الجميع يشدّ الحزام إلاّ العراق

الجميع يشدّ الحزام إلاّ العراق

مع وصول ترامب إلى السلطة بدأت ملامح الأزمات العالمية تلوح في الأفق وفي مقدمتها الأزمات الاقتصادية، كيف لا وترامب جاء إلى البيت الأبيض حاملاً رؤية جديدة لإدارة الملفات العالمية عموماً والاقتصاد خصوصاً.

القصة بدأت من مطالبات ترامب لعدد من الدول بدفع مبالغ للولايات المتحدة مقابل ما تقدمه الأخيرة لتلك الدول من خدمات أمنيّة، لتندفع بعدها الدول في طابور طويل تحاول من خلاله إرضاء الإدارة الأمريكية الجديدة بضخ مبالغ مالية -نقداً- في الاقتصاد الأمريكي بغض النظر عن الصيغة التي دفعت فيها تلك المبالغ.

تبع المطالبات الأمريكية إعلانها الخطة الجديدة للرسوم الكمركية على السلع والبضائع الواردة إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتثار بذلك موجة اضطراب مادي ومعنوي على مستوى الاقتصاد العالمي نتيجة المساس بالعلاقة التجارية الرابطة بين الولايات المتحدة والدول الأخرى لاسيما الصين التي تجد في السوق الأمريكي المساحة الأهم لبيع منتجاتها عالمياً.

هذا الواقع الاقتصادي إنعكس على أسعار النفط، إذ بدأ سوق النفط تأرجحه وباتت أسعار النفط مع مؤشرات تباطؤ الاقتصاد العالمي تتجه إلى التراجع.. وفي سياقه الاقتصاد العراقي بكل تأكيد لاسيما ونحن نعيش اقتصاداً أحادي يقوم على النفط بنسبة 95% من موارده كما أنه يتسم بريعية مخيفة.

بجانب ذلك لازال قانون موازنة العام الحالي لم يقر إلى الآن على الرغم من اقترابنا من منتصف العام لعدة أسباب أغربها أن الحكومة لم تبعث بجداول الموازنة إلى مجلس النواب إلى الآن..!!!

زاد على ذلك تأخّر الحكومة في تحويل أموال بيع النفط العراقي من الدولار إلى الدينار بسبب عقوبات البنك الفيدرالي الأمريكي.

هذا السبب وسابقه أدخل الحكومة العراقية تدخل في أزمة سيولة مالية حقيقية لتوفير رواتب موظفي القطاع العام والتي لم تعد الواردات النفطية قادرة على سدادها. ولما لم تجد الحكومة حلاً لأزمتها المالية عادت إلى أسلوب الاقتراض الداخلي من المصارف الحكومية بعد أن كانت تفاخر طيلة العام الماضي أنها باتت تقترب من سد الدين الخارجي، ليرتفع الدين الداخلي مجدداً.

وانتهى الأمر الشهر الماضي أن الحكومة اتجهت للاقتراض من صندوق الأمانات الضريبية التي لا تعد “إيراداً” نهائياً للدولة، ليثير الموضوع جلبة اقتصادية سياسية كونه بات يؤشّر لعلامات مخيفة للواقع الاقتصادي.

هذا الواقع المالي المرتبك مرتبط هو الآخر بالواقع السياسي الذي من المنتظر أن يشهد أنتخابات نيابية نهاية العام الجاري والتي قد تكون عملية بالغة التعقيد والتداخل.

وبالعودة لما كانت الحكومة قد أعلنته من خطط وبرامج لم نرَ منها إلاّ مجسرات وطرق فيما تزداد هشاشة البناء الاقتصادي الداخلي بشكل ينذر بأزمة خانقة لم نجد الحكومة تتعامل معها وفق ما يتناسب وحجمها، فلا خلية لإدارة الأزمة ولا مؤتمر لإقتراح الحلول.. فيما العالم من حولنا أجمعه يشد الحزام.