23 ديسمبر، 2024 9:06 م

وماذا لو لم يحصل التغيير ؟

وماذا لو لم يحصل التغيير ؟

التغيير مطلب شعبي . لغة الارقام تؤكد هذه الحقيقة ، فالمقاعد البضع والتسعون لدولة القانون يقابلها اكثر من مئتي مقعد معارض تمثل جمهورا لامس في رفضه للولاية الثالثة خط العداء . الأهم ،  للذين يتبنون شعار التغيير ، ان تشهد المرحلة القادمة قطعا مع سابقتها ، لافي الوجوه بل والمناهج ايضا . ملامح الخطر ان بعض الذين تغنوا بالتغيير إستقطابا لأصوات الناقمين ، تنعقد السنتهم اليوم أملا بالسلطة وفسادها المحمي ، وأقصر الطرق وأسهلها هو إحياء الإصطفاف الطائفي ، ماقد ينسف كل الجهود والآمال لترميم المنظومة الوطنية التي فككها الاحتلال والقوى المالئة لفراغه .
قد تشهد الإرادة الشعبية  للتغيير طلاقا مع مواقف ممثليها في مجلس النواب . يستطيع هؤلاء سوق الحجج ، كالإيهام بحق الوصاية على الجماهير القاصرة خلافا للعقد مع الناخبين ، أو تبرير الوصول الى السلطة بقدرتها دون غيرها على خدمة المصالح العامة . تسليم الجماهير المحبطة بالواقع الجديد يمنح التبريريين وقتا كافيا لاعادة ترتيب اوراقهم في لعبة إعتمد نجاحها ، حتى الان ، على الخداع .
لهاث اغلب سياسيينا وراء السلطة حقيقة مخجلة حتى لو تزينت بمساحيق التجميل التي يصنعها اعلام مأجور بمال فاسد . جل هؤلاء يحتمون خلف متاريس المال المنهوب ، فالفساد في بلد يعوم على بحيرة من النفط  قادر على فعل الكثير عندما يُكسِبُ السلطة انيابا ومخالب حادة تقمع بها المعارضين ، وتألب الراي العام عليهم ، مرة بشراء الذمم ، وأخرى بالتزييف المصنوع في ماكنة الاعلام الرسمية .
وفق هذه المعطيات تبدو عملية التغيير مترنحة ، مايُعقّد مهمة التيار المدني وقواه السياسية حصرا ، وعلى رأسهم الدكتور اياد علاوي زعيم التيار المدني ، فقوى الطائفية السياسية اعتادت نزع جلدها تبعا لبيئة وجودها . صحيح  ان الانتظام في صف المعارضة لاينبغي ان يكون خيارا اولا للتيار السياسي المدني اذا مانجح في فرض رؤيته بدرجة مقبولة على طبيعة النظام السياسي وادارة الدولة ومأسستها ، فذلك استحقاق لا منة من أحد ، لكن المخاوف من إعادة تهميش دور المعارضة أوحتى تصفيتها في المرحلة القادمة ينبغي الا يعدم خياراتها في ممارسة هذا الدور تحت قبة البرلمان ، او انتهاج المقاومة السلمية العامة .
ثقافة السلطة والطبقة السياسية في العراق ، وإستنادا الى الشواهد السابقة ، تجعل الحوارات والتفاهمات وحتى الاتفاقات غير مأمونة الجوانب أو العواقب ، والتأسيس لواقع مختلف يتطلب استحضار هذه المحاذير لتجنب الوقوع في مطباتها وتجنيب البلاد رحلة جديدة خاسرة .