لو نظرنا الى حجم الرفض للفائز الاول بالانتخابات ، ائتلاف دولة القانون وزعيمه نوري المالكي بتولي رئاسة الحكومة المقبلة ، والترسانات الاعلامية العراقية والعربية التي وظفت لهذا الرفض ، لقلنا انه معزول تماما عن الخارطة السياسية العراقية وافضل له ان يأخذ كتلته من الان وان يذهب بها الى البرلمان ليجلس على مقاعد المعارضة للحكومة التي يشكلها التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر والمجلس الاعلى بزعامة عمار الحكيم والكرد بمجمل قوائمهم ومتحدون بزعامة اسامة النجيفي والوطنية بزعامة اياد علاوي وقوائم اخرى سنية وشيعية .
لكن هناك سؤال مفاده : ان الانتخابات انتهت منذ اكثر من شهر والكل متفقون على عدم رئاسة المالكي للحكومة الجديدة ومنهم حلفائه في التحالف الوطني ، لماذا هؤلاء لم يشكلوا الحكومة لحد الان ؟
جوابه سيكون على احتمالين :
الاول : ان هؤلاء صادقون بعزمهم رفض المالكي ، وهم ماضون بتشكيل الحكومة بعيدا عن المالكي وقطعوا اشواطا بعيدة فيها .
الثاني : ان كل هذه التصريحات هي اعلامية فقط وخالية من اي حقيقة .
الاحتمال الاول لا يحتاج الى اجابة انما الى توضيح ، بان هؤلاء الرافضين لو كانوا فعلا متفقين على رفض المالكي لكانوا شكلوا الحكومة منذ اول يوم من اعلان نتائج الانتخابات ، لكنهم عاجزين لحد الان على تشكيلها ، وفي هذه الحالة يسقط هذا الاحتمال جملة وتفصيلا .
اما الاحتمال الثاني فهو المرجح ، بان كل ما يقال ويعلن عبر الاعلام هو مجرد رسائل اعلامية لا تتطابق مع الحقيقية المرة لمنافسي المالكي و(الحلوة) لمحبيه لعدة اشارات ، منها تهاوي الكتل وتساقطها امام صلابة وقوة كتلة المالكي مثل كتلة متحدون التي تركت زعيمها النجيفي وحيدا فريدا مع اربعة نواب فقط ، وكذلك البوادر الاولية للانشقاقات في القائمة الوطنية التي يتزعمها علاوي .
اما الكرد ، مع كل الموقف المتصلبة وتلويحاتهم الانفصالية فهم سوف يلهثون وراء المالكي في اقل اشارة منه لتسوية موضوعهم والجلوس معه ودعمه في رئاسته للحكومة المقبلة .
اما الرافضين في داخل الائتلاف الشيعي ، وهما المجلس الاعلى والتيار الصدري ، فهما لا يستطيعا بالمرة الاستغناء عن المالكي وتقديم مرشح اخر لرئاسة الوزراء لان الامتيازات التي سيحصلان عليها في وزارة يشكلها المالكي هي اكبر من وزارة (الاحلام) التي يريدان تشكيلها مع القوائم السنية والكردية .
اما التصريحات التي يطلقانها فهي ليست اكثر من مجرد رسائل يحاولان ايصالها للمالكي يعلمانه خلالها بوجودهما ومحاولة كسب اكثر عدد من الامتيازات في حكومته المقبلة .
ان المالكي استطاع ان يفكك كل هذه القوائم لسبب بسيط ، هو ان كل مقاليد الامور اصبحت بيده كونه هو الطرف الوحيد بين كل الكتل السياسية حتى لو اجتمعت جاهز لتشكيل الحكومة ونقطة لاستقطاب اكبر عدد من النواب داخل القوائم المنافسة والرافضة له ، وفعلا فانه حسب المعلومات المتوفرة فان هناك اعضاء كثر في كل القوائم هي التي فتحت الحوارات مع المالكي وطلبت منه ان يساهموا بتشكيل حكومة هو من يرأسها.
وهناك امر اخر يتمثل بالرغبة الدولية والاقليمية برئاسة المالكي ، كونه الشخصية الوحيدة في العراق استطاع ان يصنع التوازن في علاقة العراق مع امريكا وايران رغم العداء المتبادل بين هاتين الدولتين .
لذا على جميع هذه الكتل بمجملها ان لا تضحك على عقول الناس ، وان لا تضحك على نفسها لان البقاء في معارضة المالكي يعني بانها سوف (تفلس) ولا تحصل شيء من الحكومة المقبلة .