الذي يراجع أحداث المنطقة يجد ان العقوبات الدولية التي تشهدها الجمهورية الإسلامية قد بدأت فعليا منذ انطلاق “الثورة”، والتي اعترفت إيران أكثر من مرة بتأثيرها على معيشة المواطن من جهة، وعلى طموحاتها الخارجية بأن تكون قوة عالمية فاعلة من جهة أخرى، حيث رسمت طهران منذ أكثر من عشرين عام في وثيقة سُميت “العشرينية”، وأطلق عليها “إيران مطلع 2025″، خططت بموجبها أن تتحول إلى قوة دولية كبيرة، وأن تحتل مراتب متقدمة على مستوى العالم في المجالات الاقتصادية والتكنولوجيا والعسكرية، وأن تصبح رقما صعبا على الخارطة السياسية .
لم تكن التحديات التي اعترضت طهران إلى النهج الذي اتبعته الجمهورية الإسلامية منذ قيامها عام 1979 سهلة كما يتوقع البعض، بل هي صامدة منذ ذلك الحين أمام التحديات الاقتصادية والسياسية والعسكرية والأمنية الرامية إلى إعادتها “ناشئة” ضمن السياق المخطط له في المنطقة، إلا أن إيران تمتلك مصادر قوة حقيقية على المستويين الداخلي والخارجي مكنتها من تحطيم جميع المخططات التي ارادت إعادتها الى ما قبل “الثورة الإسلامية”، الى عهد “سفارة الولايات المتحدة صاحبة القرار في طهران”، الى إيران “شاه الرذيلة والإنحراف” .
التخطيط لإقتصاد يعتمد على المصادر الذاتية دوراً كبيراً في نجاح سياسة إيران، بل تعدى ذلك الى حجم التبادل التجاري الدولي الذي يدر مليارات الدولارات رغم الحصار الاقتصادي الشديد المفروض عليها منذ سنوات، حيث توهنت كبرى دول الشر وَالعدوان أميركا وبريطانيا ان هذا الحصار يضعف قوة طهران ويعجل انهيارها داخلياً .
أما مصادر قوة إيران الخارجية فهي تطل على بحر قزوين من جهة الشمال، وعلى مياه الخليج الذي طالما اختلفت على تسميته الخليج العربي من جهة الجنوب، وأن موقعها الاستراتيجي يؤهلها للعب دور مهم في المنطقة، ولمواجهة تحديات الولايات المتحدة عملت إيران منذ سنوات على إيجاد بدائل شرقية، فوقعت اتفاقيات إستراتيجية طويلة المدى مع كل من روسيا والصين من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وذلك لإحباط ما تصفه طهران بالمشاريع الأممية ضدها .
كما تستند إيران في قوتها الى ترسانة صواريخ فائقة التطور، وتكنولوجيا عسكرية حديثة تسابق الزمن، ناهيك عن التطرق الى برنامجها النووي الذي ارعب العالم بِرمته .
لقد راهن الكثير من الذين اغرتهم سياسة الغرب، على انتصار قوى الشر والرذيلة التي تعمل على “دس السم بالعسل” بهدف تدمير المنطقة وليس الوقوف عند طهران فحسب، مما جعل قوة إيران ان تحطم تلك الرِهانات على صخرة صمود .
وعزز جانب كبير من النصر في المفاوضات الأخيرة تحذير المرشد الأعلى السيد خامنئي للولايات المتحدة: “على اميركا أن تعلم أنها إذا تلاعبت بإيران فسوف تتلقى صفعة قوية”، بعدما حذر دونالد ترامب من “تحرك عسكري محتمل ضد إيران”.
وقال خامنئي من موقع التحدي والأقتدار في خطاب متلفز، “على الأميركيين أن يعرفوا أن التهديدات لن تجدي نفعا في المواجهة مع إيران، يتعين عليهم وعلى آخرين أن يعرفوا أنهم سيتلقون صفعة قوية إذا قاموا بأي تحرك يضر بالبلاد”.
وأخيراً يقولها الشرفاء كلمة حق صادقة، لقد انتصرت إيران في جولتها الاولى وسوف تنتصر في جميع الجولات .