شراكة الأقوياء , والفريق القوي المنسجم , شعارات اطلقها السيد عمار الحكيم رئيس كتلة المواطن التي حصدت 31 مقعدا في الانتخابات البرلمانية الحالية , في مناسبات ولقائات متعددة , والسيد الحكيم له موقف من الشعار الذي يتبّناه ائتلاف رئيس الوزراء نوري المالكي بإقامة حكومة الأغلبية السياسية , ويرى إنّ هذه الأغلبية حتى وإن تحققت فإنها ستكون غير قادرة على قيام حكومة قوية منسجمة قادرة على تحقيق الأمن للمجتمع وتقدّم الخدمات وتحقق الاستقرار والانسجام بين مكوّنات الشعب العراقي , ويرى كذلك أنّ طبيعة المجتمع العراقي تفرض أن تكون جميع الكتل السياسية مشراكة في الحكومة , فشراكة الأقوياء التي يعنيها السيد الحكيم هي العودة للمحاصصات الطائفية والقومية , وهو عندما طالب بهذه الشراكة لم يوّضح من هم هؤلاء الأقوياء المعنيين بهذه الشراكة , وما هي الأسس والقواعد التي ستبنى عليها هذه الشراكة , فهو قد ترك هذا الأمر عائما من دون أي تحديد , وها هو يدعو مرة أخرى إلى الفريق القوي المنسجم , وأيضا لم يحدد من هم هؤلاء الأقوياء المعنيين بهذا الخطاب والذين يعوّل عليهم في تشكيل هذا الفريق القوي , فهو قد ترك الأمر عائما مرة أخرى دون اي توضيح .
فمن خلال متابعني المستمرّة لخطابات وتصريحات السيد عمار الحكيم , يبدو لي أنّ الرجل مهووس بالمصطلحات البرّاقة والرّنانة , فهو على ما يبدو يريد من وسائل الإعلام والفضائيات والكتّاب أن يتحدثوا عن إضافاته الفكرية والسياسية , وكأنّ لسان حاله يقول إنني قد وصلت لرئاسة المجلس الاعلى باستحقاق وليس بالتوريث كما يدّعي البعض , وإنني لا أقل شأنا عن كبار الساسة وعلماء السياسة في الوطن العربي والعالم , وربّما يعتقد سماحته إنّ مصطلحاته السياسية يجب أن تدرّس في كبريات جامعات العالم وأكاديميات العلوم السياسية , وانا واثق إنّ انصار السيد عمار الحكيم سيهاجمونني ويتهمونني بأنني متحامل عليه لصالح رئيس الوزراء نوري المالكي , لكنّي أؤكد للجميع لو كان المالكي هو من أطلق هذه الشعارات لاعترضت عليه بشكل أكبر وأقسى .
وأقول للسيد عمار بكل محبة , سيدي وابن سيدي , إنّ شراكة الأقوياء التي تدعوا لها وحكومة الفريق القوي المنسجم , لن يتحققا إلا من خلال حكومة الأغلبية السياسية , نعم أنا اتفق معك أن حكومة الأغلبية المنبثقة عن مئتي مقعد هي غير المنبثقة عن مئة وخمسة وستون مقعدا , وما تدعو له هو دعوّة مبطّنة للعودة لحكومات المحاصصات الطائفية والقومية التي دمرّت بلدنا , وإلا كيف سيحصل هذا الانسجام والتوافق بين مسعود وأسامة وأياد علاوي من جهة ونوري المالكي من جهة أخرى ؟ , والخلافات بينهم قد وصلت إلى مديات خطيرة تهدد الوحدة الوطنية بخطر تقسيم وتفتيت الوطن , وهل تعتقد يا سماحة السيد عمار أن الخلافات بين بغداد وأربيل هي خلافات شخصية بين مسعود ونوري المالكي ؟ و يمكن حلّها بلقاء أو بتصالح ؟ أم هي خلافات تتعلق بتجاوزات خطيرة على السيادة الوطنية والدستور العراقي ترّتبت عليها آثار تهدد الوحدة الوطنية بالتقسيم ؟ فمن المؤكد أنّ حالة الانسجام بين بغداد وأربيل لا يمكن أن تتحقق مع هذا التجاوز الحاصل على السيادة الوطنية والدستور العراقي , ولا يوجد في الأفق ما يشير إلى تراجع حكومة الإقليم عن منهجها وسياساتها التي أصبحت معادية لسياسات الحكومة الاتحادية , فكيف سيكون هذا الانسجام ممكنا في ظل هذه الخلافات المستعصية ؟ .
سماحة السيد عمار الحكيم .. أنّ الظرف الذي يمر به بلدنا خطير وعصيب للغاية , ويتطلب من الجميع موقف ورؤية عملية ومنطقية للواقع السياسي على الأرض , فلا مجال بعد اليوم لتكرار تجارب الحكومات السابقة , والتحالف الوطني الجديد الذي تدعو لتشكيله , لن يكون ممكنا في ظل الدعوات التي تريد القفز والتجاوز على الاستحقاق الانتخابي , فالذي يملك 95 مقعدا غير الذي يملك 34 مقعدا أو 31 , والإصرار على تجاوز الاستحقاق الانتخابي يعني بالحرف الواحد التجاوز على الاستحقاق الوطني , فالتحالف الذي لا يأخذ بنظر الاعتبار خيار الشعب , لن يكون تحالفا وطنيا حقيقيا , في الختام سماحة السيد عمار الحكيم , أطالبك كما في كل مرّة أن تتوكل على الله سبحانه وتعالى وتضع يدك بيد نوري المالكي وتمضون قدما في تحقيق وتنفيذ رغبة الشعب العراقي في حكومة الأغلبية السياسية .