خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
لطالما كانت سياسة “دونالد ترمب” الخارجية بالشرق الأوسط، والقرارات غير المتوقعة، مصدرًا للنقاشات الدولية.
ويدعي الموقع الإخباري؛ (الدبلوماسية الحديثة)، أن بدء المفاوضات مع “إيران” هو أحد أهم إجراءاته؛ وهي خطوة غير مسبّوقة ومفاجئة تفتح آفاقًا جديدة في العلاقات “الأميركية-الإيرانية”؛ وكذلك بين دول المنطقة. بحسب تقرير صحيفة (آرمان ملي) الإيرانية.
وهذه المفاوضات التي تجري بين “واشنطن” و”طهران” بعد سنوات من التوتر، لا يمكن أن تُعيّد فقط تعريق العلاقات الثنائية بين البلدين، وإنما تُمثّل فرصة تاريخية للدول العربية أعضاء “مجلس التعاون الخليجي”.
ترحيب بالاتفاق المحتمل..
الدول العربية؛ وبخاصة الأطراف الفاعلية في منطقة الخليج، تواجه حاليًا لحظة استراتيجية؛ حيث يستطيعون من جهة الاستفادة من هذه الفرصة في تسّريع وتيرة الحد من التوترات وتحسيّن العلاقات مع “إيران”، وعليهم من جهة أخرى المقاومة ضد الإجراءات التحريضية الإسرائيلية التي كانت باستمرار سببًا في اشعال الأزمات الإقليمية.
وهذه المفاوضات قد تتحول إلى أداة حيوية لاحتواء سلوكيات “إسرائيل” الهجومية؛ التي كانت مصدر مزمن لإثارة للفوضى.
وأخيرًا، فالمفاوضات مع “إيران” قد تدعم وتقوي الاستقرار الجيوسياسي والجيواقتصادي في منطقة الشرق الأوسط، وتمكيّن الدول العربية من متابعة الدبلوماسية الإقليمية بشكلٍ أكثر فعالية والحفاظ على مصالحها الاقتصادية والسياسية والأمنية من أي تهديد محتمل.
وذلك منعطف حيوي وعلى دول الخليج الاستفادة منه، والقيام بدور أكثر فعالية في بلورة مستقبل المنطقة.
في هذه الأثناء، قد تُمثّل رغبة “دونالد ترمب” للتفاوض مع “إيران”؛ منعطفًا في ديناميكيات المنطقة. وهذه الخطوة لا ينبغي أن تُثيّر قلق دول الخليج العربي؛ بل يجب أن يُنظر إليه كفرصة لتعزيز الدبلوماسية مع “إيران” وتخفيف التوترات المزمنة في المنطقة.
وقد أثرت عقود من الخصومة بين “إيران” وعدد من الدول العربية؛ (بداية من الحروب في اليمن والعراق وحتى لبنان)، سلبًا على المنطقة، فضلًا عن التكلفة البشرية والاقتصادية الباهظة.
مع هذا فقد عكست التطورات الأخيرة التحول باتجاه الدبلوماسية. والمفاوضات المحتملة بين “الولايات المتحدة الأميركية” و”إيران” قد تقوي هذا المسّار، وتحد من الضغوط الدولية على “طهران”، وتهيئة أجواء المفاوضات الإقليمية.
وبمقدور الدول العربية الاستفادة من هذه الفرصة في تعزيز المفاوضات حول قضايا رئيسة مثل أمن الخليج، وإنهاء “حرب اليمن”، وإنشاء آليات للتعاون الاقتصادي.
هذا التوجه لن يرفع فقط عبء المواجهة المباشرة عن كاهل الدول العربية، وإنما خفض احتمالات التورط في صراعات مزعومة بالوكالة، ويُمهدّ الطريق لاستقرار طويل الأمد.
على سبيل المثال؛ فالاتفاق الذي يُقيّد البرنامج النووي الإيراني، قد يُقلل من مخاوف دول الخليج الأمنية، ويمنحها إمكانية تركيز انتباها على التنمية الاقتصادية والمشاريع الجيواقتصادية، بدلًا من الردع العسكري.
وفي هذا الإطار، تستطيع دول الوساطة الإقليمية مثل “عُمان وقطر”؛ (صاحبة الباع الطويل في تسهيل المفاوضات)، القيام بدور حيوي في تقوية هذه الدبلوماسية.
ويتعين على الدول العربية احتضان هذه الفرصة، والمشاركة بشكلٍ فعال في مفاوضات موازية مع “إيران”، للاستفادة من مكاسب الاستقرار الإقليمي.
اقتصاد العرب..
من وجهة نظر الدول العربية؛ يُمثّل هذا التغييّر فرصة لتعزيز مبادرات بناء الثقة التي تُلزم الدول غير العربية بمباديء الاستقرار الإقليمي.
على سبيل المثال، خفض مستوى التوترات مع “إيران” قد يضمن أمن المسّارات التجارية الرئيسة في الخليج و”مضيق هرمز”؛ (تلك المسّارات الحيوية بالنسبة لاقتصاديات الدول المصدرة للطاقة كالسعودية والإمارات).
وقد تتعرض المشاريع الكبرى مثل “رؤية السعودية 2030″، أو برامج البُنية التحتية الإماراتية، المرتبطة بالاستثمارات الأجنبية والتنوع الاقتصادي، للخطر بشكلٍ كبير حال اندلاع صراع مع “إيران” أو استفزاز من جانب “إسرائيل”.
وقد تحد المفاوضات “الأميركية-الإيرانية” من هذا الخطر، وتمنح الدول العربية إمكانية تنمية اقتصاداتها بمزيد من الثقة.
علاوة على ذلك؛ قد يحول احتواء الاستفزازات الإسرائيلية عبر الضغوط الدبلوماسية الدولية، من احتدام الحروب بالوكالة في دول مثل “لبنان والعراق”، ويُعطي الدول العربية فرصة تركيز مصادرها على التنمية والرفاهية الاجتماعية بدلًا من الانفاق العسكري.
وهذا الاتجاه يتطلب تنسيّق بين دول الخليج، ودعم المجتمع الدولي بحيث تنحو المنطقة باتجاه التعاون بدلًا من الوقوف على شفير الحرب.
والشرق الأوسط على مشارف تحول عميق ولا تستطيع الدول العربية الوقوف للمشاهدة بسلبية.