جاء في الاداب السلطانية ص/11 ولما فتح ـ الصحيح لما احتل ـ هولاكو بغداد في سنة 656 ه أمر أن يستفتي العلماء أيهما أفضل:
السلطان الكافر العادل أو السلطان المسلم الجائر؟ فجمع العلماء بالمستنصرية لذلك، فلما وقفوا على المسألة أحجموا عن الجواب وكان رضى الدين علي بن الطاوس حاضر المجلس وكان مقدما محترما، فلما رأى احجامهم تناول الورقة وكتب بخطه: الكافر العادل أفضل من المسلم الجائر، فوضع العلماء خطوطهم معتمدين عليه..
للتوضيح اعتناق الاسلام او الكفر يعود على صاحبه ، اما العدالة والظلم فيعودان على المجتمع ، والعدالة التي تحدث عنها هولاكو ليست وفق مفهومه بل بالمفهوم العام لا يرفضها الانسان السوي
بعيدا عن ماهية العدالة وفلسفة الفلاسفة ، فالعدالة بالاجماع هي روح الحياة واجاد وافاد الشيعة الامامية عندما جعلوا العدالة اصل من اصول الدين ، فالعدالة الصحيحة طبقا لشريعة الاسلام ينعم كل الانام بالخير والحرية والسلام
وهنالك رواية للامام علي عليه السلام ( لابد من حاكم بر او فاجر ) حاول بعض الكتاب ومنهم د رشيد الخيون لتجيير هذا الحديث لجعل حكومة الطاغية افضل من حكومة اليوم ، وهذه المقارنة مغلوطة جملة وتفصيلا ، وتفسير حديث الامام علي عليه السلام بانه لا بد من حاكم او قائد للمجتمع اي لا يسمى هرم ان لم يكن له راس ولا يسمى جبل ان لم يكن له قمة والحاكم شيء وعدالته شيء اخر
نعود الى جدلية العدالة وما ترتب عليها من مناصب اصبحت مثار جدل ونقاشات حادة حتى ادت الى الغاء الاخر ، العدالة التي يحققها الفقيه فانا اؤمن بولايته ، وان حققها حاكم ليس بفقيه فانا اؤمن بحاكميته ، وان حققها اجنبي وليس بمسلم فانا اؤمن بعدالته ، والعدالة الحقة هي التي تتحقق وفق تشريع عادل والتشريع العادل يشرعه انسان وفق امتيازات خاصة ، وهنا بدا النقاش والجدل .
نعم هنالك من يؤمن بولاية الفقيه ويرفض كل من لا يؤمن بها ، وهذا راي مرفوض جملة وتفصيلا ليس لانه خطا وليس لانه صح ، فالاعتقاد بولاية الفقيه مشروطة بالعدالة ، والعدالة تكون بوجهات نظر مختلفة عند الشيعة انفسهم وعند السنة وعند بقية الاديان والطوائف ، ولكن الرغبة لولاية الفقيه باعتبار الفقيه مجتهد والمجتهد يكون ذو اطلاع واسع بادوات استنباط الاحكام الاسلامية سواء فقه اصول تاريخ حديث وغيرها .
وفي الوقت ذاته هنالك الكثير من المسلمين فروا من حاكمهم المسلم الى بلد حاكمه ليس بمسلم ليشعر بالعدالة في حقوقه ، بل في بعض الاحيان حتى في ممارسة شعائره الدينية في بعض البلدان الغربية يجد حريته ، وهنا هذا لا يعني ان حكامهم اي الاجنبي يتصفون بالعدالة بل اغلبهم لظرف سياسي معين يكون تعاملهم مع المسلم بشكل عادل بينما في ظروف اخرى يعلن العداء جهارا نهارا وحتى اعلامهم هو الذي روج لمصطلح ( الاسلام فوبيا ) وهو الذي شرع قانون منع الحجاب وغيرها ..
من محطات التاريخ الم يهاجر المسلمون من مكة الى بلاد الحبشة بلاد النصارى وحصلوا على العدالة ؟ نعم هنالك تفاصيل تخص تشريعات الاحوال الشخصية مثلا فكل دين او مذهب يلتزم بما يؤمن ولا يحق للاخر ان يفرض على الاخر بما يؤمن .
نحن تحدثنا عن العدالة كمفهوم عام وليس بالضرورة يتحقق على يد مسلم او غير مسلم بل مفردات العدالة الاساسية عندما تتحقق يكون هو المطلوب وضمن العدالة الحرية الملتزمة فكن من شئت وامنحني العدالة .