البعد الخفي لحرب الظل الإسرائيلية في انفجارات “ميناء رجائي” يكشف إسرار الصفعة للمباحثات النووية الأمريكية-الإيرانية؟

البعد الخفي لحرب الظل الإسرائيلية في انفجارات “ميناء رجائي” يكشف إسرار الصفعة للمباحثات النووية الأمريكية-الإيرانية؟

على الرغم من نفي بعض المسؤولين الإسرائيليين الذي أعقب حادث الانفجار الذي وقع عصر يوم السبت 26 نيسان 2025 في ميناء رجائي بمدينة بندر عباس , لكن ما يثير الريبة والشك , بأنه لغاية هذه اللحظة لم يصدر تعليق بعد من المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أو حتى مكتب رئيس الوزراء “نتنياهو” حتى عندما سئلا عما إذا كان لهم أي صلة بأي شكل من الأشكال بالانفجار ؟ وهو ما يرجح فرضية أن هذا الحدث لا يخرج عن نطاق صنع عملاء أجهزة الاستخبارات والعمليات الخارجية ” الموساد” وبالأخص بان نفس الميناء البحري قد تعرضت أجهزة الكمبيوتر لهجوم سبراني إلكتروني عام 2020 مما تسبب في حينها باضطرابات كبيرة في المسارات المائية والطرق المؤدية إلى المنشأة , وبالأخص إن هذا الحدث ووقع الانفجار تزامنا مع انطلاق جولة ثالثة من المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة في سلطنة عُمان ,ويعد هذا الميناء والواقع قرب مدينة بندر عباس الساحلية الرئيسية، أكبر ميناء تجاري في إيران، وتمر عبره أكثر من 70% من البضائع الإيرانية.

رغم كل هذا الإنكار المتسرع، إلا أن موجة من الشكوك تتصاعد حاليا ومع ما نشاهده ونتابع عن كثب من خلال انتشار مقاطع فيديو مثيرة للشك من على مختلف منصات التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا , ولان هذه المقاطع، التي تُظهر بدقة اللحظات التي سبقت الانفجار، تثير تساؤلات عميقة حول طبيعة الحادث وأشعلت معها نار الشكوك , التصوير الاحترافي والتوقيت المحسوب لهذه الفيديوهات يوحيان بوجود جهات مُعدة مسبقًا لتوثيق هذا الحدث، وكأنه سيناريو هوليوودي مُعد مسبقًا. من يقف وراء كاميرات العدسات؟ وكيف تم التقاط هذه اللقطات في قلب أحد أكثر الموانئ الإيرانية تحصينًا؟ وقد تكون انها رسالة ضمنية للرأي العام مفادها وتبدو الإجابة واضحة على الأقل للمتابع بان: جهة ما، بقدرات خارقة، ترسل رسالة مخيفة : ” نحن نتربص في كل زاوية، نحن نراقب كل شي، نرصد كل نبضة، ولا أحد خارج مرمى نيراننا ، ولا أحد بمنأى عن قبضتنا ,ويبدو أن هذه العملية، التي استهدفت أحد أكثر الموانئ الإيرانية تحصينًا وحراسة، تكشف عن تحول خطير في مسار “حرب الظل” بين إسرائيل وإيران , ولان هذا الحادث، الذي هز شريان تصدير النفط الإيراني، يكشف عن تصعيد خطير , العملية ليست مجرد ضربة بمتفجرات زرعت بالقرب من الخزانات النفطية أو حتى الحرب السيبرانية، بل إعلان عن حالة حرب نصف علنية، حيث تتحول المواجهات السرية إلى استعراض قوة مُرعب . والموساد، ببصمته المميزة، يبدو وكأنه يتحدى طهران على أرضها، مُظهرًا قدرته على شل أمنها القومي.

وفي تطور جديد يكشف عن القدرات التكنولوجية “الموساد” وعن نجاح في اختراق شبكات الإنترنت والكمبيوترات التي تتحكم بعمليات شحن النفط في ميناء رجائي، أحد أهم الموانئ الإيرانية على الخليج العربي. هذا الاختراق، الذي نصفه بأنه “عملية دقيقة ومعقدة” تزامن مع انفجار مدوٍّ هزّ جزءًا من رصيف الميناء، مما أثار موجة من التساؤلات حول الأبعاد الحقيقية لهذا الحادث وتداعياته على الأمن القومي الإيراني. ولان استهدف الموساد أنظمة الحوسبة التي تدير عمليات الشحن والتفريغ في ميناء الشهيد رجائي، مما تسبب في خلل كبير في سلسلة التوريد النفطية. الحادث، الذي وقع في وقت مبكر من عصرا يوم غامض، أدى إلى انفجار محدود في منطقة الرصيف، حيث تضررت بعض البنية التحتية مع حدوث خسائر بشرية مئات من الجرحى والضحايا . وأن العملية الإلكترونية شملت زرع برمجيات خبيثة أعاقت التحكم الآلي في المعدات، مما مهد الطريق للانفجار كجزء من استراتيجية “الفوضى المنظمة” التي يتقنها الموساد.وإلى أنها تأتي كرد فعل على محاولات إيرانية سابقة لاختراق أنظمة إسرائيلية حساسة، بما في ذلك شبكات توزيع المياه وحالة الإنكار الحالية لدى الحكومة الإسرائيلية لا تعفيها من مشاركتها اللوجستي ومن خلال عملائها لأن هناك سوابق تاريخية قد حدثت وأنكرتها في وقتها ولكن مع مرور الزمن اعترفت بأنها من العمليات الجريئة وليس هذا الاختراق الأول الذي يُنسب إلى الموساد داخل العمق الإيراني. وعلى مدى العقود الماضية، نفذ الجهاز سلسلة من العمليات الاستخباراتية التي أذهلت العالم بجرأتها ودقتها. من أبرز هذه العمليات ومنها على سبيل المثال:

*هجوم ستكسنت (2010): تعاون الموساد مع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية لتطوير فيروس “ستكسنت”، الذي استهدف منشآت نووية إيرانية في نطنز . الفيروس تسبب في تدمير مئات أجهزة الطرد المركزي، مما أخر برنامج إيران النووي لسنوات.

*اغتيال علماء نوويين (2010-2020): يُعتقد أن الموساد نفذ عمليات اغتيال استهدفت علماء نوويين إيرانيين بارزين، بما في ذلك محسن فخري زاده، الذي قُتل عام 2020 باستخدام سلاح آلي يعمل عن بُعد، في عملية وُصفت بأنها “مستقبلية”

*هجوم على ميناء الشهيد رجائي (2020): سبق للموساد أن استهدف الميناء نفسه في ايار 2020، حيث أدى هجوم إلكتروني إلى تعطيل أنظمة الكمبيوتر، مما تسبب في فوضى لوجستية استمرت أيامًا. العملية جاءت رداً على محاولة إيرانية لاختراق أنظمة إمدادات المياه الإسرائيلية.

*هجوم خطوط الغاز (2024): في فبراير 2024، نفذ الموساد، بحسب تقارير غربية، هجمات سرية على خطوط أنابيب الغاز الإيرانية، مما تسبب في اضطرابات واسعة في عدة محافظات.

هذه العمليات تُظهر قدرة الموساد على اختراق الأنظمة الأمنية الإيرانية المحصنة، سواء عبر التكنولوجيا السيبرانية أو العمليات الميدانية، مما يجعله خصمًا مخيفًا في الحرب الخفية بين تل أبيب وطهران.

حاليا الانظار جميعها تتجه الى طهران ومما يثير هذا الحادث تساؤلات حول الرد المحتمل. ولان في السابق، اختارت طهران الرد عبر وكلائها في المنطقة أو عبر هجمات إلكترونية مضادة، كما حدث في هجمات على مواقع إسرائيلية حكومية عام 2022. لكن الطبيعة الحساسة لميناء رجائي، الذي يُعد شريانًا اقتصاديًا حيويًا، قد تدفع إيران إلى اتخاذ موقف أكثر حدة وعلى الرغم من أنه لم تعلق إسرائيل رسميًا على الحادث، وهو نهج تقليدي لها في مثل هذه العمليات الخاصة . ولكن تصريحات رئيس الوزراء نتنياهو، التي أشار فيها في وقت سابق إلى القيام بـ “مهمة كبيرة” ضد إيران، تُلمح إلى أن هذه العملية قد تكون جزءًا من استراتيجية أوسع وأشمل.

أن حرب الظل نراها تشتعل وبالأخص مع المفاوضات الإيرانية / الأمريكية التي تجري حاليا حول البرنامج النووي , ويُضيف هذا الحادث فصلًا جديدًا إلى الحرب الخفية فيما بينهما ، حيث تتجاوز المواجهات الحدود التقليدية لتصبح صراعًا تكنولوجيًا معقدًا. والموساد، بقدراته الاستخباراتية والسيبرانية، يثبت مرة أخرى أنه قادر على ضرب أهداف حساسة في قلب إيران و سهولة الوصول إلى أي مكان .

ومن خلال هذه العملية الاستخباراتية الدقيقة والجريئة، تسعى إسرائيل إلى إيصال رسالة استراتيجية واضحة المعالم، غير قابلة للتأويل أو التجاهل، موجهة بشكل مباشر إلى كل من الولايات المتحدة وإيران، وتمتد لتشمل حتى الأطراف الدولية المشاركة في المفاوضات الماراثونية الجارية حول البرنامج النووي الإيراني، وتطوير الصواريخ البالستية، فضلاً عن دعم طهران لشبكة الميليشيات التابعة لها في المنطقة. هذه العملية، ليست مجرد هجوم سيبراني أو تكتيكي، بل هي إعلان صريح عن مكانة إسرائيل كلاعب مركزي لا يمكن تجاوزه في المعادلة الإقليمية والدولية.

والرسالة الإسرائيلية قد تحمل معها كذلك أبعادًا متعددة: أولاً، إلى إيران، تؤكد إسرائيل قدرتها على اختراق أكثر الأهداف الإيرانية تحصينًا وحساسية، مُظهرة تفوقها الاستخباراتي والسيبراني في استهداف البنية التحتية الحيوية مثل موانئ تصدير النفط، التي تُعد شريانًا اقتصاديًا لطهران. هذه الضربة تُحذر إيران من أن أي تصعيد في برنامجها النووي أو أنشطتها الإقليمية سيُقابل بردود أكثر إيلامًا وتدميرًا.

وثانيًا، إلى الولايات المتحدة والقوى الغربية المشاركة في المفاوضات، تُبرز إسرائيل استيائها العميق من أي محاولة لإبرام اتفاق نووي جديد أو تقديم تنازلات لإيران دون إشراك إسرائيل بشكل مباشر أو مراعاة مصالحها الأمنية القومية وتؤكد إسرائيل من خلال هذه العملية أنها ليست مجرد متفرج على طاولة المفاوضات، بل قوة فاعلة تمتلك أدوات الضغط والتأثير . الرسالة واضحة: “نحن في قلب الحدث، نرصد كل خطوة، ونملك القدرة على تعطيل أي ترتيبات لا تأخذ أمننا في الحسبان” العملية تُظهر أن إسرائيل تراقب عن كثب ديناميكيات المحادثات، سواء في فيينا أو في عمان وأي قنوات سرية، وأنها لن تتردد في تصعيد استجابتها إذا شعرت بأن هناك اتفاقات تُعقد على حساب أمنها أو تُهدد توازن القوى في المنطقة.
وعلى المستوى الاستراتيجي، تسعى إسرائيل إلى وضع قواعد جديدة للعبة الدبلوماسية والأمنية. من خلال هذا العرض اللافت للقوة الاستخباراتية، تُحذر تل أبيب من مغبة أي صفقات سرية أو تنازلات غير معلنة قد تُمنح لإيران لتسريع التوصل إلى اتفاق نووي. وإسرائيل تُشدد على أن أمنها القومي خط أحمر، وأن أي اتفاق يتجاهل مخاوفها بشأن البرنامج النووي الإيراني، أو قدرات الصواريخ البالستية، أو دعم المليشيات مثل حزب الله والحوثيين، سيكون عرضة لردود فعل إسرائيلية حاسمة، قد تشمل عمليات أكثر تدميرًا تستهدف البنية التحتية الإيرانية أو حتى أهدافًا استراتيجية أخرى.

وفي هذا السياق، تُظهر العملية أيضًا رسالة إلى المجتمع الدولي بأسره: إسرائيل لن تقبل بأن تكون خارج دائرة اتخاذ القرار، مهما كانت قوة الدول المؤثرة أو تعقيد المفاوضات. والموساد، بقدراته التي أذهلت العالم مرارًا، يُثبت أنه قادر على تغيير المعادلات على الأرض، مما يضع ضغطًا مباشرًا على الأطراف المفاوضة لأخذ تحذيرات إسرائيل على محمل الجد. هذه العملية ليست مجرد ضربة تكتيكية، بل رسالة سياسية وأمنية بعيدة المدى، تؤكد أن إسرائيل ستظل لاعبًا لا يُستهان به، وأن أي محاولة لتهميشها ستُقابل بردود فعل تُغير قواعد اللعبة.

من خلال هذه العملية الاستخباراتية المتقنة، تبعث إسرائيل برسالة استراتيجية حاسمة إلى إيران، الولايات المتحدة، والمجتمع الدولي، مؤكدة أنها لن تُهمل في المفاوضات الجارية حول البرنامج النووي الإيراني، الصواريخ البالستية، ودعم المليشيات. العملية، التي استهدفت ميناء رجائي، تُظهر تفوق الموساد في اختراق الأنظمة الحيوية، محذرة من أن أي اتفاق يتجاهل الأمن القومي الإسرائيلي أو يتضمن تنازلات سرية سيُقابل بردود أكثر إيلامًا. إسرائيل تؤكد: “نحن في قلب الحدث، نراقب كل خطوة، ونملك أدوات التأثير لضمان عدم تهميشنا.

والآن، بينما يترقب العالم ردًا إيرانيًا محتومًا، يتساءل الجميع : هل ستظل هذه الحرب محصورة في الظل والخفاء، أم أننا على أعتاب صراع مفتوح سيُغير قواعد اللعبة بالمنطقة والشرق الاوسط الجديد وإلى الأبد؟

[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات