خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
في الدبلوماسية الإيرانية المتبّصرة، حدّد “دونالد ترمب” فرصة للتعامل. وفحص القرائن قبل وبعد صعود “ترمب” إلى السلطة، تثبَّت أن “إيران” تعتبر إدارة “ترمب” والحزب (الجمهوري)، فرصة مناسبة لبناء تفاعل بناء ومستَّدام مع “الولايات المتحدة” والمجتمع العالمي. بحسّب ما استهل “علي آهنگر”؛ مقاله التحليلي المنشور بصحيفة (اعتماد) الإيرانية.
من جهة أخرى؛ بعد عودته إلى “البيت الأبيض”، خيّر “ترمب”؛ “إيران”، بين ثنائية متكررة: “الاتفاق أو الحرب”، وبالنظر إلى سوابق العلاقات بين البلدين، فإن طرح “الولايات المتحدة” للخيار العسكري بهدف تهيئة مجال الحوار مفهوم نسبيًا.
“ترمب”.. فرصة أم تهديد ؟
لكن “إيران” تعتبر وجود “ترمب” على رأس السلطة في “واشنطن” فرصة أكثر منه تهديد، لإقامة تعاون بناء في المجالات السياسية، والاقتصادية، والنووية مع “الولايات المتحدة” والعالم.
بهذه النظرة الإيجابية والمتبّصرة، شاركت “إيران”؛ برئاسة الدكتور “عباس عراقجي”، ووسّاطة “عُمان” الجديرة بالاستحسان، في ثلاث جولات من المفاوضات الصادقة والواضحة بـ”عُمان وروما”.
وكانت كل جولة تنتهي بتوصيفات على شاكلة: “إيجابية” و”بناءة”؛ من جانب “عراقجي” و”ويتكاف”.
إلا أن العيون والقلوب بحاجة إلى ما هو أكبر من العبارات القصيرة والمتكررة. والمتوقع أن تتخذ “الولايات المتحدة” خطوات تبعث على التفاؤل، لا سيّما بعد أن أبدت “إيران” مؤشرات إيجابية، لكن هذا لم يحدث حتى الآن؛ بل على العكس في كل مرة كان يتم فرض عقوبات جديدة على الاقتصاد الإيراني وصناعة النفط.
وتزداد عمليات إرسال المعدَّات العسكرية مثل القنابل الخارقة للتحصّينات، وحاملات الطائرات، ومنظومات الدفاع الجوي إلى المنطقة. بالتوازي مع احتدام تهديدات؛ “بنيامين نتانياهو”، المَّعلنة والواضحة ضد “إيران”، على سبيل المثال، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد هدّد، بتاريخ 27 نيسان/إبريل الماضي، بالقضاء التام على البرنامج النووي الإيراني.
وحاليًا انتصفت مهلة الشهرين التي حددها “ترمب” للوصول إلى اتفاق دون نتائج ملموسة؛ حتى أن “ويتكاف” رفض مقترح “إيران” باتفاق مؤقت.
غموض حول نوايا واشنطن..
مجموع هذه التطورات، يلقي بظلال من الغموض الثقيل على أجواء المفاوضات، ويُثيّر التساؤلات حول جدية “الولايات المتحدة” للدخول في مفاوضات، وهل تسّعى إلى شراء الوقت لتفعيل آلية “كبح الزناد”؛ والتي تُعطي “الولايات المتحدة” الحق في العودة لجُملة القرارات الصادرة عن “مجلس الأمن” ذات الصلة؛ والتي تحمل بين طياتها مجموعة من العقوبات، وكذلك المطالبة بإعادة وضعها حيز التنفيذ الفوري خلال ثلاثين يومًا من إخطارها “مجلس الأمن”.
هل تلعب “إسرائيل” دور الشرطي السّيء إلى جانب الدبلوماسية الأميركية، أم هو بالحقيقة استعداد لخطوة عسكرية بعد تفعيل آلية الكماشة وانهيار المفاوضات ؟
المقطوع به أن “إيران” اختارت التفاوض مع “ترمب” والحزب (الجمهوري)، ليس من منطلق الخوف أو التوهم، وإنما استنادًا إلى المباديء الجذرية. وهذا الخيار هو نتاج تجارب غير مرَّضية من المفاوضات السابقة مع إدارتي “باراك أوباما” و”جو بايدن”، والهدف أكبر من المشكلة النووية، وهو التعامل البناء في المجالات السياسية، والاقتصادية، والعلاقات الدولية.
“إيران” تأخذ من منطلق الذكاء الكامل، التهديدات الإسرائيلية على محمل الجد، وتتأهب للرد المناسب. وما يتعين على “الولايات المتحدة” أن تفهم، هو أن وجود “إيران” على طاولة المفاوضات، ليس مجرد تكتيك، وإنما هو قرار جذري واستراتيجي.
لكن في حال لم تبدَّي “الولايات المتحدة” أي مؤشرات عملية على صدق نواياها في المسّار الدبلوماسي والمفاوضات، واستمرت العقوبات والتهديدات، فسوف يتعين على “إيران” إعادة النظر في موقفها.
فإذا أثبتت “الولايات المتحدة” حسَّن النية، فإن كل النوافذ الدبلوماسية، والتعامل، والمصالحة الإيرانية مفتوحة.
والسؤال: هل تُفضّي هذه الفرصة إلى المصالحة، أم تنتهي مرة أخرى: بـ”التعامل دون مكافأة” ؟