“تسفّل ” الخطاب الطائفي ومستقبل البلاد !

“تسفّل ” الخطاب الطائفي ومستقبل البلاد !

يقول جمال الدين الافغاني ” التسفّل أيسر من الترّفع ” وهي فكرة متحايثة مع الحقيقة الفيزيائية بأن كل محاولة ارتفاع تقاوم الجاذبية الارضية ، فيكون الصعود والارتقاء صعبا فيما الانحدار أو المنحدر يسلّم نفسه لقوة الجاذبية فيكون الانحدار سهلاً !
أسهم التسفّل مرتفعة وترتفع في الكتابات والتصريحات مع الانبثاق المبكر جداً للحملات الانتخابية ليتصدر الخطاب الطائفي المتسفّل واجهة الفضائيات والكتابات لجوقة من النكرات من محترفي التسفّل الأرخص والأسهل لدغدغة المشاعر السفلية لجمهور يفتقر الى الوعي ، والأكثر تحديدا حتى بعضا من الجمهور النخبوي وهو يتلقف تلك السموم التي تحرث في سرديات الماضي لاحباً بالمذهب ولا بالمكوّن بل تسفيلاً لهما معاً ، فالماضي لشريحة واسعة من الجمهور أقوى لديها من الحاضر .
خطابات تسافلية موجهة لجمهور عادة مايتبنى الافكار الطائفية دفعة واحدة ، افكاراً لاتحتمل النقاش ولا المعارضة خاضعة لسلطة فردية ” اسطورية ” أو مؤسساتية دينية ضيقة يرفعها الخطاب الى مستوى التقديس للتحشيد الجماهيري في طرق كلّها تودي الى اللامستقبل !
خطابات منتجوها الاحزاب الاسلاموية فطبيعتها وبنيتها الايديولوجية طائفية ، فالحزب الاسلامي سنّي وحزب الدعوة شيعي والاثنان يدخلان الاننتخابات بخطاب طائفي مقيت وان كان عنوانه الوطنية العامة ، وفي خارج هذا المستنقع الطائفي لاوجود لهما ، ففكرة الطائفية تنمو وتترعرع وتؤثر وتستقطب في فضاءات جمهور غير واع جمهور يقيني جاهل منوّم مغناطيسياً بفكرة الخلاص التي لن تأتي ابداً ..الخلاص من جحيم الحاضر ولكن الى أين ..؟
الى كهوف الماضي حيث الطمأنينة الروحية المخادعة !

خطاب التسافل الطائفي خطابا تافهاً ومدمراً للدولة الوطنية الى الحد الذي يطلق فيه احد التافهين سمومه الطائفية بالقول ، ان السنّة قتلة وتافه آخر يختصر العملية السياسية بأحقية حكم الشيعة فقط تحت شعار الاغلبية الطائفية وهو شعار مناقض لأهداف الديمقراطية..
خطورة الخطاب الطائفي إنه يمهّد ويهيء الارضية الخصبة لتقسيم البلاد بتقبل فكرة الاقليم السني والدولة الشيعة والطموح الكردي وهو تقسيم لن يحدث الا بعد حرب أهلية ، فهل يدرك تفهة هذا الخطاب الى أين يودي خطابهم ؟
في فلم ” الكيف ” الذي انتج عام 1985 يطلب محمود عبد العزيز من شاعر يكتب الاغاني للمطربين ان يكتب له نصا غنائيا ، كتب الشاعر نصا جاداً رفضه المغني قائلا ” الناس لاتريد ذلك ” طالباً منه نصاً قصيراً واضحاً محددا وتافها ملخصاً مطلبه ” أريد كلمات تافهة سيدي” !!
الاتكاء على مايطلبه الجمهور مخادعة لحظوية انتهازية لاستثمار اللاوعي بفعل التحشيد الطائفي الذي يغرق الجميع ويسقط سقف هذي البلاد على رؤوس الجميع ….كل الجميع !!

 

أحدث المقالات

أحدث المقالات