أوروبا تستعد لهجمات روسية محتملة .. فماذا يوجد في جُعبتها وهل تستطيع المواجهة ؟

أوروبا تستعد لهجمات روسية محتملة .. فماذا يوجد في جُعبتها وهل تستطيع المواجهة ؟

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

فيما يبدو أن “أوروبا” تتأهب لحدثٍ هام قد يقلب الموازين لديها، كشفت صحيفة (ديلي تليغراف) البريطانية، أن “المملكة المتحدة” تستّعد بشكلٍ سري لهجوم عسكري مباشر من “روسيا”.

وطُلب من المسؤولين تحديث خطط الطواريء التي أعدت قبل (20 عامًا)، التي من شأنها أن تضع “المملكة المتحدة” في حالة تأهب للحرب، بعد تهديدات (الكرملين) الروسي على مدار أشهر بشّن هجوم.

ويوضح ملف سري كيفية استعداد “بريطانيا”، بما في ذلك إنشاء مخابيء لحماية مجلس الوزراء والعائلة المالكة، وبث البرامج العامة عن الحرب، وتخزين الموارد.

ويخشى الوزراء البريطانيون من أن “روسيا” وحلفاءها سيتفوقون على بلادهم في ساحة المعركة، بل إن “لندن” ستفشل حتى في الاستعدادات الدفاعية، وفق تقييّماتهم.

تهديد بهجوم مباشر..

وكان مسؤولو (الكرملين) هدّدوا “بريطانيا” مرارًا وتكرارًا بهجوم مباشر بسبب دعمها لـ”أوكرانيا”، الذي قد يشمل قريبًا نشر قوات بريطانية على الأرض.

وأطلقت “روسيا” هذا التهديد أول مرة في السادس من آيار/مايو 2024، ردًا على وزير الخارجية البريطاني آنذاك؛ “دافيد كاميرون”، الذي قال إن “أوكرانيا” لها الحق في استخدام الأسلحة التي زودّتها بها “لندن” في ضرب أهداف داخل “روسيا”.

ثم كرّرت “روسيا” تهديدها بضرب أهداف بريطانية إذا استخدمت “أوكرانيا” الأسلحة التي حصَّلت عليها من “لندن” لاستهداف مناطق روسية.

سيناريوهات التعامل..

وحذر خبراء من أن “المملكة المتحدة” معرَّضة لهجوم على بنُيتها التحتية الوطنية الحيوية، بما في ذلك محطات الغاز والكابلات البحرية ومحطات الطاقة النووية ومراكز النقل.

وقالت صحيفة (ديلي تيلغراف)؛ إن تحديثًا لخطة الدفاع الوطني السرية سيًحدّد استراتيجية للأيام التي تأتي مباشرة بعد أي هجوم على البر الرئيس لـ”المملكة المتحدة”، من جانب دولة أجنبية معادية.

وستتضمن الخطة سيناريوهات تتعرض فيها “بريطانيا” لضربات صاروخية تقليدية، أو رؤوس نووية، أو عمليات سيبرانية، وهي تهديدات كانت محدّودة عند آخر تحديث كبير للخطة قبل عام 2005.

وستُوجه الخطة؛ التي أعدّتها “مديرية المرونة” في مكتب مجلس الوزراء، رئيس الوزراء ومرؤوسيه حول كيفية إدارة حكومة في زمن الحرب، ومتى ينبغي عليهم اللجوء إلى مخبأ في (داوننغ ستريت) أو خارج “لندن”.

وذكرت الصحيفة أنه جارٍ دراسة جميع استراتيجيات الحرب المتعلقة بشبكات السّكك الحديدية، والطرق والمحاكم، والنظام البريدي، وخطوط الهاتف، لكن من غير المُرجّح أن تنُشر الوثيقة للعامة.

ووضع مجلس الوزراء بالفعل نموذجًا لسيناريو تُطلق فيه دولة معادية صواريخ وهجمات سيبرانية على البُنية التحتية الوطنية.

كما دعا مسؤولو الدفاع “بريطانيا” إلى تطوير نموذجها الخاص من (القبة الحديدية)، على غرار تلك التي تمتلكها “إسرائيل”، لحمايتها من الهجمات الصاروخية المحتملة.

اختراق الدفاعات البريطانية..

وفي شهر نيسان/إبريل الماضي؛ كشف مسؤول كبير في سلاح الجو الملكي البريطاني أنه لو وقعت الليلة الأولى من الصراع في “أوكرانيا” في “المملكة المتحدة”، لكانت الصواريخ الروسية اخترقت الدفاعات البريطانية ودمرت أهدافًا للبُنية التحتية.

وتقول كل من “روسيا والصين وإيران” إنها طورت صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت، بل يُمكنها الانطلاق بسرعة تصل إلى (10) أضعاف سرعة الصوت، ومراوغة الدفاعات بسهولة أكبر من الصواريخ الباليستية التقليدية.

ويشعر المسؤولون البريطانيون بقلقٍ خاص إزاء محطات الغاز ومحطات الطاقة النووية الخمس النشطة في البلاد، التي قد تُطلق مواد مشَّعة في حال تعرضت لهجوم، وتُسبّب: “آثارًا أمنية وصحية وبيئية واقتصادية طويلة الأمد”، وفقًا لتقيّيم صادر عن الحكومة البريطانية.

ليس افتراض نظري..

ويرى تقرير في موقع شبكة (سي. إن. إن) الأميركية؛ إن الواقع الجديد هو أن “أوروبا” لا تزال تُحاول التكيَّف معه. لكن، بعد (80 عامًا) بالتمام على استسلام “ألمانيا النازية” على يد الحلفاء الأميركيين والأوروبيين، لم يُعدّ مستقبل تتولى فيه القارة الدفاع عن نفسها في مواجهة التهديد الروسي مجرد افتراض نظري.

وقال “روبرتو تشينغولاني”؛ الوزير السابق في الحكومة الإيطالية والرئيس التنفيذي الحالي لشركة (ليوناردو)، عملاق الصناعات الدفاعية الأوروبية، في مقابلة مع الشبكة قبل زيارة إلى مقر الشركة شمالي “إيطاليا”: “عاشت أوروبا طوال (80 عامًا) في وضع اعتُبر فيه السلام أمرًا مسّلمًا به، ويبدو أن السلام كان يُقدَّم بالمجان”.

وأضاف: “والآن، فجأة، بعد هجوم أوكرانيا، نُدرك أن السلام لا بُدّ من الدفاع عنه”.

سباق عسكري محموم..

تشهد دول الـ (ناتو) في “أوروبا”؛ سباقًا محمومًا للاستّعداد لمواجهة محتملة مع “روسيا”. وهو سبّاق يُمكن كسبّه: فـ”أوروبا” تمتلك جيوشًا كبيرة ومُكلفة بما يكفي لسّد جزء من الفراغ الذي تُهدّد “واشنطن” بتركه.

لكن جيوش “أوروبا الغربية” بحاجة إلى ضخ جدي للأموال والخبرات لتجهيز نفسها لأسوأ السيناريوهات.

ففي السنوات الأخيرة؛ ضخت “بريطانيا وفرنسا وألمانيا” أموالًا في جيوشها المتقادمة، بعد سنوات من الجمود في الإنفاق خلال منتصف العقد الماضي.

إلا أنه قد تمَّر سنوات عدة قبل أن يظهر تأثير تلك الأموال في الخطوط الأمامية. فقد تراجعت أعداد القوات والتسّليح وجاهزية الجيوش في “أوروبا الغربية”؛ منذ نهاية الحرب الباردة.

وكتب (المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية)، ومقره “لندن”، في مراجعة صريحة لقوات “أوروبا” العام الماضي: “لقد أبرز مستوى الاستنزاف العالي في حرب أوكرانيا بشكلٍ مؤلم؛ النواقص الحالية لدى الدول الأوروبية”.

استعداد الدول الأقرب للحدود الروسية..

وبحسّب التقرير؛ تتحرك الدول الأقرب إلى الحدود الروسية بسرعة أكبر. وقد امتدحت إدارة “ترمب”؛ “بولندا”، كنموذج للاعتماد على الذات.

