القاضي زهير كاظم عبود كفاحه العلمي ونزاهته في القضاء

القاضي زهير كاظم عبود كفاحه العلمي ونزاهته في القضاء

تسلمت قبل أيام على سبيل الإهداء آخر ما صدرللقاضي زهير كاظم عبود، وهو كتابه (مهنتي قاضي) الصادر عن دار الفرات للثقافة والأعلام في الحلة فيبداية هذا العام، والكتاب يقدم تجربة لكفاح مرير،ومواجهة قاسية مع المصاعب التي تواجه الانسان فيحياته  من  أجل الوصول الى ما تصبو اليه نفسه،ويهفو له فؤاده، في رسم مستقبل وضاء.

 يُعد القاضي زهير كاظم عبود من الشخصيات البارزةفي مجال القضاء العراقي، حيث عُرف بنزاهتهواستقامته وسعيه الدؤوب لتحقيق العدالة. لم يكنطريقه نحو النجاح سهلًا، فقد واجه العديد منالتحديات في سبيل حصوله على الشهادة الجامعيةومن ثم شق طريقه في المجال القضائي. ومن خلالمسيرته الحافلة، قدّم نموذجًا مشرفًا للقاضي النزيهالذي يضع العدل فوق كل اعتبار.

  وُلد زهير كاظم عبود في  مدينة الديوانية وعاش فيبيئة متواضعة، حيث لم تكن الظروف الاقتصاديةوالاجتماعية في صالحه، لكنه ذلك لم يكن عائقًا أمامطموحاته. منذ صغره، أدرك أن العلم هو السلاحالأقوى للنجاح، فحرص على متابعة دراسته رغمالعقبات التي واجهها. عمل في وظائف متعددة لدعمنفسه ماديًا خلال دراسته الجامعية، متحليًا بالإصراروالعزيمة حتى تخرج في كلية القانون، ثم رشح فيالمعهد القضائي لتأهيله للعمل في المحاكم.

 لم يكن حصوله على الشهادة مجرد إنجاز شخصي،بل كان خطوة أساسية في رحلته نحو تحقيق العدالةوخدمة المجتمع. اجتهاده ومثابرته جعلته قدوةللشباب الطامحين في تحقيق أحلامهم رغم الظروفالصعبة.

 بعد تخرجه، طريقه في سلك القضاء، حيث عمل بجدوإخلاص ليكون نموذجًا للقاضي العادل. كانتنزاهته من أبرز صفاته، إذ لم يكن يقبل بأي شكل منأشكال الفساد أو المحسوبية. آمن بأن القضاء يجب أنيكون حصنًا للحق والعدل، فحرص على تطبيقالقوانين بنزاهة تامة بعيدًا عن أي مؤثرات خارجية.

  تميز بأسلوبه الحكيم في إدارة القضايا وإصدارالأحكام، حيث كان يستند إلى الأدلة والحقائق دون أيتحيز. لم يخضع لأي ضغوط سياسية أو اجتماعية، ماجعله يحظى باحترام واسع في الأوساط القانونيةوالشعبية. وكانت قراراته تمثل العدالة الحقيقية، ماجعله رمزًا يُحتذى به في النزاهة القضائية، يضافلذلك لغته القانونية وسلامتها اللغوية في تحريرالقرارات، ما جعلها تمر بانسيابية في محاكم التمييز .

وقد توفرت فيه كافة الصفات التي تؤهله للنجاح فيالسلك القضائي،  ولقد تمتع بمجموعة من الصفاتوالشروط الأساسية، ومن أبرزها:

النزاهة والاستقامة: فهو بعيد عن أي شكل من أشكالالفساد أو المحسوبية، وكان ينظر القضايا بموضوعيةوحذر لتكون أحكامه صائبة غير قابلة للطعن وبعيدةعن التحيز.  

الكفاءة العلمية: كان ملمًا بالقوانين والتشريعات،وقادرًا على تحليل القضايا بشكل دقيق، لما يمتلك منخبرة في هذا المجال بحكم عمله في المحاكم قبلدخوله السلك القضائي، وما يتمتع به من قدرة علىالتحليل والتمحيص في الحوادث الجنائية، لاهتمامهالمسبق بقراءة القصص والروايات البوليسية التيتعنى بالجرائم وطرائق كشفها وكيفية الوصول الىالنتائج الصائبة في كشف الجريمة .

القدرة على اتخاذ القرار: وكان حاسمًا في إصدارالأحكام ومستندًا إلى الأدلة والبراهين، لتكون أحكامهبعيدة عن المطاعن، لاكتمالها من كافة النواحيالقانونية والجنائية .

الصبر والحكمة: وكان يتعامل مع القضايا المختلفة بصبر وحكمة لتجنب أي قرارات متسرعة، لا تكون فيمصلحة الحكم أو فيها ثغرات يمكن الطعن بها، أوالاعتراض عليها .

الحياد والموضوعية: وهو موضوعي في نظرتهللقضايا، وألّا يتأثر بأي اعتبارات شخصية أوخارجية، بل يعتمد القانون فيصلاً في أحكامه،والوقائع طريقاً للحكم، مع مراعاة الجانب الانسانيوظروف المتهم، والابتعاد عن الجمود في تطبيقالقوانين.

التواصل الجيد: ويمتلك القدرة على التواصلبوضوح مع المتقاضين والمحامين، وهو ما يسهم فيتحقيق العدالة بطريقة أكثر فاعلية، ترضي جميعالأطراف لاعتمادها على الوقائع التي لا يمكن دحضهاأو الطعن فيها.

الالتزام بالأخلاقيات المهنية: وكان يتحلى بأخلاقياتعالية تعزز من مكانته واحترامه في المجتمع، معتمداًفي ذلك على خبرته القانونية والتربوية التي أكتسبهابمرور الأعوام بحكم تعامله معها في أطوار مختلفةمن عمله في هذا المجال.

 لكل ما تقدم يعتبر القاضي زهير كاظم عبود مثالًايُحتذى به في المثابرة والنزاهة، حيث أثبت أن العدلليس مجرد وظيفة، بل رسالة سامية تتطلب جهدًاوتفانيًا، ومسيرته تبرز أهمية القيم الأخلاقية والمهنيةفي مجال القضاء، وتشكل مصدر إلهام لكل من يسعىليكون جزءًا من منظومة العدالة الحقيقية، وسيبقىاسمه علامة مضيئة في تاريخ القضاء العراقي، ودليلًاعلى أن النجاح الحقيقي يتحقق بالاجتهاد والنزاهة.

أحدث المقالات

أحدث المقالات