بعيون إيرانية .. تداعيات دعوة “الشرع” لقمة عربية بالعراق

بعيون إيرانية .. تداعيات دعوة “الشرع” لقمة عربية بالعراق

خاص: ترجمة- د. محمد بناية:

أنهكت الحروب الأهلية “العراق”؛ خلال العقود الماضية، وهو يسّعى الآن إلى احتلال مكانة جديدة باعتباره طرفًا رئيسًا في الدبلوماسية العربية. ويمكن تحليل هذه الخطوة ضمن إطار التمثيل الدبلوماسي؛ حيث تُعيّد الدول تعريف هويتها السياسية عبر الاستفادة من علاقاتها المتعدَّدة. بحسّب ما استهل “حسين أحمدي”؛ خبير شؤون غرب آسيا، تحليله المنشور على موقع “المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية” الإيراني.

مع هذا فإن دعوة؛ “أحمد الشرع”، أثارت الكثير من الأسئلة بوصفه زعيم (هيئة تحرير الشام) سابقًا وصاحب علاقات مع التنظيمات الإرهابية.

ورغم سعيّه إلى الانفصال عن ماضيه منذ العام 2017م، لكن اتهامات “مجلس الأمن” والدول الغربية، التي ما تزال تصَّنف (تحرير الشام) كمنظمة إرهابية، تُزيد من صعوبة الثقة في “الشرع”.

ويؤيد لقاء “أحمد البدراني”؛ وزير الثقافة العراقي، نظيره السوري والاتفاق على التعاون الثنائي، نشاط “بغداد” الدبلوماسي لبناء علاقات حضارية مع “دمشق” في إطار المقاربات “السياسية-الأمنية” لدول “غرب آسيا”، إلا أن هذه المبادرات قد لا تسَّفر عن نتائج في ضوء الشكوك حول “الشرع”.

وتعكس هذه الرسالة الدبلوماسية التي توجهها واقعية حذرة؛ سعي “العراق” للموازنة بين الطموحات الإقليمية، والمخاطر الناجمة عن خيارات مثيَّرة للجدل من مثل استضافة الرئيس السوري المؤقت.

التداعيات السياسية الداخلية..

حملت دعوة “الشرع” تداعيات سياسية ملَّفتة لـ”العراق”؛ وبخاصة حكومة “محمد شيّاع السوداني”، حيث عكست الاحتجاجات الكبيرة على شبكات التواصل الاجتماعي، وبيانات الفصائل السياسية مثل (عصائب أهل الحق)؛ بقيادة “قيس الخزعلي”، استياء العراقيين العميق من هذه الخطوة.

وقد حذر “الخزعلي” من أن وجود “الشرع” قد يؤدي إلى تنفيذ حكم اعتقال قضائي ضده، على خلفية اتهامات تتعلق بأنشطته في “العراق”، بما في ذلك تعاونه مع (القاعدة) و(داعش) في العقد الأول من الألفية.

وتُشيّر التقارير إلى أنه كان يستخدم الاسم المسَّتعار: “أمجد مظفر حسين”، خلال تلك الفترة، مدعيًا أنه مواطن عراقي، وهو ما أثار غضب العديد من العراقيين.

هذه التوترات سلّطت الضوء على الانشقاقات العميقة في المشهد السياسي العراقي؛ حيث اعتبرت الفصائل العراقية المعارضة، أن زيارة “الشرع” تضَّفي الشرعية على شخصية مثيَّرة للجدل، وعدم احترام لضحايا العنف في السابق، وتطهير الإرهاب.

في المقابل، برّرت حكومة “السوداني” هذه الدعوة، بمحاولة تقوية الاستقرار الإقليمي وعودة “سورية” إلى “الجامعة العربية”. هذا التعارض الذي ازداد مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية العراقية، قد يُفضّي إلى فوضى سياسية في الداخل العراقي.

ويعتقد المحللون مثل؛ “علا مصطفى”، الباحث السياسي العراقي، أن وجود حكم قضائي ضد “الشرع” قد يُعرّض الحكومة للمسَّاءلة القانونية؛ لا سيّما إذا كانت الدعوة قد صدَّرت دون تنسيّق مع الأجهزة القضائية.

التحديات الأمنية..

أحد أكبر التحديات التي تواجه الحكومة العراقية؛ المخاوف الأمنية المرتبطة بحضور “الشرع” المحتَّمل. فقد تزداد، بغض النظر عن ارتباطه بالتنظيمات الإرهابية، ردود الفعل العنيفة من جانب الفصائل المسلحة.

وقد حذر “عمر محمد”؛ الباحث بجامعة (جورج واشنطن)، من إمكانية أن تُفضّي هذه الدعوة إلى احتجاجات منظمة أو حتى عنف موجه؛ لا سيّما من جانب الجماعات التي ترى في “الشرع” تهديدًا للأمن العراقي.

ويُزيد من هذه المخاوف الفيديوهات المتداولة على شبكات التواصل الاجتماعي، وفيها يوجه العراقيون تهديدات لـ”الشرع”.

ختامًا، تُمثّل “القمة العربية”؛ في “بغداد”، فرصة لـ”العراق”، لتثبيّت مكانته كفاعل إقليمي، لكن نجاح القمة رهن بقدرة الحكومة العراقية على إدارة التوترات الداخلية والأمنية.

ومشاركة “الشرع” من عدمها، بغض النظر عن النتيجة، سوف يعكس تعقيدات السياسة الإقليمية، والتحديات التي تواجه “الجامعة العربية”.

وهذا التطور الذي يؤشر من جهة إلى واقعية حذرة، ونشاطًا دبلوماسية لحكومة “السوداني” من جهة أخرى، قد يُشّكل نقطة تحول في العلاقات بين “العراق” و”سورية”، شريطة إدارته بحكمة وتدبير.

مع هذا؛ فإن ماضي “الشرع” المثَّير للجدل، وغياب الأدلة القاطعة على تغييّره الحقيقي، يضع الحكومة العراقية في موقف صعب يتطلب تقييمًا دقيقًا لعواقب هذه الدعوة وتكاليفها ومنافعها، والتي يبدو أنها ستكون في صالح “الشرع” بشكلٍ أكبر.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة