“الدبلوماسية الإيرانية” تستشرف .. التحديات الإقليمية في حال نجاح المفاوضات أو فشلها

“الدبلوماسية الإيرانية” تستشرف .. التحديات الإقليمية في حال نجاح المفاوضات أو فشلها

خاص: ترجمة- د. محمد بناية:

تحولت المفاوضات “الإيرانية-الأميركية”؛ حول البرنامج النووي والعقوبات الاقتصادية، إلى أحد أهم الموضوعات الجيوسياسية في الشرق الأوسط. ونتائج هذه المفاوضات قد تكون عميقة التأثير على المعادلات الأمنية، والاقتصادية، والسياسية في منطقة الخليج. بحسّب “فاطمة خادم الشيرازي”؛ الباحث والمدرس الجامعي، في مقالها التحليلي المنشور بصحيفة (الدبلوماسية الإيرانية).

وهذا المقال يبحث في التداعيات المحتملة للسيناريوهين الأساسيين؛ وهما الوصول إلى اتفاق وعدم الوصول إلى اتفاق، وتأثير السيناريوهان على الأطراف الإقليمية والدولية.

الوصول إلى اتفاق..

في حال الوصول إلى اتفاق بين “إيران” و”الولايات المتحدة”، سوف نلمّس تراجع ملموس في التوترات الأمنية بالمنطقة.

وهذا التراجع قد يحد من الصراعات العسكرية المباشرة، ويؤدي إلى استقرار نسّبي في المنطقة.

ومن الناحية الاقتصادية؛ سوف يترتب على إلغاء العقوبات عودة “إيران” إلى سوق النفط والغاز العالمي، وهو ما سيصب في صالح الاقتصاد الإيراني، وقد يُساهم أيضًا في استقرار الأسعار العالمية للطاقة.

كذلك قد يتمخض عن هذا الاتفاق بلورة أجواء مناسبة لتحسّين العلاقات الإيرانية نسبيًا مع دول الخليج.

مع هذا ستكون هناك تحديات هامة حتى في حال الوصول إلى اتفاق، وسيكون للدول كالكيان الصهيوني و”المملكة العربية السعودية” رد فعل على أي اتفاق من شأنه تقوية مكانة “إيران” الإقليمية. وربما تُضاعف هذه الدول من صفقات السلاح وتلجأ إلى تقوية تحالفاتها الأمنية.

من جهة أخرى؛ سوف تسّعى القوى الكبرى مثل “الصين وروسيا” للمحافظة على نفوذها بالمنطقة وتطويره.

الفشل في الوصول إلى اتفاق..

سيختلف السيناريو في حالة عدم الاتفاق؛ وقد يؤدي تشديد العقوبات على “إيران” إلى تدهور الوضع الاقتصادي، وزيادة الضغوط الداخلية.

ومن الناحية الأمنية، ربما تشهد منطقة “مضيق هرمز” تصاعدًا في التوترات وتزايدًا في الصراعات بالوكالة في دول مثل “اليمن”.

وفي ضوء هذه الظروف، من المُرجّح أن تُعزّز “الولايات المتحدة” وجودها العسكري في المنطقة، كما ستّسعى الدول العربية في الخليج إلى تعزيز التعاون الأمني مع الغرب.

دور القوى العالمية..

بالوقت نفسه؛ تظل أدوار القوى العالمية مهمة في كلا السيناريوهين. وستسعى “الصين”؛ في كلتا الحالتين، إلى المحافظة على مصالحها الاقتصادية في المنطقة، وقد تستغل الفرص المتاحة لتوسيّع دائرة نفوذها.

بدورها ستُحاول “روسيا”، باعتبارها لاعبًا رئيسًا، إدارة علاقاتها مع “إيران” والدول العربية في نفس الوقت.

أما “الاتحاد الأوروبي”، فسيظل عمليًا متأثرًا بسياسات “الولايات المتحدة”، رغم الرغبة في القيام بدور مستقل.

وتؤثر أزمة “اليمن”؛ كواحدة من أهم الأزمات الإقليمية، بشكلٍ كبير على نتائج هذه المفاوضات. فقد يتقلص الدعم الخارجي لأطراف الصراع؛ (حال التوصل إلى اتفاق)، مما يفتح المجال أمام حوار سياسي. لكن من المُرجّح؛ (حال فشل المفاوضات)، أن تتصاعد حدة الاشتباكات وتتفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد بشكلٍ أعمق.

عامل حاسم بمستقبل الخليج..

من ثم وكتحليل نهائي؛ لا تُمثل المفاوضات بين “إيران” و”الولايات المتحدة” مجرد اتفاق أو خلاف دبلوماسي، بل هي عامل حاسم في تحديد مستقبل استقرار الخليج؛ حيث يمكن للاتفاق فتح نافذة لتخفيف التوترات وتعزيز التعاون الاقتصادي، لكن سيظل التنافس بين “إيران” و”السعودية” وتدخلات القوى الكبرى موجودًا.

من جهة أخرى؛ قد يؤدي عدم التوافق إلى دفع المنطقة نحو التسلح والاستقطاب وأزمات أكثر تعقيدًا.

وفي كلا السيناريوهين، يبرز دور “الصين وروسيا” كلاعبين يستفيدان من الفراغ الناجم عن تراجع النفوذ الغربي.

وعليه؛ لا يعتمد مستقبل الخليج على نتيجة المفاوضات فقط، بل أيضًا على قدرة اللاعبين على إدارة التنافسات وتحويل النزاعات إلى فرص دبلوماسية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة