ندم… حين يصبح الحلم فعل مقاومة

ندم… حين يصبح الحلم فعل مقاومة

بينما كنت أشاهد فيلم ندم في صالة فوماكس ببغداد، وجدت نفسي مشدودًا لصمت الشاشة أكثر من ضجيج العالم من حولها. فيلم بسيط، بلا ميزانيات ضخمة أو نجوم لامعين، لكنه حمل من العمق الإنساني ما يكفي لهزّ قناعات راسخة عن قيمة الفن ودوره في حياة المهمّشين.
ندم ليس مجرد فيلم، بل شهادة حيّة عن واقع العوائل العراقية التي تعيش في أطراف الحياة، حيث الفقر ليس مجرد ضيق حال، بل حالة مستمرة من الخوف والتقييد. في قلب هذا الواقع يولد “نور”، طفل لا يُفترض به أن يحلم، لكنه يفعل. يرى كاميرا، فيراها نافذته إلى العالم، إلى الفن، إلى حياة أخرى.
كثيرًا ما نتحدث عن أهمية دعم السينما العراقية، لكن ندم يقدّم الجواب الأقوى: لا تحتاج السينما إلى دعم فقط، بل إلى من يؤمن أن الحكايات الصادقة، حتى لو كانت صغيرة، قادرة على تغيير وعي أمة. الفيلم أخرجه ريكا البرزنجي خلال 28 يومًا فقط، في أربيل وشقلاوة، لكنه استغرق منّا سنوات من الانتظار كي نرى عملًا بهذا الصدق.
ما شدني أكثر، هو كيف يطرح الفيلم تساؤلات كبرى دون أن يتورط في الخطابة: هل يحق لطفل أن يحلم؟ وهل للحلم مكان في بيئة تخنقه؟ كانت الإجابة في مشهد صامت، في نظرة نور الأخيرة للكاميرا، حيث لا كلمات… بل فقط الأمل.
في زمن تتكدس فيه الشاشات بالسطحية، يأتي ندم ليقول لنا إن السينما ليست ترفًا، بل ضرورة. وإن الحلم في بلد مثل العراق، ليس رفاهية، بل مقاومة.