معركة الأفكار الجاهلة

معركة الأفكار الجاهلة

في عالم يغلي بالأحداث وتأتينا أخباره الساخنة محملة باخبار غير دقيقة..
من هنا وهناك، تجد الأخبار تصل إليك مسرعة تتحدث عن الصراعات، لكنها تحاول أن تجد لمحركاتها هذه بُعدًا آخر بعيدًا عن السيوف والمدافع، لأن هذه المعركة هي معركة خطيرة تدور رحاها في عقولنا وفي ضمائرنا. معركة أسميتها معركة الأفكار الجاهلة، وهي الحرب الصامتة لكنها تدمر العقول قبل الأجساد. سلاحها الكلمة غير الموزونة والادعاء بدون معرفة وإبداء الرأي بدون أي دليل وبدون أي نور للفهم.
في هذه المعركة يتصارع الخير مع الشر من خلال تسارع الأفكار الجاهلة كالأشباح العمياء، نرفعها بعضنا بوجه بعض دون أي إدراك للمسؤولية أو مصداقية في القول، ينقلها لنا ناس آخرون يحاولون أن يقنعونا بأنها حقائق مقدسة، ويا لسخرية القدر، فالقداسة أصبحت لدينا مجرد أخبار زائفة وكلمات يصنعها المشعوذون والدجالون والمنافقون والكذابون.
يزرعون بيننا سوء الظن وبذرة التفرقة من خلال الطائفية والعنصرية، ويعتبرون أنفسهم منتصرين عندما يشاهدون أن جهالتهم قد انتصرت على ثقافة المجتمع.
هنا سوف يعلو ذلك الصوت المخيف، صوت الجدل العقيم، ويكون فوقه كلمات العقل والحكمة.
نعم، إنها معركة غذاؤها الغرور والتعنت الفكري وحب الأنا والظهور في المجتمع في الاتجاه المعاكس. إن أسهل شيء اليوم في حياتنا هذه أن نتكلم بآراء سمعناها دون أن نبحث عن حقيقتها، ومن المعيب حقًا أن يناقش البعض فيها ليعتبروا أنفسهم أنهم قد وصلوا إلى نشوة الانتصار، وفي الحقيقة أنهم في أضعف لحظة عرفتها البشرية، لحظة الجهل والخرافات وزرع الفتنة، لحظة الأفكار الجاهلة.
إننا جميعًا اليوم مطالبون بأن نخوض غمار هذه المعركة في أفكار صحيحة حتى نصل مع عقارب النجاة وننهي تلك المعارك مع تلك الأفكار التي كانت أسلحتها تعتمد على كل شيء مضاد للعلم وكل شيء بعيد عن الفكر.
ما أجمل أن يصدق الإنسان مع نفسه حتى يصدق الآخرين…
إننا أيها الإخوة جميعًا اليوم نخوض هذه المعركة والتي لن تتوقف عن محاربتنا ما دمنا نكتب بهذا القلم هذه الكلمات التي سوف تتحول في لحظة ما إلى السيف المنتصر، وسوف تكون شمعة تضيء الدرب وتنشر بذور الخير، وأن نحاول بكل ما أوتينا من قوة أن نعرف كيف نجرد هؤلاء من المفاهيم الخاطئة الموجودة في أدمغتهم والتي باتوا يصدقونها مثلما يصدقون خيالهم، وباتت الحقيقة لديهم شيء مبهم وبعيد بعيد جدًا.

أحدث المقالات

أحدث المقالات