي فرض على “الولايات المتحدة” التوصل إلى اتفاق شفهي مع (الحوثيين) لوقف إطلاق النار.
الملفت أن هذا الاتفاق تم على مسّار انطلاق الجولة الرابعة من المفاوضات “الإيرانية-الأميركية”، وتجاهل الأمن الإسرائيلي.
محاولة لاختراق النفوذ الصيني بالمنطقة العربية..
“اعتماد” : برأيك هل يسّعى “ترمب” إلى فك ارتباط “السعودية” بالمحور “الروسي-الصيني”، عبر المحركات الاقتصادية والعسكرية والأمنية ؟
“عبدالرضا فرجي راد” : تُجدّر الإشارة إلى أن العلاقات بين “الرياض” و”موسكو” لا ترقى إلى المستوى الذي يُثيّر قلق “واشنطن”.
لكن ترتبط “روسيا” بعلاقات أكبر مع “الإمارات”؛ وبخاصة بعد الحرب الأوكرانية وفرض عقوبات دولية على “روسيا”؛ حيث تحولت “الإمارات” إلى مركز آمن وموثوق بالنسبة لـ”موسكو” للالتفاف على العقوبات.
لكن بشكلٍ عام لا تُمثّل علاقات “روسيا” مع الدول العربية الخليجية تهديدًا يُذكر لمكانة “الولايات المتحدة” ودورها بالمنطقة.
في المقابل؛ تشَّعر “واشنطن” خطر أكبر من جانب “الصين”؛ باعتبارها دولة ذات نمو اقتصادي مرتفع وقوة بشرية كبيرة وقدرات عسكرية متزايدة، ويمكن للعلاقات الاقتصادية والسياسية بين “الصين” والدول العربية في منطقة الخليج، أن تتحدى مكانة “واشنطن” في المنطقة.
من ثم فإن أحد أهداف رحلة “ترمب” إلى المنطقة هو إقناع الدول العربية بإعادة النظر في علاقاتها مع “بكين”، حتى تتمكن “الولايات المتحدة”، في حالة هجوم عسكري صيني على “تايوان”، من استخدام صادرات الطاقة إلى “الصين” كأداة ضغط ضد “بكين” من خلال حلفائها العرب التقليديين في المنطقة.