وقال وزير الدفاع؛ “بيت هيغسيث”، خلال أول اجتماع ثنائي أوروبي في الولاية الثانية لـ”ترمب”: “نرى في بولندا الحليف النموذجي في القارة: مستَّعدة للاستثمار ليس فقط في دفاعها، بل في دفاعنا المشتَّرك ودفاع القارة بأسرها”.

لكن التصعيّد السريع في الإنفاق الدفاعي لـ”بولندا” يعود أكثر إلى توترها التاريخي العميق مع “روسيا”، وليس رغبة في نيل رضا “ترمب”. إذ إن “وارسو” و”واشنطن” تختلفان حول الصراع في “أوكرانيا”، فقد حذّرت “بولندا”؛ “أوروبا”، منذ سنوات من الخطر الروسي، ودعمّت جارتها الأوكرانية بشكلٍ ثابت في مواجهة تقدم قوات “بوتين”.

الوجود العسكري الأميركي في “أوروبا”..

ومنذ نهاية الحرب الباردة؛ تنَّشر “الولايات المتحدة” قواتها في “أوروبا”، وقد ارتفعت أعدادهم منذ الهجوم الروسي الشامل، ليصل عددهم إلى نحو (80) ألف جندي العام الماضي، وفق تقرير لـ”الكونغرس”.

إلا أن هذا العدد لا يزال أقل بكثير مما كان عليه خلال ذروة الحرب الباردة، حين كان يُقيم ما يقُارب نصف مليون جندي أميركي في “أوروبا”.

ولسنوات، كانت السياسة الخارجية الأميركية تؤكد على أهمية هذا الانتشار، ليس فقط لأمن “أوروبا”، بل لأمن “أميركا” نفسها. إذ تؤمّن تلك القوات دفاعًا متقدمًا، وتدَّرب الجيوش الحليفة، وتدَّير الرؤوس النووية.

لكن مستقبل هذا الانتشار لم يُعدّ واضحًا. فقد ناشد قادة “أوروبا” علنًا؛ “واشنطن”، ألا تقلّص وجودها، غير أن “ترمب” و”هيغسيث” ونائب الرئيس؛ “جي. دي. فانس”، أوضحوا جميعًا نيتّهم تعزيز الوجود العسكري الأميركي في “بحر الصين الجنوبي”.

القواعد الأميركية في أوروبا..

توجد معظم القواعد البرية والجوية الأميركية اليوم في “ألمانيا وإيطاليا وبولندا”. وتوفّر هذه القواعد في وسط “أوروبا” ثقلًا مضادًا للتهديد الروسي، بينما تدعم القواعد البحرية والجوية في “تركيا واليونان وإيطاليا” العمليات في الشرق الأوسط.

وتقول مؤسسة (مركز تحليل السياسات الأوروبية) في “واشنطن”؛ إن هذه المواقع: “تُشّكل أساسًا حيويًا لعمليات الـ (ناتو)، وللردع الإقليمي، ولإسقاط القوة على مستوى العالم”.

الردع النووي.. نقطة الضعف الأوروبية !

إلا أن الردع الأهم الذي تملكه “أوروبا” هو الأسلحة النووية.

ففي المراحل الأولى من الحرب الروسية، أثار الرئيس؛ “فلاديمير بوتين”، قلقًا عالميًا متكررًا من خلال تلميحاته باستخدام السلاح النووي. وقد تراجع هذا القلق بعد أن غرقت الحرب في مستَّنقع شرق “أوكرانيا”.

لذا فإن الردع النووي هو مجال تعتمد فيه “أوروبا” بشكلٍ كبير على “الولايات المتحدة”. فـ”بريطانيا وفرنسا” الدولتان الأوروبيتان الوحيدتان اللتان تمتلكان أسلحة نووية لا تملكان سوى نحو عُشر ترسانة “روسيا” مجتمعتين.

أما الترسانة النووية الأميركية فتُعادل تقريبًا نظيرتها الروسية، ويوجد العشرات من تلك الرؤوس النووية الأميركية داخل “أوروبا”. بحسّب التقارير الأميركية والغربية الدعائية المضللة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة