إيران تعيد صياغة استراتيجية هيمنتها على العراق وتُحكم قبضتها عبر بوابة الانتخابات البرلمانية القادمة؟

إيران تعيد صياغة استراتيجية هيمنتها على العراق وتُحكم قبضتها عبر بوابة الانتخابات البرلمانية القادمة؟

إيران ليست مجرد جارة، بل لاعب ماكر , وسيستغل حتمآ ودون أي شك أو تأويل الانتخابات البرلمانية لغرس وتثبيت أذرعها في العراق,ومن خلال تمويل أحزاب وتنظيمات موالية سابقة ومستحدثة وكذلك دعم مرشحين يدينون بالولاء لطهران، وتعيد معها صياغة استراتيجيتها الجديدة للهيمنة وتحكم قبضتها بصورة فعالة ومؤثرة اكثر من ذي قبل ، ومستغلة هشاشة النظام السياسي والصراعات لقادة الأحزاب . وفي ظل تراجع نفوذ إيران وفقدانها السيطرة في كل من سوريا ولبنان واليمن، حيث خسرت أذرعها الإقليمية الرئيسية تحت وطأة الصراعات والضغوط الدولية، وبات العراق الملعب الأخير لطهران لإعادة صياغة مشروع هيمنتها المتداعي. وبينما تتردد أصوات قليلة من نواب وسياسيين عراقيين تطالب بسيادة وطنية حقيقية، تُقاوم التدخلات الإيرانية في صلب العمل الحكومي، تبرز خطوة مثيرة للجدل تهدد بقلب الموازين. فقد تقدمت مجموعة من النواب، في تطور ينذر بالخطر، بطلب إلى المحكمة الاتحادية لزيادة عدد أعضاء مجلس النواب من 329 إلى 455 عضوًا، مستندين إلى نتائج التعداد السكاني الأخير الذي سجل 46.1 مليون نسمة. وتحت ستار مبدأ “نائب لكل 100 ألف مواطن” يروج هؤلاء لتبرير قانوني زائف يُظهر ظاهريًا حرصًا على التمثيل الشعبي، لكنه في باطنه مؤامرة لتعميق النفوذ الإيراني.

ولنكن واضحين أكثر , وبما أن هذه الخطوة ليست سوى مسرحية سياسية بائسة تخفي معها أهدافًا خبيثة، لان زيادة عدد (النواب) بهذا الحجم الفلكي ستُنهك خزينة الدولة، حيث ستُهدر مليارات الدنانير على رواتب ومخصصات وامتيازات (نواب) لا يملكون أدنى تأثير إيجابي في تخفيف معاناة المواطن , الذي ما يزال يعاني الأمرين والغارق في الفقر والحرمان والجوع والامراض الذي تفتك به . بل إن الهدف الأخطر يكمن في خلق كتلة (نيابية) تكون موالية بالمطلق لإيران، وتؤمن بدورها بمبدأ “ولاية الفقيه” لتمرير تشريعات وقوانين تخدم مصالح طهران, وهذه القوانين المرتجلة وستُحكم قبضتها على الاقتصاد العراقي، عبر حصر استيراد مختلف البضائع والسلع والمواد والمنتجات الصناعية والغذائية من إيران حصرًا، مع منحها الأولوية المطلقة حتى في غياب البدائل، تاركة العراق رهينة لاحتياجاتها وسوقها والتي بين لنا بعض النواب والاقتصاديين في فترات سابقة وبالأدلة ومن خلال البرامج السياسية الحوارية ضعف المنتج الايراني وعدم مطابقته للمواصفات النوعية حتى في ادنى الحالات ويتم ادخالها بسهولة عبر المنافذ الحدودية لبيعها بأسعار بخسة مما يؤثر معها على المنتج الوطني أو حتى المستورد من مناشيء اجنبية رصينة وبمواصفات ونوعية تكون مطابقة للمعايير التقنية والعلمية.

أن الموازنة بين التأثير الأمريكي والإيراني، فهي مجرد ذريعة يروج لها من قبل بعض النواب الولائيين لتضليل الشعب، بينما الواقع يكشف عن تنازلات حكومية تُسلّم مقاليد البلاد لطهران. إن هذه الخطوة ليست مجرد عبث سياسي، بل خيانة موصوفة تهدد بتحويل العراق إلى ولاية إيرانية فعلية وأن كانت غير معلنة إلى الآن؟ولكن جميع الدلائل والشواهد السابقة توحي الى ان العراق فعلا اصبح حديقة خلفية للنفوذ والهيمنة الايرانية . فليحذر العراقيون لان كل تأخير في مواجهة هذا التلاعب يُقرب البلاد من هاوية التبعية، وكل صمت هو تواطؤ مع من يسعون لنهب ثروات الوطن وسلخ هويته. لان الانتخابات القادمة هي المعركة الأخيرة , إما سيادة وطنية كاملة وغير منقوصة ، أو غرق أبدي في مستنقع الهيمنة الإيرانية!.

في ظل فوضى سياسية متأصلة وشعبٍ يغرق في سبات اللامبالاة، يقف العراق اليوم على مفترق طرق ينتج بوادر كارثة خطيرة قادمة ، حيث تُحيك إيران خيوط هيمنتها الجديدة عبر بوابة الانتخابات البرلمانية القادمة. الحكومة العراقية، بتخبطها المزمن وفسادها المستشري، تُسلّم مفاتيح السيادة على طبق من ذهب لطهران، وبينما الشعب، المغلوب على أمره أو المستسلم لوعود انتخابية زائفة كما جرت بالسابق، يشارك بصمت في مسرحية هزيلة تُديرها أيادٍ خارجية بأدوات داخلية . إنها لحظة المصارحة الحقيقة , إما أن يستفيق العراق من غفلته، أو يتحول إلى مجرد أداة في مشروع إيراني يهدد بابتلاع هويته الثقافية ومستقبله السياسي والاقتصادي . فليحذر العراقيون لان كل صوت انتخابي قد يكون حبل مشنقة لسيادتهم، وكل تقاعس هو طعنة في قلب وطنٍ ما يزال ينزف ويعاني . واستعدوا، فالخطر ليس قادمًا، بل هو هنا، يتربص بكم في كل صندوق اقتراع!.

أن دعم الإيراني الواضح للفصائل الولائية المسلحة من حيث تمول وتسلح وتدرب مثل “عصائب أهل الحق” و”كتائب حزب الله” و”منظمة بدر” والتي تعمل تحت مظلة الحشد الشعبي. هذه الفصائل نفسها نفذت بالسابق هجمات واستهدفت معارضين عراقيين للنفوذ الإيراني أثناء انتفاضة تشرين الخالدة ، ومما يعزز سيطرتها على المشهد الانتخابي وحتى على منظومة الأمن والحماية,ولذا سيكون التأثير على الانتخابات من قبلها مؤثر وفعال حتى وإن لم يظهر إلى العلن وتحالفات انتخابية موالية لها، وضمان تشكيل كتلة نيابية وحكومات تتماشى مع مصالحها وسوف تتخذ من السيطرة الإعلامية لقنوات فضائية داخل العراق معروفة بولائها المطلق نشر دعايتها، وتمول إعلاميين لتشكيل الرأي العام لصالحها، خاصة أثناء فترة الانتخابات لأنها لا تريد ان تفقد اي من تحالف ما يسمى بـ (الإطار التنسيقي) مما يعزز النفوذ الإيراني , ولان فشل الحكومة العراقية والفساد المالي والاداري والتخاذل من قبل القوى السياسية في تحالف ادارة الدولة، تُشكل الشريك الأمثل للمشروع الهيمنة . وبدلاً من حماية السيادة الوطنية، تفتح أبواب البلاد للتدخلات الخارجية عبر صفقات وتحالفات سياسية مشبوهة . إنها ليست مجرد إدارة فاشلة فقط ، بل هي خيانة وطنية موصوفة , لأن استمرار هذا التخاذل يعني تسليم العراق لمن يراه رهانًا في لعبة النفوذ الإقليمي.

سلبية الشعب العراقي تجاه الذهاب والتقاعس الى صناديق الانتخابات وعن لعب دوره الفعال في ايجاد مرشحين حقيقيين يتمتعون بالحس والانتماء الوطني ولان هذا الصمت سيُكلف الوطن هويته وبالمقابل انجراف البعض بسهولة وراء شعارات زائفة، سيشارك كذلك في تمكين هذه الهيمنة الإيرانية. واللامبالاة في اختيار النواب، أو حتى الاستسلام للوعود الانتخابية الفارغة من معناها الحقيقي ، ستجعل من كل مواطن شريكًا في هذا الانهيار. وتحذيرٌ لا يقبل التأويل أو المجاملة فإذا لم يستيقظ الشعب ويتحمل مسؤوليته في صناديق الاقتراع، فسيكون هو الضحية الأولى لوطنٍ يُسلب منه قراره وحريته.

ولأن الانتخابات البرلمانية ستكون كساحة معركة وفرصة أخيرة لاستعادة السيادة العراق الحقيقية المفقودة منذ عام 2003 ولغاية الان , والانتخابات ليست مجرد عملية ديمقراطية فقط كما يصورها البعض، بل ستكون حرب مصيرية على هوية العراق. ولان إيران سوف تراهن على استغلال الفوضى لتثبيت مواليهم في البرلمان القادم ، وبينما لدى المواطن فرصة لقلب الطاولة ويجب على الشعب والقوى الوطنية توحيد الصفوف واختيار ممثلين معرفون بكفائتهم ونزاهتهم ووطنيتهم يدافعون عن العراق أولا وأخيرآ ، لا عن مصالح طهران , وأن أي تقاعس سيُكتب في التاريخ كلحظة سقوط العراق النهائي.

والحلول المطلوبة هي صرخة تكون مدوية لاستيقاظ وطني فعال بعد سبات طويل أو استمرار الغرق في مستنقع الطائفية والمذهبية والتبعية , ولان كل صوت يذهب لمرشح موالٍ لإيران هو خطوة نحو تحويل العراق إلى ولاية إيرانية فعلية ولا مخرج من هذا المأزق سوى ثورة وعي شعبي وحكومة تتحلى بالشجاعة لمواجهة هذه التدخلات ومن خلال فرض قوانين صارمة على تمويل الأحزاب الموالية، وكذلك تفعيل دور الرقابة الشعبية، ومحاسبة قانونية صارمة من خلال القضاء لكل من يثبت ولاؤه للخارج , وإذا لم يتحرك الشعب بكل طاقاته المتاحة له الآن، فسيصبح مجرد ظلٍ لإرادة إيران وهيمنتها ، وسيدفع الجميع وبدون استثناء الثمن غاليًا في المستقبل.

إن العراق اليوم على شفا هاوية، حيث تُحكم إيران قبضتها على مقدراته عبر أذرعها السياسية والاقتصادية والعسكرية، بينما تتخبط حكومة في ظل الصراعات حول من يكون له الهيمنة وشعب مستسلم في دوامة التقاعس. الانتخابات البرلمانية القادمة ليست مجرد موعد انتخابي، بل معركة حاسمة لاستعادة السيادة أو الاستسلام النهائي لمشروع الهيمنة الإيراني. فليكن واضحًا للجميع بأن كل صوت يُمنح لأحزاب موالية لطهران هو خنجر في قلب الوطن، وكل لحظة صمت هي دعوة للخضوع والخنوع . استيقظوا أيها العراقيون من سباتكم الطائفي وصراعاتكم حول الغنائم والمكاسب ، قبل أن يُكتب لكم التاريخ أنكم كنتم شاهدين على زوال بلادكم ، دون أن تحركوا ساكنًا لنصرته !.

[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات