“رجب الشيخ”.. تنوع إبداعه وبرع في الشعر

“رجب الشيخ”.. تنوع إبداعه وبرع في الشعر

خاص: إعداد- سماح عادل

“رجب عبد الرضا الساعدي” كاتب وأديب وشاعر عراقي.

التعريف به..

ولد في بغداد عام 1954، عضو اتحاد الأدباء والكتاب في العراق، المدير المفوض لمؤسسة قلم الثقافية، نائب رئيس مؤسسة تجديد الأدبية، رئيس تجمع الشيخ الثقافي، عضو اتحاد الصحفيين العراقيين. محاضر تنمية بشرية، حائز على شهادة دكتوراه فخرية بالرقم 103 لسنة 2017 من معهد التاريخ للعلماء والمؤرخين من جامعة اوزبكستان . حاصل على درع الإبداع وزارة الثقافة 2014 ودرع الإبداع من اتحاد الصحفيين العراقيين.

مؤلفاته:

– “غوايتك لها أثر” 2015.

– “نهارات مؤجلة” 2016.

– “الماء …..” 2017.

في محراب العشق..

في مقالة بعنوان (قراءة في نص الشاعر العراقي رجب الشيخ -أُنْثَى فِي مِحْرَابِ الْعِشْقِ) كتبت “فاطمة شاوتي”: “أنثى في محراب العشق…هروب من جحيم الأسئلة التافهة… حين تقرأ نصا، يتحول إلى نص للكتابة؛ وفق ما يتركه من انطباعات داخلك، وبفعل قوة انسيابه فيك، أثناء تعريته بفعل استنطاقك، أوعريه التلقائي..مهمة تفرض أسئلة حول علاقة القارئة بالشفرات المعطاة في تجليات النص فيلولوجيا، وإستيتيقيا بصوره وانزياحاته، وإحالاته المُبَطّنَة. وعلاقة النص عينِه بذاته من خلال تيمة المعالجة.

فهل للقراءة طعم نصوص تخلف أثرا، يدمر النص دون محوه من تعاطي القارئة معه… ؟

القراءة فعل تجلٍّ للنص في مستويات التأويل والتفكيك، تلك العملية التي تجعل النص جزيئات قابلة للفهم واللاّفهم، الكشف والاختفاء، قابلة للكتابة مرات وللمحو كفعل مواز للكتابة والقراءة كنتيجتين متلازمتين ،كل منهما تؤدي للثانية.. بهدف تحقيق الغاية المتوخاة التي يمنحها النص في عمليتي التجلي والتخفي…

هي القبض على عتبات متعددة لتِيمَة النص، تجعل نفس النص؛ يستنطقك في مقاربة إستيتيكية، لنص الشاعر رجب الشيخ…

“أنثى في محراب العشق”

تلك فاتنتي قلب للعنوان يعلن أن القراءة هي الخيانة العظمى إما ان يربح رهان الفوز، وإما أن تهوي به فالقراءة والكتابة فعلان متوازيان متلازمان قد يتقاطعان؛ وفي تقاطعهما يصلان إلى التقارب أوالتباعد، ذلك تحدي القراءة، باعتبارها خيانة داخل /خارج النص تفضّ أسراره، يمنحك أسراره عبر بنيته اللغوية، التي تقتحمك..

في هذا الإطار يقدم نص تجليات هذا الفعل… من خلال مطلعه بكلمة نرجسة ككناية عن الأنا /النرجس بالدلالة الشعرية بواسطة عملية تحويل لمعطى طبيعي “زهرة” إلى معطى إجتماعي من معطًى أوّلي منحته الطبيعة جمالا وعطرا، إلى متخيل حوّله الشاعر ليعكس به كينونة، اتصفت بحب الذات لدرجة الغلو، ذاك نرجس مؤنث بتائه في آخر الكلمة، لكنه يجعل المكان والمكان محمول عاطفي يحيل للقلب الذي ملأه الشغف”…

وتؤكد: “أنه بوح بعمق جرح يقتات على حلم، يسيل داخل قلب الشاعر أو عاشه واقعا، ليملك حق استمراره لغويا بهذا النص، لكن النص يعكس حبا، يحيا بإحداثيات الغربة بفعل إكراهات ذاتية وربما موضوعية، يدركها النص كانعكاس لذات كاتبه…

وحده الشاعر من خلال اللغة المعتمدة، يفهم لماذا يواجه الحب صعوبات تجعله كمعصية أو خطيئة، يتعذر التصريح بها في مجتمع يرى الحب منكرا ومعصية، متناسيا أنها المعصية اللذيذة التي يعيش الإنسان فرادتها وتوقها بسرية تامة، هروبا من جحيم الأسئلة التافهة…

هو شعور يخلف دمارا شاملا، لكنه الدمار الذي يبني شخصية حب حقيقي، تفرض الأعراف والأخلاق إبقاءه طي الكتمان في أقل تقدير،

إن لم يفرض عليه النسيان…

كان النص بعاطفته وتجربته الخاصة، وشبكته اللغوية وسياقه الوجداني، واستعاراته وثيقة اعتراف يسجلها تاريخ الشاعر الخاص شعريا، هو من يفصح عن مضمون رسائلها..

نص يوضح نوعية علاقتنا بالآخر الكامن فينا، النص الاعتراف الشخصي، رهين بكاتبه يفكك شيفرته وإحداثياته، لكنه يعلن صراحة أن للحب مكانا لا يلتزم بأمكنتنا المرئية، إنه مكان يكشفه الشاعر..

تلك قوة النص ونقاط احتراقه بأن للحب لغة أقوى نعجب بها، تسكننا لكنها تستعصي إلا على كاتبها”…

ذاكرة في عيون غائرة..

في مقالة بعنوان (ارتجافات الوعي في قصيدة – ذاكرة  في عيون غائرة للشاعر العراقي رجب الشيخ)  كتب “غانم عمران المعموري”: ”

ذاكرة .. في عيون .. غائرة”

هناك

خلف محجر العيون هوة عميقة

وجدار مشروخ من قفاه

وباب يقف عليه

حارس ربما لايفقه سر الأشياء

برأس منزوع … ويدين مبتورتين

فوق كتف يتدلى ….

على عنق الخيبة

بسذاجة سراب نائي

تحصد رغبات الصمت ….

تخاف النور خلف

أوتار عارية القسمات

تفوح

في الجانب الأيمن منها

غمغمات ……

تهمس في أذن الريح

تتلعثم فيها الأزهار …

وينام الضوء

ما بين سلالم وكوابيس

ويهمس

حالماً تحت ظل الشرفات.

عند ارتجافات الوعي وعودة اللاشعور بمحفزّ وجدانيّ يبعث صرخة الروح داخل قفص الأسرار والكبْت وعدم البوح بالآلام والمعاناة عندما تتكسر كُل القيود أمام فكرة مرّت بدور النقاء والموهبة النابعة من ضمير حيّ لتتبلّور مصقولةً بمعلوماتية أدبية وفكرية متغذية من شريان الثقافة النقي

لذلك جاءت عنونة القصيدة ” ذاكرة .. في عيون .. غائرة ” بمثابة المرآة العاكسة للكشف عن سيكولوجية الذّات الشاعرة وما يُحيط بها من إرهاصات نفسية وما يُريد أن يطرحه حيث ” تتجلى هنا غاية وقصد يريده الشاعر أو من يقوم بإرسال رسالته إلى المتلقي عبر عملية اتصال لا تحتاج إلى تشفير ؛ بل أنها رسالة إعلامية واضحة المباني والمعاني ,قصد صاحبها إيصالها إلى جمهور خاص أو عام , عبر كلمات قصيدته بما تحمل من إيحاءات وتشبيهات, وصور بلاغية متنوعة بالوصف والتشبيه, ونزف خلجات نفسية عميقة على سطح الورقة”.

تَشع القصيدة حزمة من الأنوار المتوهّجة بصور شعرية مُتشظاةٍ من البؤرة والفكرة الأساسية لتّكون كلٌ منها تيمة فنية هادفة بأسلوب انزياحيّ يمنح المقطع صورة حسيّة بإيقاع موسيقي داخلي يُحرّك ويُّحفز مُخيلة المتلقي للتأمل والتلذذ بتركيبة أحدثه في كيانه هزة وارهاصة نفسية ربما يجد ضالته فيها لتجانس الألفاظ والمعاني مع شريط الذكريات والآلام التي كانت في سُبات فجاء ذلك المقطع الشعري بانزياحاته بمثابة المُنشط والمُهيّج لتلك الذكريات”..

ويضيف: “يمتلك الشاعر قدرة على تشكيل اللفظة فنياً وجمالياً بما يتجاوز إطار المُعتاد والمألوف مما يجعل القارئ يتوقع التشكيل الحديث التجديدي ومنها معانٍ ودلالات وأسلوب جديد يُباغت فيه المتلقي بإثارته عن الصدمة الجمالية ذات الإيقاع الموسيقي الداخلي لذلك فإنه ” يعد الانزياح من أهم المظاهر الأسلوبية التي تميز النصوص الشعرية، وهي تلك النصوص التي يتصرف فيها المبدع عن طريق لغته، وإخراجها من نسقها الأول، ليعيد تركيبها من جديد بما ينسجم ومتطلبات نصه؛ ولابد للمبدع من أن يعي فكرة حصول الانزياح في النص الذي هو بصدد إنتاجه كي يقوم بالتحكم في درجة وقوع انزياحه في النص, من حيث القوة والتأثير، وأن يشعر المتلقي أن هناك مايجذبه إلى هذا النص أو ذاك””..

وفاته..

توفي “رجب عبد الرضا الساعدي”، المعروف أدبيا بـ”رجب الشيخ”، عن عمر ناهز 71 عاما، بعد صراع مع المرض.

وأعلن الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق نبأ وفاته في بيان رسمي، “، ناعياً الفقيد الذي وافته المنية في العاصمة بغداد، بعد مسيرة أدبية حافلة وعطاء ثقافي استمر لعقود.

تأملات كاذبة..

قصيدة  “رجب الشيخ”

الطريق طويل جدا

احمل ما بين كفي قصيدة

أو بعض خبال

من هلوسات شعرٍ

اردد أغنية أجهل صاحبها

حفظتها من زمن بعيد

أدندن مع نفسي

استهوتني كلماتها

ربما تمزق ذلك الوهم الراكض

معي في متاهات الغربة النائية

غرباء نحن هنا

فقراء حد اللعنة

الاتجاهات متشابكة

والسر في ثنايا

مرثية

تلتصق على قراطيس باهتة

كتب متهرئة وبعض قصاصات من

ماض سحيق..

والعمر ما عاد يستهويني

كم  كنت هادئا

حينما تصفعني حرارة الشمس

في تلك الحقبة

امسح ذنوبي

على حائط الاعتراف

بجنون شاعر

غادر حرفه، رغبة الهروب

الشكُ بلا  أسباب

والكلمات مختصرة، حدود الصمت

الفكرة مجنونة

مثل نوايا أرهقها المسير

ناسك اجلس هنا

أو قديس نادم

لا يروق له التأمل في طرقات الندم.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة