هل تسري احكام قانون حق المؤلف على القوانين والأنظمة؟

هل تسري احكام قانون حق المؤلف على القوانين والأنظمة؟

1. ان غاية تشريع قانون حق المؤلف رقم 3 لسنة 1971 المعدل، وضحتها الأسباب الموجبة لصدوره التي جاء فيها (لوحظ ان ظهور الوسائل الحديثة في الطبع والنشر قد شجع على تزوير الكتاب واللوحة والاسطوانة والفيلم والمصنفات الاخرى وجعل المؤلف هدفا للاعتداء على حقوقه وتجريده من ارباح اتعابه. ولكي يزول هذا الغبن الذي لحق بالمؤلف ولغرض فسح المجال امامه للاستفادة من مصنفاته وتشجيعا لحركة التأليف العلمي والادبي والفني، وتهيئة لفرض التقدم امام المؤلف بشكل يجعله يعيش حياة حرة هانئة)، ومن خلال الأسباب أعلاه تتجلى غاية التشريع في حماية المؤلف من الاعتداء على حقوقه التي تؤدي الى عدم الحصول على أرباح مالية من عوائد بيع مؤلفه الذي كان من خلاصة أفكاره وجهده،
2. تشير تلك الأسباب الموجبة ايضاً، الى ان التشريع يهدف الى ازالة الغبن عن المؤلف من اجل ان يحصل على مورد مالي من طبع وبيع ونشر مؤلفاته، كذلكأوضحت تلك الأسباب هدفاً اخر وهو تشجيع حركة التأليف والتصنيف العلمي والادبي والفني، لذلك اضفى القانون بعض القيود والمنع على نشر وتوزيع تلك المصنفات دون رضا وقبول المؤلف، وفعلاً كان القضاء العراقي قد نظر في عدة دعاوى لمؤلفين على اشخاص قد قاموا بطبع وتوزيع مؤلفاتهم دون الرجوع اليهم،
3. لكن فيما يتعلق بنشر القوانين والأنظمة، فان نشر القانون لم يشمل بالحماية وبنص صريح في المادة (6/3) من قانون حماية حق المؤلف وكان النص فيها (لاتشمل الحماية: ٣مجموعات الوثائق الرسمية كنصوص القوانين والانظمة والاتفاقات الدولية والاحكام القضائية وسائر الوثائق الرسمية. وتتمتع المجموعات سالفة الذكر بالحماية اذا كانت مميزة بسبب يرجع الى الابتكار او الترتيب او اي مجهود شخصي اخر يستحق الحماية) ، ثم تم تعديل النص أعلاه برفع (عبارة لا تشمل الحماية) بموجب امر سلطة الائتلاف المنحلة رقم 83 لسنة 2004، وبذلك أصبحت المصنفات التي وردت في الفقرة (3) من المادة (6) أعلاه مشمولة بالحماية،
4. ماهي تلك المجموعات التي وردت في النص أعلاه،هل هي نص القانون المنفرد مثل نشر قانون العقوبات او قانون الأحوال الشخصية وغير ذلك، الجواب سيكون بالنفي، لان تلك القوانين في الأصل تنفذ من تاريخ صدورها ونشرها في الوقائع العراقية (الجريدة الرسمية) على وفق احكام المادة (1/ثانياً) من قانون النشر في الجريدة الرسمية رقم 789 لسنة 1977 المعدل، بل كان من الواجبات الدستورية نشر القوانين بموجب احكام المادة (129) من الدستور وبذلك فان نشرها ينفي عنها الحماية في تداولها، وخصوصاً انها متاحة للجمهور عبر قاعدة التشريعات والتنظيمات القانونية في موقع مجلس القضاء الأعلى الالكتروني، وكذلك موقع وزارة العدل الالكتروني، والاعداد الورقية للجريدة الرسيمة (الوقائع العراقية)
5. لا يمكن تصور ادعاء شخص ما بانه هو مؤلف هذا القانون، حتى نقول ان حقه في التأليف قد تم الاعتداء عليه من شخص اخر، لان القانون وثيقة عامة تصدر من جهة رسمية، ولا يمكن لاي جهة أخرى ان تصدر مضمون معين بعنوان قانون سوى الجهة الرسمية المختصة بذلك وهو مجلس النواب بموجب المادة (61) من الدستور
6. في الفانون العراقي هناك نص ما زال نافذ ينفي الحماية عن نشر مجموعات القوانين والأنظمة وهو النص الوارد في المادة (3) من الاتفاقية العربية لحماية حقوق المؤلف الصادرة عام 1981 والمصادق عليها بموجب القانون رقم 41 لسنة 1985 الذي ما زال نافذاً وسارياً لغاية الان،

ومع ذلك فان النص المعدل في قانون حق المؤلفالوارد في المادة الفقرة (3) من المادة (6) من قانون حماية حق المؤلف لا يقصد به القانون المفرد او الاتفاقية المفردة وبقية الوثائق التي ورد ذكرها في تلك الفقرة، لان هذه لا يمكن تصور ان يتم سرقةحقوق من أصدرها، حيث لا يمكن اعتماد تسميتها الا اذا انتسبت الى الجهة الرسمية التي أصدرتها،

7. ان الحماية تكون للمجموعات التي يتم بموجبها جمع القوانين وجعلها في مصنف واحد (كتاب) ويتم بيعه، ويكون هذا الكتاب قد تم بجهد شخص من حيث الجمع والتبويب والاشارة الى تعديل تلك النصوص القانونية، حيث تعج مكتباتنا بمجاميع للقوانينسواء التخصصية او العامة، مثال ذلك هناك مجموعة قوانين الشركات ومجموعة قوانين الرياضة والشباب وغيرها، فهذه يتولى شخص ما جمعها ويبذل جهداً في ذلك، ويتم وضع اسمه عليها بعنوان اعداد (س) وقد يكون مواطن عادي او أستاذ جامعي او محامي ومن الممكن ان يكون قاضي،
8. هذه المجموعات هي التي تتمتع بالحماية، ليس لإنهاقوانين وانما باعتبار مجموعها شكل كتاب بذل فيه جهد ودون عليه اسم القائم بهذا الجهد، وتشير الى ذلك الفقرة (2) من المادة (1) من قانون حماية حق المؤلف التي جاء فيها (يعتبر مؤلفها الشخص الذي نشر المصنف منسوبا اليه سواء كان ذلك بذكر اسمه على المصنف او باية طريقة اخرى الا اذا قام الدليل على عكس ذلك ويسري هذا الحكم على الاسم المستعار بشرط الا يقوم ادنى شك في حقيقة شخصية المؤلف) 
9. ومن خلال ما تقدم فان نشر القانون بعنوانه قانون منفرد مثل القانون المدني او قانون العقوبات لا يعتبر خرق لحق الحماية لان ليس له مؤلف معين باسمه الشخصي وحتى لو كان المصنف ينسب الى شخص معنوي، فان هذا المصنف لابد وان يكون عبارة عن جهد جماعي يقوم به عدة اشخاص تحت توجيه مؤسسة او جهة من التي تتمتع بالشخصية المعنوية، ومثال ذلك البحوث والدراسات التي يقدمها الباحثون في المؤتمرات العلمية التي تنظم من قبل الجامعات والكليات وبقية المؤسسات الأخرى، فان تلك البحوث اذا ما تم جمعها في مجموعة واحدة وتصدر عن تلك المؤسسة فانها تعد مصنف جماعي ويشمل باحمايةوعلى وفق احكام المادة (27) من قانون حماية حق المؤلف،
10. قد يرى البعض لابد من توفير الحماية لتلك الوثائق الرسمية ومنها التي ورد ذكرها في الفقرة (3) من المادة (6) من قانون حماية حق المؤلف، لكن الوثائق الرسمية المحمية والتي لا يجوز الاطلاع عليها او تداولها الا باذمن الجهة التي أصدرتها، هي الوثائق التي وردت في المادة (2) من قانون الحفاظ على الوثائق الرسمية رقم 37 لسنة 2016 التي جاء فيها ( اولا- يسري هذا القانون على الوثائق الاتية : أ‌- الوثائق العائدة الى دوائر الدولة والقطاع العام بضمنها : ١ الوثاق الفنية التي تعد من صميم النشاط النوعي المتخصص للدوائر. ٢الوثائق المالية التي تنظم الامور والاوضاع المالية للدوائر. ٣الوثائق الادارية التي تنظم الشؤون والنشاطات الادارية لدوائر الدولة والقطاع العام. ب- الوثائق الأمنية والسياسية و الاقتصادية العائدة الى مؤسسات النظام السابق، ج- وثائق حزب البعث (المنحل ) والمنظمات المدنية المرتبطة به، د- وثائق المحكمة الجنائية العليا هـ- وثائق الاحزاب. و- وثائق وإصدارات منظمات المجتمع المدني القائمة والمنحلة.ز- الأوراق الخاصة بالشخصيات العامة البارزة بعد وفاتها في حالة عدم تركها لوصية تبين كيفية التصرف بها )

وهذه الوثائق المحمية ليس بينها القوانين والأنظمة والاتفاقيات والوثائق الأخرى التي ورد ذكرها في المادة (6/3) من قانون حق المؤلف، مما يعني ان كل وثيقة غير ما تقد\م ذكره هي متاحة للجمهور وله حق الاطلاع عليها وتداولها،

لذلك لا يعتبر نشر القوانين وتعديلاتها او الشروحات المتعلقة بها عملا يتقاطع والحماية الواردة في قانون حق المؤلف، وانما هو من صميم غايات ذلك القانون في تعزيز حركة التأليف العلمي والادبي والفني، والبحث القانوني هو جزء من البحث العلمي.

قاضٍ متقاعد

أحدث المقالات

أحدث المقالات